بقلم/ يونس الحكيم

كانت الصين واحدة من الدول الفقيرة جداً وكانت تعاني إنفجارا سكانيا هائلا وإقتصادها ضعيف جدا وكانت أعلى المنتجات الصناعية الرئيسية في البلاد هي الأقمشة والفحم الخام والحبوب والغزل والقطن لغاية العام 1977م غير إنها اليوم أضحت دولة صناعية عملاقة فاقت فرنسا وإنجلترا والمانيا وايطاليا وكندا وغيرها من الدول العريقة في مجال الصناعة والإقتصاد وحسب دراسة جامعة أكسفورد البريطانية عام 1978 وبعد تولي دينج هسياو ينج الأب الروحي للنهضة الحديثة في الصين الحكم في بلاده وطلب من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم الموافقة على التعاقد مع خبير تنمية إدارية وإقتصادية عالمي للنهوض بالواقع الإقتصادي المتردي للصين الشعبية غير ان طلبه قوبل بالرفض سبع مرات فلم يكل أو يمل وفي المرة الثامنة إستطاع إقناعهم بفكرته ووافقت اللجنة على طلبه وشرع شخصيا في مخاطبة عمادة كلية الإدارة والإقتصاد والسياسة في جامعة أكسفورد البريطانية الأولى عالمياً في هذا التخصص وأبلغهم عن رغبة بلاده بالتعاقد مع بروفيسور متخصص بالتنمية الإقتصادية والإدارية للعمل مع حكومة بلاده بصفة مستشار أول على ان يدفع له خمسة أضعاف راتبه الحالي مع إمتيازات إضافية آخرى كتذاكر السفر المجانية ثلاث مرات بالسنة وعطلة 60 يوم في السنة مدفوعة الثمن غير إن جامعة أكسفورد رفضت طلبه لكنه لم ييأس وعاود ثانيةً وعرض عليهم عرضا إضافيا أن يدفع للكلية رواتب الأستاذ للسنة الماضية كلها وافقت العمادة وعملت إعلان ووضعته في لوحة إعلانات الجامعة وتقدم احدهم ووافق على العرض وذهب للصين.

وأمر دينج هسياو ينج وزراء الحكومة الصينية بتنفيذ كل ما يطلبه منهم الخبير وكانت أولى خطواته التحول التدريجي إلى إقتصاد السوق وفتح الباب أمام الإستثمارات الأجنبية وخاصة في مجال الصناعة، وقد حدد الخبير أربع نقاط أساسية لمشروعه مع حكومة الصين وهي:

أولاً -العمل من أجل حكومة نظيفة وأمينة ونزيهة وشافة،ثانياً -تضيق الفجوة الإقتصادية بين شرق وغرب الصين بتبادل الخبرات المتوفرة، ثالثا- العمل على تقليل التضخم بالعملة، رابعاً -قام شخصياً بتدريب الوزراء على الإدارة والقيادة وتعلم الإنكليزية وكلف الوزراء بنقل هذه التجربة إلى موظفي وزاراتهم وبعد ثلاث سنوات من بداية عمله ووضعه خطة إستراتيجية لكل وزارة أخذت تجربته الإصلاحية لإقتصاد الصين تظهر للعيان فبعد خمس سنوات من عمله استطاعت الصين من بلورة مفهوم اقتصاد السوق الاشتراكي وتحديث تسوية عملية ونظرية بين الحفاظ على دور الدولة التدخلي في الاقتصاد من جهة وخلق فضاءات أو جزر اقتصادية ليبرالية متعولمة ومن جهة ثالثة عمل الخبير على ربط الإقتصاد الصيني بالاقتصاد العالمي وتلك التجربة الحديثة سمحت للصين بالاندماج بدون أن تعاني من الزلازل او الضرر الذي يواكب عادة التحول من اقتصاد مغلق إلى اقتصاد متعولم وبدأ الخبير الإصلاح في المناطق الريفية بتدشين نظام الأسر المنتجة ثم واصل عملية الإصلاح في البلاد و طال الإصلاح قطاع الصناعة الذي به استمرت الصين في انفتاحها الاقتصادي وساعد الخبير المذكور الصين بالإنضمام إلى منظمة التجارة العالميةويقول الأستاذ في جامعة بكين لي جانغ كانت المحسوبية والرشوة والسرقة متفشية في الدوائر الحكومية لكن قرار حكيم من المستشار التنموي للصين ويقصد الخبير أدى الى زيادة دخل الموظف كلما زاد حجم الإنتاج وزادت المبيعات وجعل نسبة من الربح تذهب للموظف والعامل والمدير وهذا ما جعل الجميع يفكر بزيادة اﻻنتاجية.

فالقوة الأقتصادية للصين يعود الفضل في ذلك للخبير الاستيراتيجي.

أتدرون من هذا الخبير؟!! إنه الأكاديمي العراقي الياس كوركيس الاستاذ في جامعة اكسفورد البريطانية.

مايبعث على الاساء ويحز في الصدر أن معظم كوادرنا العربية المؤهلة لاتستغل أوطانهم قدراتهم ومواهبهم مما يضطرهم للجؤ لبلاد الغرب والأجانب الذين يتسابقون بالظفر فيهم وتوفير كل إحتياجاتهم ومتطلباتهم ولو كانوا في أوطانهم لكانوا عرضة للتهميش والإقصاء وربما الإغتيال أو السجن وتلفيق التهم،،

حول الموقع

سام برس