بقلم/ محمد الاحبابي

تجدد الحديث مؤخرا بين الاوساط السياسية وفي وسائل الاعلام العالمية المختلفة عن عودة ظهور أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم ما يعرف بأسم "الدولة الاسلامية بالعراق والشام" أو داعش، بين حدود العراق وسوريا.

وهنا المشهد يطرح العديد من الاسئلة، بعد اختفاء أبو بكر البغدادي لسنوات، قبل أن يتم اعلان مقتله أكثر من مرة ثم يعود للظهور مجددا.

اولا: كيف كانت تتسابق كل من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية على الاعلان عن إنتهاء داعش، بعد إدعاء كل منهما بتدمير التنظيم الارهابي، ومن قبلهم الحرس الثوري الايراني الذى كان أول من اعلن عن إنتهاء تنظيم داعش بفضل جهوده (كما أدعى)، والان وسائل إعلام نفس تلك الدول كانت هي أول من يعلن عن عودة ظهور أبو بكر البغدادي ؟

ثانيا: هل يعقل أن الولايات المتحدة بجيشها وقواتها المتواجدة فى سوريا والعراق (فيوجد أكثر من عشرون ما بين نقطة عسكرية وقاعدة للولايات المتحدة وحدها في شمال سوريا فقط) وروسيا بإستخبارتها المتقدمة جدا، وايران بحرسها الثوري المنتشر في سوريا والعراق كالجراد، بجانب قوات بريطانية وفرنسية واخرى أوروبية بسوريا، بجانب الحضور العسكري التركي الكثيف والذى يتزايد كل يوم سواء في شمال سوريا او شرق العراق، هل يعقل كل هولاء لم يستطيعوا تحديد يوما مكان ابو بكر البغدادي، او تصفية ذلك التنظيم تماما ؟

ثالثا: لماذا في هذا التوقيت تحديدا يظهر فيه أبو بكر البغدادي، بعد تصعيد التوتر في مياة الخليج العربي ثم بدأ حوار هادئ عاقل بين أطراف الازمة برعاية فرنسية ؟ فهل هناك من يريد تمديد مساحة الفوضى من مياة البحر المتوسط غربا حتى مياة الخليج العربي شرقا، أي من الشام وحتى دول الخليج ؟

فيبدو أنه كما ظهر المصطلح الذى أطلقه الاعلام الغربي بعد واقعة تفجير برجي التجارة العالمي بالولايات المتحدة، الا وهو مصطلح "الارهاب الاسلامي" لبدء رسم خريطة الشرق الاوسط الجديد، كذلك ظهر تنظيم داعش لإستكمال باقي تلك الخريطة ومخطط الفوضى الخلاقة، وضرب نموذج الدولة الوطنية، واستبداله بنموذج دول المليشيات والعصابات، كي تتحول دول المنطقة الى ساحات تدريب بين تنظيمات التكفيرية والاصولية الشيعية والسنية، وفي النهاية كل تلك التنظيمات التكفيرية كل أسلحتها مصوبة نحو العرب والمسلمين فقط من غرب أفريقيا حتى أفغانستان، بداية ببوكو حرام بنيجيريا، مرورا بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامى، ثم جماعة التوحيد و الجهاد و جماعة المرابطون بشمال افريقيا، مرورا بجماعة سرايا الدفاع عن بنغازي وأنصار الشريعة في ليبيا، ثم جماعة أنصار بيت المقدس بشبه جزيرة سيناء وصولا لتنظيم داعش في سوريا والعراق.

وأن بحثت عن وصف لتلك التنظيمات الارهابية ايا كان اسمها الاخوان المسلمون أو داعش أو جبهة النصرة ...الخ، فلن أجد أفضل من وصف ما قيل عنْ أَبِي ذَرٍّ عندما قَالَ :"قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي، أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي، قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَلاقِيمَهُمْ، يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لا يَعُودُونَ فِيهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ."

ولا يفوتني ما قيل عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عندما قَالَ : "إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ فَالْزَمُوا الأَرْضَ فَلا تُحَرِّكُوا أَيْدِيَكُمْ، وَ لا أَرْجُلَكُمْ، ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْمٌ ضُعَفَاءُ لا يُؤْبَهُ لَهُمْ، قُلُوبُهُمْ كَزُبَرِ الْحَدِيدِ، هُمْ أَصْحَابُ الدَّوْلَةِ، لا يَفُونَ بِعَهْدٍ وَلا مِيثَاقٍ، يَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِه، أَسْمَاؤُهُمُ الْكُنَى، وَنِسْبَتُهُمُ الْقُرَى، وَشُعُورُهُمْ مُرْخَاةٌ كَشُعُورِ النِّسَاءِ، حَتَّى يَخْتَلِفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْحَقَّ مَنْ يَشَاءُ."


حول الموقع

سام برس