بقلم/ طه العامري

تشير كل المعطيات السرية منها والعلنية أن ثمة تفاهم داخلي وإقليمي ودولي يقود ويوجه اليمن نحو الانفصال وأكثر ما يؤكد على هذه الحقيقة هو دور وممارسة وسلوك وخطاب ما يسمى ب ( الشرعية ) التي تقاتل سلطة الأمر الواقع في صنعاء منذ خمس سنوات ليس دفاعا عن الثورة والجمهورية والوحدة والدولة والمؤسسات كما تزعم الشرعية في خطابها بل دفاعا عن المملكة في مواجهة ما يطلق عليه بالخطر الإيراني وبالتالي فإن حل هذه المشكلة مرهون بتفاهم ايراني _ سعودي وهذا قد حدث مؤخرا وان لم يتم الكشف عنه رسميا ؟!
خمس سنوات وما يطلق عليه بقوات التحالف تمارس سياسة ميدانية على الخارطة الوطنية اليمنية هدفها تمزيق النسيج الاجتماعي والتحريض ضد أبناء اليمن ودفعهم للقتال فيما بينهم وتكريس كل قيم الحقد والكراهية فيما بينهم قبليا وحزبيا ومناطقيا ومذهبيا وكل أشكال التحريض مورست ولا تزل فيما بين أبناء الشعب وتحت راي ومسمع ما يسمى بالشرعية التي لم تعترض حتى مجرد اعتراض على هذه الممارسات والهدف طبعا هو الوصول إلى نقطة جوهرية مطلوب الوصول إليها وهي إعادة تقسيم الخارطة الجغرافية اليمنية التي كانت معدة للتقسيم بأسم الأقلمة وقد رفضت الاقلمة من قبل بعض الأطراف الذين وجدوا أنفسهم متضررين من الاقلمة التي تجردهم من مصالحهم وتحرمهم شرعية السيطرة والتحكم وعلى سبيل المثال فإن إقليم ( أزال ) يرى نفسه مهمشا في ظل تطبيق نظام الاقاليم وبالتالي سعى من خلال رموزه وقواه العسكرية والقبلية إلى رفض الفكرة ، التي كانت سببا رئيسيا في تفجير الحرب وجلب العدوان ، لكن ومع إطالة أمد الحرب وتباطؤ أطرافها في حسمها تكشفت العديد من الخيارات الإقليمية والدولية التي اعتمدت سياسة الإقناع الطوعي والتلقائي للانفصال الذي يأتي بعد سنوات الحرب والحصار والجوع والفقر كخيار مقبول شعبيا بعد سنوات الانهاك الشعبي وبعد سلوكيات مورست من قبل البعض وهي سلوكيات طائفية ومناطقية أوصلت غالبية أبناء الشعب إلى قناعة تامة بقبول الانفصال كحل وحيد للخروج من نفق العنف والدمار الذي يكتوي به الشعب شمالا وجنوبا ، فيما الشرعية منهمكة بهموم وأمور أخرى ..؟!

ربما يكون اتفاق الرياض أكثر من يؤكد على توجهنا نحو الانفصال الحتمي غير أن هناك ثمة عوائق تفرض نفسها على من يملكون قرار اليمن ومصيره ، وأبرز هذه العوائق هي ما يتعلق برغبات الأخوة في الجنوب وخاصة ما يتصل برغبات الأخوة في حضرموت وشبوة والمهرة والذين يرفضون فكرة الارتباط بحكومة شطرية عاصمتها عدن يقودها المجلس الانتقالي هذا جانب الجانب الآخر يتعلق بمحافظة تعز التي لم يبلغ مسلسل تطويرها ذروته ، وهناك أمر آخر يتصل بسيطرة المؤاني اليمنية الواقعة على شاطئ البحر الاحمر وهي مؤاني المخاء والحديدة والصليف ورأس عيسى ولمن ستؤل حق السيطرة عليها ؟ وهل يادار من قبل قوى محلية ؟ ام سيتم إبطال إدارتها لشركات أجنبية برعاية أممية ؟!

الأمر الآخر مرتبط بقناعات ورغبات ابرز دول التحالف العاملة على الأرض والتي تعمل على استقطاب الأطراف اليمنية وشراء مواقفهم وولائهم وهذه الدول هي السعودية والإمارات وهما كما يظهران متفاهمتان فيما بينهما وتبدو الامارات وكأنها تابعا للسعودية وليس ندا لها ولكن هذا ما يظهر إعلاميا لكن في الواقع تعكس علاقة البلدين علاقة واشنطن _ لندن وهي علاقة جدلية محكومة بالمصالح ، إلى جانب ذلك هناك تفاهمات إقليمية برعاية دولية تتفهم حاجة دول الإقليم وهما السعودية وإيران والعلاقة بينهما مترابطة ومتداخلة من اليمن إلى الخليج إلى الشام إلى باكستان وبالتالي التفاهم بين الرياض وطهران حتمي وانفصال اليمن هو خيار سعودي إذ أن فشل الرياض في السيطرة على سلطة الأمر الواقع يجعل تقليص نفوذ هذه السلطة خيارا سعوديا استراتيجيا من ناحية ومن الأخرى تسوية العلاقة السعودية الإيرانية وهناك تفاهمات إيرانية _ سعودية على ترتيب المسارات في العراق وسورية ولبنان واليمن والبحرين ، وهي خطوة أقدمت عليها كل من طهران والرياض في محاولة منهما لقطع الطريق أمام تركيا التي بدورها تتواجد في ليبيا والصومال و تحاول تشكيل تكتل يمني سياسي موال لها انطلاقا من محافظة تعز التي تبدو النقطة الأضعف في معادلة الصراع نظرا لغياب فعاليات كارزمية تعزية تستوعب مخاطر المسارات فيما الرمزيات التعزية الفاعلة على المسرح هي أما تابعة لصنعاء أو تابعة لشرعية وهمية تعمل بدورها كتابع للرياض وتحرص على إبقاء مصالحها مع الرياض أكثر مما تبدو في خطابها وكأنها مدافعة عن الثورة والجمهورية والدولة والشرعية ..؟!

الانفصال يمكن القول إنه أصبح واقعيا لا محالة ، لكن الاعلان عنه مرهون بتوافق محاور الإقليم وايضا توافق الأخوة الجنوبيين في خلاصة حتمية تؤكد أن أسوأ طبقة سياسية عرفها اليمن على تاريخه القديم والحديث والمعاصر هي الطبقة السياسية التي برزت خلال العقود الثلاثة الماضية شمالا وجنوبا والتي تدير الشأن اليمني اليوم وهي الطبقة التي ستلاحقها لعنات التاريخ والأجيال إلى يوم الدين ..؟!
يتبع

حول الموقع

سام برس