بقلم/ قاسم الشاوش
كما أن قطرة الماء تعني الحياه فهي كذلك قد تعني الموت ، وقد باتت أخطر الأوبئه التي تفتك بحياة الناس كوباء الكوليرا ومرض فيروس الكبد الوبائي مصدرهما الأساسي المياه الملوثه ، غير أن المياه الملوثه التي تسبب تلك الآفات والأمراض عادة ما تكون مصدرها مياة البحار أو الأنهار والتي تلجأ اليها بعض الدول لتزويد شعوبها بما تحتاجه من المياه سواءً للشرب والاستخدامات المنزليه المختلفه أو للأغراض التجارية والصناعية نظرا لشحة المياه الجوفيه في تلك البلدان ، ولكن بالطبع بعد أقامة محطات معالجة لتلك العمليه كما هو الحال في مصر أو السعوديه ، ففي مصر مثلاً أكتشفت الدولة المصريه أن نهر النيل هو المسبب الأول والأخير لفيروس الكبد (C) الذي يعاني منه ملايين المصريين وقد تنبهت الدوله مؤخراً لهذا الأمر فصبت كل اهتمامها على ضرورة القضاء والتخلص من هذا الفيروس الذي يقتل الشعب من جهة ويكلف الدولة عشرات أن لم يكن مئات الملايين من الدولارات سنويا لشراء الأدويه واللقاحات من جهة اخرى ..

وكذلك الحال بالنسبة للسعوديه التي تفشى في بعض أبنائها وهم- كثر - مرض الفشل الكلوي وايضا فيروس الكبد، وتعتبر المياه الجوفيه أكثر المصادر الصحية والأمنه لتزويد الناس بالمياه ، بيد أن قرب مجرى المصارف الصحيه من شبكة مياة الشرب أو بناء محطات معالجة المياه العادمه بجوار الأبار الجوفيه أو فوق الاحواض المائيه يسبب تلوث لا محالة لتلك الأبار مما يجعل المياه حينها قاتلة وتشكل خطورة على حياة الناس كما هو الحاصل في بلادنا ، ولا أدري ماهي المعايير التي على أساسها قامت الجهات الحكوميه المعنيه بخدمة تزويد الناس بمياة الشرب بأنشاء محطة معالجة الصرف الصحي في منطقة بني حوات تحديدا مع أن لدى تلك المؤسسه الكثير من ابار المياه الجوفيه في تلك المنطقه والمناطق المجاوره لها ؟! وماهي المحاذير كذلك التي وضعتها لتلافي مثل هذه الكارثه ؟ ثم أليس من الواجب أن تقوم المؤسسة بالفحص الدوري والمستمر لأبارها خاصة وأنها قد وجدت أبار تمتلكها ملوثه ، ولديها مختبر يعتبر الافضل تجهيزا وكان من البديهي أن يعمل بالصورة الطبيعية ويكتشف التلوث قبل أن يلحق الضرر بحياة الناس ؟! غير أن المشكلة دائماً تكمن في البشر ؟! وما أعلمه أن المؤسسه المحليه للمياه بأمانة العاصمه تحديدا تملك كوادر مؤهله تأهيل عالي في مجال المختبرات من الجنسين ، ولكن من يملك التزلف والنفاق ومسح الجوخ والانبطاح هو الذي يكسب ولو كان عديم الكفائه والأمانة والمسئوليه ، ولهذا حالنا يرثى له ، وكما يقال النتائج مرتبطه بالمقدمات ، فماذا ننتظر أن يكون حالنا واصحاب الكفاءت والشهادات العليا والخبرات مركونين على الرف ! والمنافقين ومعدومي الضمير هم من يتولى المناصب ليحصدوا المكاسب ، وقد ساقتني الاقدار يوما لعيادة الدكتور محمد سالم نعمان لأسعاف أبنة اخي وهي في عمر الثالثة حيث أصيبت بفيروس الكبد ( A ) وعندما وجدت تلك العيادة التخصصيه لأمراض الكبد مليئة بالمرضى من مختلف الاعمار ولم أجد بد من سؤال الدكتور عن سبب هذا المرض الذي انتشر بهذه الصورة المفجعه ويصيب الكبار والصغار على السواء فكان الجواب يتلخص بكلمة واحده لا أكثر (المياه ).

ووزارة المياة والبيئه التي حظيت بأكبر دعم من مخصصات المنظمات الدوليه لمكافحة وباء الكوليرا أكثر حتى من وزارة الصحة لا تألوا جهدا الحقيقة بتزويد الناس ببوستات ومنشورات توعويه بضرورة النظافه عن طريق رسائل ال SMS للتلفونات المحموله أو عبر الشريط الاعلاني المتحرك في القنوات الفضائيه المحليه مفادها كلوروا ماؤكم ، نظفوا أنفسكم !! وكأن مشكلة الوباء في النظافه ولو كان كذلك كما تتوهم الوزارة لكان عمال النظافة قد انتقلوا الى بارئهم عن بكرة ابيهم من زمان ، المشكلة في الأساس للكوليرا هي المياه الملوثة بسبب المجاري وليس شيئ أخر وقد تأتي القذارة والوساخه كعامل مساعد ..

أن حياة الناس وأرواحهم سواء من مات منهم بالكوليرا أو بقي أمانة معلقة في عنق القائمين على خدمة تغذية الناس بالمياه ، ودور وزارة المياة والبيئه في الحقيقة إلى الآن باهت وغير مسئول ، قال تعالى : ( وقفوهم انهم مسئولون )الصافات أيه

حول الموقع

سام برس