بقلم/ محمد العزيزي

القيادة و الشخصية القيادية التي تتمتع بالكارزما و الهيبة القيادية و الحكمة التي تجمع الناس حولها و لا تفرقهم تكون نادرة و أعدادها قليلة إن صح التعبير ، و هي بالتأكيد لا تمنح ولا تصنع و لا توزع كهبات ؛ بل هي فطرة و هبة ربانية يتصف بها أشخاص دون عامة الناس كما أن هذه القدرات تختلف من شخص إلى آخر و لا تتجمع أيضا هذه الخوارق و القدرات و الصفات في شخصا واحد ، حكمة ربانية حتى لا تختل الحياة البشرية ، الشخصية القيادية المتطلعة و ذات الملكات النادرة يتمكن من خلالها الشخص من إدارة قدراته و حواسه و إمكانياته العقلية في كيفية التعامل و التصرف في كافة مناحي الحياة و تقييم كل ما يدور من حوله و التعامل معها بسرعة و بديهية .

كما أن لهذه الشخصيات القيادية قبلة و قبول و قدرة في اقناع الناس في تصرفاته و معاملاته مما يجعل الجميع يلتفون حوله و يساندونه و يناصرونه في كل شيء حبا و ثقة بهذه المواقف التي تصدر عن تلك الشخصيات الجمعية و الجامعة.
لم تقتصر هذه القدرات على الرجال فقط ، بل هناك نساء يمنيات ذاع صيتهن في السموات و الأرض و جاء القرآن و الأساطير عنهن و منها. ملكة سبأ التي كانت تحكم الأمة و لها عرش عظم و قومها أشداء ، و الملكة أروى بنت أحمد الصليحي و وووو الخ .

و في زمن ليس ببعيد كانت آمنة بنت علي شمسان و تلقب ب" التوزة " امرأة كانت لها عقلية تزن عقول كل الأكاديميين في الجامعات اليمنية في الإدارة و الإشراف و المتابعة و قدرة فائقة في تأسيس مجتمع حديث و متنور و متعلم و منتج و يتمتع بالقدرة التجارية التي تنهض بدولة و ليس بمجتمع بسيط ، كما أنها كانت تتصف بالحسم و الحزم في القضايا الشائكة بحنكة وثقة بحيث لا يستطع أحد الخروج أو التراجع عن ما تتخذه من قرارات و هنا تكمن قدرة القيادة و تتلخص .

آمنة بنت علي شمسان كانت تعمل بائعة فواكه الفرسك و الرمان و البرتقال و التفاح في مدينة تعز و بالتحديد في الباب الكبير أحد مداخل المدينة القديمة لتعز ، و تجمع البيض و المشاقر من القرى عن طريق أبنائها و نساء أخريات و تبيعها في المدينة ، لم يقتصر الوضع عند هذا الحد بل قامت بفتح محلات تجارية في العطور و المكسرات و البهارات و محلات أخرى ملابس وولت عليها أبنائها و أحفادها و لم تتخلى عن مهنتها وظلت تدير الأمور ببساطة و نباهة.

كانت المحنكة آمنة " التوزة " تشرف على كل الأمور التجارية و حتى تعليم أبنائها و أحفادها و هي غير متعلمة ، لا تقرأ و لا تكتب لكنها تأخذ نتائجهم التعليمية و التجارية ببداهة و فطنة القائد الملهم ، مع أخذ بعض الاستشارات و تسئل عنها أخرين و من يفشل تتخذ ضده الإجراءات العقابية التي تقدرها حتى أصبح أبنائها خريجو جامعات في مجال الطب و التجارة و الهندسة و تجارتها تتوسع سنويا و صيطها ذاع و لمع في كل أرجاء المدينة .

قبل أن تترجل و يأتيها الأجل كونت آمنة ثروة كبيرة جدا و جيلا متسلحا بالعلم و تجارة لم تتوقف و تنتشر و بشكل متنامي و صارت مثلا لكل الأسر اليمنية و في يوم تشيعها خرجت المدينة عن بكرت أبيها خلف جنازتها و الجميع يتسابقون لحمل جنازتها .

و في السياسة القريبة أيضا و للمقارنة و المقاربة بين آمنة و آمنة آخر ، فقد سلمت السلطة في 27 فبراير 2012 م من الرئيس السابق على صالح لخلفه المنتخب بدون منافسين عبدربه منصور هادي و قال صالح : " اسلم السلطة و علم الجمهورية إلى أيادي آمنة و هو الزميل و الخلف عبدربه منصور " .. لكن آمنة بنت منصور هادي لم تكن كمثيلاتها الأوامن فلم تحافظ على ما تسلمته و لا حافظت على موجودات الدولة بل دمرتها و أخلت بالأمن و الاستقرار و جعلت البلاد داهج " شذر مذر " و كانت النتجة كما هي الآن لا تخفى على أحد و لا تحتاج للشرح و التفسير .

و الحقيقة أن الزعامة و الحنكة و البديهية القيادية في القائد و رجل القيادة لا تمنح و لا تصنع بل هي قدرات و مواهب يتمتع بها أشخاص نادرون و المثل اليمني الحكيم كان أكثر حصافة و توصيف حين قال " ما آمنة مثل آمنة " و هنا يتجل الحال ما بين آمنة بنت السروري مثل آمنة بنت هادي ، فالأولى كانت تتمتع الزعامة و الحكمة و القيادية و استطاعت بناء مجتمعا متماسك يبني و يطور ، و الأخرى آمنة بنت هادي دمرت و نسفت كل شيء و لم تستطع عمل شيء يشرفها و قومها و ظلت جاثمة غارقة في النوم و تركت شعب و قدراته عرضة للاعتداء و المهانة و القتل و الحرب و الفساد و العبث دون حياء أو خجل أو قليل من وازع في الضمير و الدين أو حتى في الإنسانية ، فتلك آمنة و تلك الخائنة ، و سلامتكم .

حول الموقع

سام برس