بقلم/ معاذ القرشي
تستمر الاطراف اليمنية المتحاربة في افشال أي خطوة نحو السلام رغم فداحة الاوضاع التي انتجتها الحرب الدائرة منذ ست سنوات والتي اكلت الاخضر واليابس

شعبنا الذي يعاني في كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية هو الذي يدفع الفاتورة الباهظة لهذه الحرب العبثية وليست الاطراف التي تسببت بالحرب وتستمر فيها وللأسف كل طرف من الاطراف المتحاربة يدافع عن استمرار الحرب بمبررات ما انزل الله بها من سلطان والغرض من ذلك بقاء نزيف الدم اليمني وتعقيد حياة اليمنيين وحرمانهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي

نستطيع ان نقول ان شعبنا كان وسيظل مع خيار السلام فنتاج ست سنوات من الحرب انتج وضع كارثي مجاعات وامراض وجرحى ومشردين وفاقدين لفرص العمل وتوقف حركة التنمية واهدار للثروات المحلية ونسف للنسيج الاجتماعي اليمني وتسيد الافكار الظلامية وسيطرة اصحاب المشاريع التأمرية القائمة على نبش الماضي واثارة النعرات المناطقيه والمذهبية بين ابناء الوطن الواحد

وهو الامر الذي يتطلب ان تستيقظ ضمائر الاطراف المتحاربة ان تبقى لهم ضمائر حية ويوقفوا هذه الحرب العبثية من خلال السماح لرياح السلام ان تهب وتخلص شعبنا من هذا الجحيم

الشعوب التي راهنت على الحرب لم تكن الحرب الا وبالا عليها وعلى حاضرها ومستقبلها والشعوب التي رفضت الاحتكام للسلاح ورفضت الحروب الاهلية وراهنت على الحوار استطاعت ان تخرج من عنق الزجاجة وتبني وتعمر بعرق جبين كل ابناء الشعب

ينبغي ان يرتفع صوت اليمنيين واليمنيات عاليا ويكون مسموعا للمتحاربين بضرورة وقف الحرب والاتجاه الى بناء جسور التواصل وتعزيز وبناء عوامل الثقة بين المتحاربين للوصول الى المصالحة الوطنية التي لا تستثني احد

نسمع عن المصالحة الوطنية في ادبيات هذا الطرف او في تصريحات مسؤول ما في الطرف الاخر لكنها مجرد عبارات قادمة من عقول ماكرة وليست خارجة من قلب وعقل حريص على اليمن وامنه واستقراره

اذا اردت مصالحة وطنية حقا ينبغي ان توجد الارضية المشتركة للمصالحة الوطنية من خلال ايقاف الاتهامات للأخر وتقديم خطاب متوازن يجمع ولا يشتت خطاب يقوم على الاعتراف بكل الاخطاء التي ارتكبت والسير في خطوات لبناء الثقة اهمها الافراج عن معتقلين واسرى هذه الحرب الملعونة وهو امر مطلوب من كل الاطراف اما ان تدعوا للمصالحة بنزق وعقلية المنتصر الذي يفرض الشروط فلن يسمع احد لما تقول فكل ما تقوله عن المصالحة الوطنية دون ان يسبقها كل ما ذكر هو مجرد استعراض فارغ ومفهوم للطرف الاخر ولشعبنا ولن يتفاعل معه احد مهما لبس قفازات الحرص على اليمن وامنه واستقراره

الشجعان وحدهم من يتصالحوا ليس من اجل مصالح الجماعات المتحاربة وانما من اجل المصلحة الوطنية العليا لوقف نزيف الدم اليمني ووقف المشاريع المشبوهة التي وجدت في صراع اليمنيين وحروبهم فرصة للتآمر على مصالحنا وثرواتنا وامننا القومي ووحدتنا الوطنية

اذا هرب شقيقك من ظلمك للجيران ليحموه من ظلمك فعليك ان توقف ظلمك لشقيقك اولا بعدها شجع شقيقك ان يترك الجيران من خلال بعث رسائل التطمين بأنك قد تغيرت وانك مستعد لإرجاع الحقوق التي سلبتها علية عندها يمكن ان يعود شقيقك وتعالجوا كل ما حصل ويكون الحل يمني خالص بعيدا من تأثير الدول الشقيقة والصديقة

المصالحة الوطنية في اليمن خيار شعبي

وعلى الجماعات المتحاربة ان تصغي لخيار شعبنا ورغبته في سلام شامل يوقف نزيف الدم اليمني ويعالج الجراح المفتوحة وعلينا ان نعترف ان كل الاطراف ساهمت في ما حصل ويحصل في اليمن وعليها ان تتقي الله في شعبها وان تقدم مصلحة اليمن قبل مصلحة الحزب او الجماعة او الفرد ويكفي ما حصل

الشجعان وحدهم من يوقفوا هدير المدافع فلا يوجد منتصر في الحروب الاهلية الجميع مهزوم المنتصر ومن سيخلد اسمه بأحرف من نور هو من سيقود اليمن الى سلام شامل عبر مصالحة وطنية لا تستثني احد

ان اكثر ما يعيق حل قضيتنا اليمنية هو غياب الدور الشعبي في اقناع المتحاربين بمأساوية وكارثية ما انتجته سنوات ست من الحرب العبثية ونقولها نيابة عن شعبنا ان الحرب ليست قدرا مفروضا على شعبنا من السماء ويجب ان تتوقف وعلى شعبنا التعبير عن رفض الحرب والمطالبة بوقفها واهمية المصالحة الوطنية بكل الوسائل الممكنة في كل المحافظات اليمنية فلا يصفق للحرب الا تجار حرب يستثمر وا دماء شعبنا لمصالحهم الشخصية

هذا الشعب يمتلك من الارادة ومن الصبر ومن التفاني ومن الاخلاص ما يجعله قادرا على بناء كل ما دمرته حرب الست السنوات ولا يطلب المستحيل لا يريد الا ان تصحوا ضمائر المتحاربين في السلطة الشرعية و جماعة الحوثي لوقف هذه الحرب العبثية وان يراهنوا على الحوار اليمني اليمني واشاعة عوامل بناء الثقة بين الطرفين من خلال الحوار الذي يقود لمصالحة وطنية لا تستثني احد

ان الدول مشغولة بكيف تحمي شعوبها من جائحة فيروس كورونا واليمن ليست بعيدة من هذا الوباء الذي لا يزال العالم يجني اثارة المباشرة وغير المباشرة

فلن يساعدنا احد اذا لم نساعد انفسنا

ثقافة التخندق في صفوف المتحاربين والتشجيع على ا للاستمرار في الحرب حصد ارواح شعبنا ودمر اقتصاده الوطني وترك الباب مفتوحا لدخول جماعات تدعمها دول لها ثأر مع شعبنا وعملت ولا تزال تعمل على سرقة ثرواتنا والسيطرة على جزرنا اليمنية وسرقة ثروتنا السمكية وتهريب الآثار اليمنية والمتاجرة بها خارج اليمن

ربما تكون المصالحة الوطنية بعيدة في ظل تعقيدات القضية اليمنية وتأثيرات الدول عليها وتصلب الاطراف وتشدد مواقفها الا انها غير مستحيلة و تظل خيار شعبي قبل ان تكون بوابة خلاص للجماعات المتحاربة وعلى كل القوى الوطنية اليمنية وقادة الراي والمفكرين والمثقفين والقضاة والمحامين والمعلمين الالتفاف وحشد الجميع حول فكرة المصالحة الوطنية والضغط على المتحاربين للوصول اليها كخيار وحيد لاستعادة الدولة الوطنية واستعادة العمل بالدستور والقوانين والحرية والديمقراطية وحرية الصحافة والتنافس بين جميع الاحزاب والمكونات عبر الطريق الديمقراطي من خلال صناديق الانتخابات فالشعب مالك السلطة ومصدرها لا المليشيات ولا الاحزاب ولا الجماعات المسلحة ذات الأيدولوجيات المختلفة .

حول الموقع

سام برس