سام برس
اليمن على أبواب انفصالين: الأول بين قطبي التحالف الذي يقاتل لعودة “الشرعية” والثاني بين الشمال والجنوب.. هل كانت “المسيرة المليونية” في عدن المدعومة اماراتيا اعلانا رسميا للطلاق البائن بين السعودية والامارات؟ وهل ستكون الحركة الحوثية هي الفائز الأكبر؟ وكيف؟

نقلاً عن صحيفة رأي اليوم

لا نبالغ اذا قلنا ان المظاهرات “المليونية” التي انطلقت في قلب مدينة عدن تحت عنوان “الوفاء والتقدير لدولة الامارات والدور الذي لعبته خلال الحرب في اليمن”، وبطلب من المجلس الانتقالي المؤقت، ربما كانت الإعلان شبه الرسمي عن الطلاق البائن بين الشريكين في “التحالف العربي” الذي تشكل قبل ما يقرب من خمسة أعوام للقتال، من اجل إعادة الشرعية الى اليمن، كما انها، أي المظاهرة، التي رُفعت خلالها اعلام الامارات جنبا الى جنب مع اعلام الدولة الجنوبية السابقة، وغابت عنها الاعلام السعودية كليا، ربما كانت ايضا تكريسا للانفصال، ومحاولة لإضفاء شرعية أخرى عليه.

الخلافات بين الحليفين الرئيسيين في حرب اليمن، أي السعودية والامارات، تتفاقم وتخرج الى العلن، وتترجم الى حرب بالإنابة بين القوات المدعومة من قبلهما في عدن ومناطق أخرى في الجنوب.

استيلاء قوات الحزام الأمني المدعومة والمسلحة من قبل الامارات على قصر المعاشيق، وجميع المراكز الأمنية والعسكرية في عدن يوم العاشر من شهر أب (أغسطس) الماضي، كان المسمار الأخير في نعش هذا التحالف، مثلما يرى الكثير من المراقبين، حتى ان السيد احمد المسيري، وزير الداخلية في الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، تحلى بجرعة غير مسبوقة من الجرأة والشجاعة عندما بارك للإمارات بهذا الانتصار، ووجه انتقادات شرسة غير مسبوقة للحليف السعودي عندما اتهمه “بالصمت والتخاذل لمدة أربعة أيام امام شريكهم في التحالف (الامارات) وهو يذبحهم من الوريد الى الوريد”.

مؤتمر الحوار في جدة الذي دعت الى عقده القيادة السعودية والتأم بحضور ممثلين عن المجلس الانتقالي وحكومة الرئيس هادي، وممثل عن دولة الامارات، لم يتوصل الى أي حلول للازمة في عدن وبما ينزع فتيل التوتر فيها، وترددت انباء بأن ممثل الامارات وأعضاء وفد المجلس الانتقالي الانفصالي رفضوا شروطا سعودية بإعادة تسليم قصر المعاشيق والمراكز الأمنية والعسكرية الى الحكومة الشرعية كشرط قبل توقيع أي اتفاق للمصالحة.

البيان السعودي الذي صدر منتصف الليلة قبل الماضية، ونقلته وكالة الانباء الرسمية “واس” عكس غضبا سعوديا غير مسبوق، لأنه تضمن رفضا صريحا لاي محاولة تريد فرض واقع جديد بالقوة في عدن، وعبر عن اسفه لـ”حدوث فتنة بين الاشقاء”، مشددا “على ان أي محاولة لزعزعة الاستقرار في اليمن بمثابة تهديد لأمن واستقرار المملكة”.
الترجمة العملية لهذا البيان تعني ان المملكة ستتخذ إجراءات عملية، وربما عسكرية، لانهاء سيطرة المجلس الانتقالي وقواته على مدنية عدن ومؤسساتها، وإعادة هذه المدينة ومطارها ومؤسساتها الى حكومة الرئيس هادي في حال فشل حوار جدة في تحقيق هذا الهدف، مما يعزز احتمالات حدوث مواجهة مباشرة بين القوات السعودية والاماراتية.

حركة “انصار الله” الحوثية وحلفاؤها يراقبون هذا الصراع عن كثب، وهم يفركون اياديهم فرحا في الوقت نفسه، لأنه يحول الأنظار عنها، ويخفف الضغوط عليها، وربما يؤدي الى تعزيز مكانتها ليس في الشمال، وانما بعض المناطق الجنوبية أيضا، ولو في الحدود الدنيا على الأقل.

ولعل اعتراف الولايات المتحدة بها، أي انصار الله وحلفائها، والاعلان رسميا من قبل إدارة الرئيس ترامب عن فتح حوار رسمي معها عبر دبلوماسيين امريكان كطرف رئيسي في الصراع اليمني لا يمكن تجاهله في السلم او الحرب.

كيف سيتطور هذا الخلاف السعودي الاماراتي في الأسابيع والاشهر المقبلة فهذا امر لا يمكن التنبؤ به، وما يمكن قوله الآن، وعلى ضوء التطورات في عدن، ان شرخ الانفصال اتسع وبات من الصعب جسره او ترميمه، ونحن نتحدث هنا عن الانفصال بين الشريكين الرئيسين في التحالف المتآكل أولا، والانفصال الجنوبي عن اليمن بدعم اماراتي.. والله اعلم.

“راي اليوم”

حول الموقع

سام برس