بقلم/ عبدالباري عطوان

ترامب يلعب بالنار ويحرض أنصاره على تفجير “فتنة” عرقية وايديولوجية في أمريكا.. هل سيقود بلاده الى الانهيار والحرب الاهلية؟ وما هي أوجه الشبه بينه ونتنياهو وبعض الحكام العرب؟ وكيف نرى المستقبل؟

ما يفعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه الأيام بالتحريض ضد النظام الديمقراطي في بلاده ومطالبة المتظاهرين “المسلحين” من أنصاره بالنزول الى الشوارع ضد حكام ولاياتهم لكسر حالة الحجر المنزلي واغلاق الاقتصاد لتقليص اخطار وباء كورونا، نقول ان ما يفعله الرئيس الأمريكي غير مسبوق ليس في تاريخ الولايات المتحدة فقط، وانما العالم الديمقراطي الغربي برمته.

فعندما يصرح ترامب على “التويتر” مطالبا أنصاره العنصريين البيض قائلا “حرروا ميتشغان.. حرروا مينيسوتا.. حرروا فيرجينا” وهي الولايات الثلاث التي يحكمها ديمقراطيون، فهذه دعوة صريحة للفتنة، وبذر بذور الحرب الاهلية في بلد يعتبر غابة سلاح.
هذه الولايات الثلاث التي يحرض ترامب انصاره للنزول الى الشوارع للتظاهر فيها تشكل قاعدة المنافسة الانتخابية القوية له في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، وتوجد فيها نسبة عالية من المصابين بوباء كورونا.

خطورة هذا التحريض على التظاهر لا تقتصر على تهديد الامن والنظام في هذه الولايات وغيرها، وانما أيضا يمكن ان تؤدي الى توسيع قاعدة انتشار “الفيروس” وخلق حالة من الفوضى.

ربما يجادل البعض، ومن انصار ترامب تحديدا، بأن التظاهر حق ديمقراطي مشروع يكفله الدستور الأمريكي، وهذا صحيح، ولكن ان يحرض الرئيس، ومن منطلقات عنصرية مغلفة بدوافع اقتصادية فهذا دعوة الى الكارثة، فليس هناك اسهل من ان تتحول مظاهرة سلمية الى أخرى عنيفة تتخللها مصادمات مسلحة في بلد محتقن ومقسم عنصريا وعرقيا ينتظر عود الثقاب فاذا انفجرت هذه المظاهرات، وهناك امثلة عديدة سابقة، لا توجد أي ضمانات بإمكانية السيطرة عليها، خاصة في ظل الظروف الحالية.

عدد الوفيات في أمريكا وصل الى حوالي ثلاثة آلاف حالة يوميا ويقترب العدد الإجمالي من 40 الفا، و”يبشر” ترامب مواطنيه يأن العدد قد يصل قريبا الى 65 الفا، واذا واصل الرئيس الأمريكي تحديه لآراء الخبراء والعلماء الذين يؤيدون استمرار الحجر المنزلي والاغلاق الاقتصادي، في ظل وجود نظام صحي مضعضع وملئ بالثقوب الاستراتيجية، فأن ترامب يلعب بالنار فعلا، ويمكن ان يقود البلاد الى حريق شامل مثلما قال جاي انسلي حاكم واشنطن قبل يومين.

اثنان يتحديان النظام الديمقراطي في بلديهما، ويحرضان على العصيان المدني اذا لم يستمرا في قمة السلطة، الأول هو الأمريكي ترامب، والثاني صديقه الحميم بنيامين نتنياهو، ولسان حالهما يقول اما ان نبقى في الحكم او نحرق البلد.

هناك من يصف ترامب بأنه قد يكون “غورباتشوف” أمريكا، لان الثاني، وبسبب سياسة ” البيريسترويكا”، او الانفتاح، نجح في تدمير الاتحاد السوفييتي، ومن غير المستبعد ان يقوم ترامب بالدور نفسه من خلال اشعال فتيل الحرب الاهلية، المستندة الى القنبلة العرقية، والتمييز بين العرق الرأسمالي اليميني الأبيض، وباقي الأعراق الأخرى التي تقف أيديولوجيا في الخندق المقابل لترامب.
***
ترامب يقدم الوظائف، وتغول سلطة المال ورجال الاعمال على كل العوامل والاعتبارات الإنسانية الاخرى، ولن يتردد في جر بلاده، وربما العالم بأسره الى الدمار اذا سارت الرياح بعكس ما تشتهي سفنه، وتراجعت فرص فوزه بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. انه سيناريو مرعب بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى قد يكتمل نصابه بإنضمام بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا، ونتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ترامب ديكتاتور عربي ولكن بشعر اشقر، ولهذا لا يجد محبين ومؤيدين، خوفا او قناعة، الا في منطقتنا العربية، ولكن مع فارق أساسي ان حكام الولايات الامريكية الذين يعارضونه منتخبون من قواعدهم الشعبية، والسلاح في أمريكا في ايدي الجميع دون استثناء.. والله اعلم.

نقلاً عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس