بقلم/ طه العامري
فاجعة أخرى تنزل علينا كالصاعقة يومنا هذا الجمعة ، ففي الوقت الذي كنا فيه مأسورين بفاجعة رحيل الأب والأخ والصديق عبد الرزاق درهم العامري ، فجعنا اليوم برحيل الأخ والصديق ( اللدود) الشيخ جازم محمد غالب العامري في أحدى مستشفيات تعز.

خبر رحيله نزل علي كالصاعقة رغم إيماني بقضاء الله وقدره إلا أني كنت أعشم نفسي بأني سالقاه يوما ماء على هذه الدنياء ..لم يكن الراحل شخصية عادية بل كان رجلا جبل بكل الصفات الإنسانية النبيلة ، مؤمنا كان ، شجاعا ، صادقا ، بارا بكل من حوله ، خدوما ، يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة ..تخاصمنا معه واختلفنا ، ولكن تخاصمنا بشرف واختلفنا برجولة ، تواجهنا معا في الأقسام والنيابات وشغلنا معا ذات يوم مؤغل السلطات المحلية في محافظة تعز بكاملها بل وصلت حكايتنا معا يؤمها أعلى هرم السلطة السياسية والأمنية ، وكان كل ذلك من أجل المصلحة العامة وليس من أجل مصالحنا الخاصة .

تحلى الراحل بكل الصفات الإنسانية إلا صفة واحدة تميز بها رحمة الله تفشاه وهي ( الاعتداد برايه وحين يتخذ قرار لا يسمع ولا يكترث برأي أحد من حوله ) وكانت هذه الميزة هي سبب اختلافنا وتخاصمنا معه رحمة الله تغشاه ..لم نختلف معه لكونه ( إصلاحي ) ولم يكن الراحل جازم في الإصلاح بل كان الإصلاح في جازم وأقصد الإصلاح النقي والصادق المؤمن والغير ملوث سياسيا أو الباحث عن ذاته وأن على أنقاض الآخرين ..!!

كان جازم ينتمي لأولئك الرجال الصادقين الذين لا يخذلون قومهم ، وكان من أولئك الرجال الذين أفنوا حياتهم من أجل وطنهم وفي سبيل أبناء وطنهم كلا في نطاقه وفي دائرة تواجده وحيث يحط رحاله ، حين كان شابا يافعاً في صنعاء حمل بندقيته وانخرط في المقاومة الشعبية دفاعا عن صنعاء مثله مثل بقية شباب ورجال اليمن يؤمها .

وحين استقرت الأوضاع جد وكافح وكون ثروة ولكنه أنفقها في خدمة الناس .
كثيرون استفادوا من انتمائهم لحزب الإصلاح إلا جازم فقد استفاد الإصلاح منه ولم يفيده بشيء ..لم يكن الراحل جازم محمد غالب العامري من أولئك الرجال الذين يسلموا بمنطق الأمر الواقع ولا ترهبه مظاهر الغطرسة أو سلوكيات المتغطرسين ، بل كان جازم وكان جازما وحاسما في مواقفه ولو كلفه ذلك الكثير ..ضد الانفصال في حرب 1994م كان جازم وكانت مواقفه ، ومع ( ثورة الشباب ) وقف ، وضد (الانقلاب وسلطة الأمر الواقع ) كان ، وكان صادقا في كل مواقفه هذه ولم يكن يتعاطى مع كل هذه الأحداث بمنطق التكتيك السياسي الذي لا تخلوا منه سياسة الحزب الذي ينتمي إليه ، بل كان صادقا وواضحا وبرئيا في مواقفه ولو كان الأخوة في جماعة ( أنصار الله ) يعرفون حقيقة هذا الرجل ودوافعه لما هرولوا للقرية لتفجير داره وهو الفعل الذي أستانا منه جميعا يؤمها وعبرت يؤمها من هذا التصرف في صفحتي على ( الفيسبوك ) ..ومع ذلك فجروا بداره ففتحت الف دار أبوابها للشيخ جازم الذي عاش شامخا كشموخ ( جبل العراقي ) في قريتي ..لم يحني الراحل يوما هاماته بل عاش حرا ومات حرا وهو الذي كان يحلم بالشهادة فأكرمه الله بموت طبيعي حبا فيه وموعظة من الله بأن لا شهداء في قتال الأخوة ..؟!

حقا لم يهزني نباء رحيل صديق أو قريب أو معروف كما هزني رحيل الاب والاخ عبد الرزاق درهم العامري والاخ والصديق والشيخ المناضل جازم محمد غالب العامري اثنان من عمالقة ( قريتي ) ورجالها الاشاوس ترجلوا خلال شهر واحد تقريبا تاركين لنا الحسرات ومفردات القهر تعبث بوجداننا وتسيطر على مشاعرنا ..ربما ما يصبرني في رحيل عبد الرزاق درهم العامري أنني قابلته واستمعت لصوته قبل فاجعة رحيله بفترة وان ليست بالقريبة ، لكني من الراحل الجديد الشيخ جازم منقطع منذ قرابة ست سنوات وهذا يحز في نفسي ويضاعف من عوامل القهر والحسرة في نفسي ..

حقا لا ادري ماذا اقول بحق الراحل ولا اعرف كيف اعبر عن عزائي به ولا كيف انعيه لنفسي ولا بناء قريتي ولكل أبناء مديرية حيفان وكل الوطن ، لذلك اطلب المعذرة والمسامحة سلفا من كل قارئ لهذه التناولة التي سطرت في لحظة ارتباك لم أعيشه إلا يوم وفاة والدي رحمة الله تغشاه ..
عزائي الصادق لكل أولاد الراحل الشيخ جازم محمد غالب العامري ولكل افراد أسرته الكريمة ولكل أبناء الاعمور ولكل اصدقاء ومحبي وزملاء الراحل ..أن لله وان اليه راجعون .

حول الموقع

سام برس