سام برس
أجرى الحوار ..اسامه الذاري

نظراً لاهمية الحوار الذي اجراه الزميل اسامة الذاري مع الشاعر جازم سيف والذي تطرق فيه الى المشهد الثقافي والنقدي وسلط فيه الضؤ على عدد من قضايا الساعة المرتيطة بالقراءة والشعر ووالابداع والتحرر من الجمود ، رأينا في صحيفة " سام برس" اعادة نشر المقابلة لتعميم الفائدة للقارئ والمتابع والمتخصص الكريم

ورغم أنه من الجيل التسعيني، لكنه لم يصدر ديواناً شعرياً حتى اللحظة، عن أسباب ذلك يقول الشاعر جازم سيف بأنه “لا يعرف”، ويستدرك بأن نصوصه مبعثرة وبحاجة للبحث عنها، وهو مشروع مستقبلي.

كما يبدو..جازم سيف الشاعر الذي يتحدث في هذا الحوار الذي أجري معه بشكل مفاجئ عن كثير من قضايا المشهد الثقافي، على وجه التحديد المشهدين النقدي والشعري، وعن الملتقيات النقدية التي وصفها ب”منتديات التعارف”..قائلاً بأن الإبداع فعل فردي يخضع للكثير من المتغيرات..فإلى تفاصيل الحوار...

^^.. جازم سيف يقدم قصيدته المكثفة شعرياً، ودلالياً..لماذا هذا الاتجاه إلى هذا الشعر الذي يقول أكثر بأقل حيز؟

أشعر بأنه لا يوجد وقت للقراءة في بيئتنا الثقافية بالتحديد، وما أكتبه من قصائد يساعد على القراءة للنص، والتحرر من الملل..


^^.. لمن يكتب جازم سيف القصيدة؟

في الغالب أنا اكتب لي وحدي بالدرجة الأولى، ولا أستحضر القارىء خلال كتابتي أو استحضر الجمهور..لأن هذا يشكل قيد على القصيدة، ولا يحررها...


^^.. لم تصدر ديواناً شعرياً حتى اللحظة لماذا؟
أنا نفسي لا أعرف لماذا لم أصدر إلى الآن ديواناً شعرياً حقيقة. لكننا اتفقنا مع زملاء بإصدار عمل مشترك، وكان هناك مبادرة من الزملاء بجمع كتاباتي لإصدار ديوان,ولم يحدث هذا إلى الآن، تطاردني كثير من الأفكار حول هذه المسألة، وأتمنى أن ترى النور في وقتِ قريب...


^^.. المشهد الثقافي اليمني كيف تقرأه الآن؟

أنا أعتقد أنه مشروع مبشر لأن كل المشاريع عندنا مشاريع حلم. المشهد الشعري في بداية تشكله، الرواية عبارة عن حلم كذلك القصة القصيرة، فنحن كيمنيين أحلامنا مؤجلة على كافة المستويات الإبداعية..فهي لا تخرج عن إطار كونها محاولات..


^^.. بالنسبة للقصيدة الجديدة..كيف تجدها يمنياً؟

القصيدة اليمنية تأثرت بالسياقات العالمية خصوصاً قصيدة النثر، وقد جاءت القصيدة الحديثة بأشكال جديدة، ولكن كيف تتشكل قصيدة النثر؟؟ كل مبدع يشكلها بطريقته، فهي تحرر من الالتزامات، لكني لا أتصور شكلاً محدداً للقصيدة على الأقل في المستوى الشكلي الذي يتجدد حسب الرؤى للمبدعين,فقصيدة النثر في بلادنا الآن يجب أن يحصل لها عملية تبيئة واستنبات بحيث أنها تصبح قصيدة تحمل في داخلها وتفاعلاتها التفاعلات الإنسانية بشكل عام، فهي تتأثر بالعالم وتعيد صياغة هذا التأثر بخصوصية تميزها,وهذا ما يحتاجه المشهد الإبداعي اليمني.

في اليمن هناك من استطاع أن يبني هذا الاستنبات مثل محمد الشيباني، نبيل سبيع، محيي الدين جرمه، فتحي أبو النصر...

^^.. ومن من الجيل الحالي؟

جيل الشباب لا أعتقد أن هناك من تميز بهذا الشكل..

فالجيل الجديد لم يحقق حضوره كما يفترض، وما يكتب عبارة عن محاكاة لقصيدة النثر في العالم، وحتى هذه المحاكاة غير ناضج.

نحن نعتبرها مرحلة أولى، لتتفاعل مع الأنساق الأدبية، لذلك قصيدة النثر الشبابية بحاجة لأن تكون بنت بيئتها..

^^.. كم من الوقت يحتاج الجيل هذا ليتجاوز هذا التقيد بالتقليد أو المحاكاة؟

ذلك يعتمد على تبعات التحولات ماذا يمكن أن يحدث في اليمن على مستوى الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، فقصيدة النثر هي بنت التحولات على مستوى المكان على مستوى الممارسات على مستوى العلاقات السياسية، وهي ترتبط بالدمقرطة والتحولات الثقافية أيضاً.

^^.. على المستوى الشخصي ما الذي حققه جازم سيف منذ بداية كتابته الشعرية إلى الآن؟

لا أستطيع أن أقول إنني حققت شيئاً فكل ما كتبته كان كتابة شخصية بحتة قدمت لي أكثر مما قدمته للآخرين، فأنا لا أستطيع أن أقول إنني حققت شيئاً مهماً. لأني أؤمن أن أجمل القصائد هي تلك التي لم نقرأها بعد,وأجمل قصيدة هي تلك التي نفكر في كتابتها.

^^.. منذ البداية إلى الآن ما الذي تغير في رؤيتك للشعر؟

جميل هذا السؤال.. فعلاً حدثت هناك تغيرات في هذه الرؤية فأنا الآن أحاول التخفف من الهم السياسي الذي كان يثقل بداياتي .لأن اهتمامي بالسياسة جعل رؤيتي للشعر تسير في صالح هذه الرؤية، لكن قراءتي للفلسفة جعلتني أتخلص من هذا العبء الكبير واتجه نحو الإبداع. لأن الإبداع فضاءاته مفتوحة، على عكس السياسة,التي تحشرك في واقعٍ مغلق، فالشعر الآن يقدم رؤى وتصورات للعالم,في حين عزفت السياسة عن تقديم إجابات للأسئلة المهمة .

^^.. هناك من يتعامل مع الشعر باعتباره بياناً سياسياً؟

أنا واحد ممن كانوا يحملون الشعر الرؤية السياسية، وممن وقعوا في هذا المأزق فلا نحمل الشعر الفعل السياسي لأن لشعر ليس بياناً سياسياً فهذا يضر بالشعر..ويجيره.

لا مانع أن يكون هناك نوع من الالتزام بالسياسة ضمن سياقات إبداعية مختلفة، ويتم فيها التحرر من الفجاجة ,لأن هذا يأخذ الشعر إلى وظيفة غير وظيفة الشعر فوظيفة الشعر هي البحث عن مكنونات الخيال عن الفكرة عن الإبداع بشكل عام,وهناك علاقة عبر التاريخ بين الشعر والسياسة لكننا لا نريد أن يكون هناك تماه بينهما، فالشعر يجب أن يبقى على مسافة من السياسة، ويحتفظ بتميزه الخاص...

^^.. وكيف تجد العلاقة بين الشاعر والسياسي؟

يمكن أن يكون كل شاعر سياسي لكن ليس بالضرورة أن يكون كل سياسي شاعراً، فالشعر كائن محلق أدواته الخيال والإبداع، والصيرورة والتأمل، والمعرفة، والحفر، فالشعر يعتمد على الحفر، وكما قال الشاعر الراحل محمود درويش كل قصيدة هي عبارة عن بحث كتابي)، وهذا البحث يحتاج أحياناً إلى بعد شخصي,فالقصيدة الشعرية لا تعتمد على قوالب جاهزة بل هي عبارة عن إعادة تسيير وإنتاج الوضع القائم,فالقصيدة الجديدة تحتاج إلى حفر من نوع آخر تحتاج إضافات جديدة. تحتاج
إلى الخيال.

^^.. ما رأيك في المقولة التي تتردد بشدة أن العصر الآن عصر الرواية؟


هناك تفاعل كبير بين الشعر والرواية,فهما يشتركان معاً مع الأدب برمته، وبأنساقه وتفاعلاته، وعناصره المختلفة في إنتاج فضاءات وآفاق جديدة للحياة.

^^.. ما رأيك في المسابقات الشعرية؟

المسابقات الشعرية لا تؤسس لشيء جديد..فالشعر لا يأتي عبر مسابقات، لأن الشعر إنجاز إبداعي حر وليس بارزاً مهمته أن يقف عند من يدفع أكثر، فالشعر والأدب والإبداع دائماً ما يكون بمعزل عن الحسابات المالية، لأن الشعر لا يعرف الطبقات والمسابقات الشعرية تؤسس لمثل هذا الأمر، فالشعر ملكة إبداعية تتحقق بذاتها ولا تحتاج إلى مسابقات...

^^.. وبالنسبة للجوائز التي تأتي تحت مسميات عدة؟

جميل أن تكون هناك جوائز للشعر. المهم أن تكون بعيدة عن التسييس. هناك ملوك ورؤساء في العالم يخصصون جوائز، وهذا شيء جيد لكن شرط أن يخلو الأمر من التسييس، والمفترض أن يكون الحضور للإبداع عنها لا غير. لأن أحيانا ما تكون الجائزة عبئاً على صاحبها وهذه واحدة من المشكلات فالشاعر يفترض منه أن يتحرر من كل القيود فالجائزة قد تكون قيدا يعيق حركة المبدع، لأنه سيكون على الشاعر أن يعلن موقفاً سياسياً ما، ربما لا يريده لكن حضور الجائزة يشكل ضغطاً على الشاعر فيتبنى أحياناً ما لا يؤمن به.

^^.. هناك حركات أو ملتقيات وتجمعات نقدية مثل (نلتقي أمسا) كيف تجد هذه الملتقيات؟، وهل تساعد مثل هذه الملتقيات على إحياء المشهد النقدي وما الذي يمكن أن تقدمه؟


هذه الأسماء هي أسماء، وشعارات مختلفة، والملتقيات هي عبارة عن أماكن للتعارف...

الإبداع هو عمل فردي خاص يعتمد على الفردانية، ولا يوجد ملتقى محدد يعول عليه.لكن ممكن أن تطرح رؤى وتصورات في مثل هذه الملتقيات، لكنها بشكلها الحالي ليست سوى أندية للتعارف لا أكثر ولا أقل، وللأسف أن هذه الملتقيات عبارة عن إعلانات فقط، فنحن العرب أكثر الناس إطلاقاً للمسميات لكن لم نفعل هذه المسميات,فقط مجرد مسميات كبيرة وأحلام كبيرة لا تتحقق على أرض الواقع..فالإنسان حين يلد تكون هناك إرهاصات للولادة، ونحن نريد أن نلد مشهداً دفعة واحدة، وهذه واحدة من مشاكلنا. إن كان هذا على مستوى السياسة، أو الأدب، أو غيره من المجالات التي نلفها بمسميات كبيرة ولا ننتج شيئاً بعدها.

^^.. هل هناك سؤال كنت تتوقعه لم نسأله؟

نعم هو حول قولبة الشعر فالشعر لا يحتاج لقوالب لأن الشعر هو الحياة لكي يكتب المرء قصيدته عليه أن يدنو من واقعه أتمنى أن تكون القصيدة والشعر أقرب إلى الواقع وعدم التعالي بمعنى أن يكون معبراً عن حياة الناس. فلكي تكتب قصيدة لابد أن تزور أكثر من مدينة وأن تقترب من المكان فالشعر هو الذي يخلق التفاعلات الاجتماعية والثقافية..فه

لكي يكتب المرء قصيدته عليه أن يدنو من واقعه أتمنى أن تكون القصيدة والشعر أقرب إلى الواقع وعدم التعالي بمعنى أن يكون معبراً عن حياة الناس. فلكي تكتب قصيدة لابد أن تزور أكثر من مدينة وأن تقترب من المكان فالشعر هو الذي يخلق التفاعلات الاجتماعية والثقافية..فهو هو ابن الرحلة. وبالضرورة ابن الحياة. ....

أجرى الحوار ..اسامه الذاري

حول الموقع

سام برس