بقلم/عبد الحليم سيف

لم أصدق حتى الساعة، أن روح الدكتور يحيي يحيي البابلي، صعدت إلى باريها صباح هذا اليوم الأربعاء في صنعاء 2020/6/3 ..ولأن الموت حق علينا، فإن الدكتور يحيي البابلي ذاك الإنسان الجميل والأخ الطيب ، والصديق النبيل، والإداري المحنك، والخبير الوطني والعربي والدولي في مجال تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية..وقبل ذلك النقابي العريق.. كان لحضوره بيننا وقع خاص ومؤثر وجذاب يبعث الأمل والتفاؤل والبهجة في النفوس..ويشع روح المحبة والإيثار والعطاء بدون من أو ادعاء ...وبمواقفه الوطنية والمهنية والإنسانية والإدارية كان البابلي بحق أنموذجا رائعا لا يمكن تجاوزه..

كان أستاذا مرموقا تعلم كل من عمل تحت إدارته قيم الإخلاص والتفاني والدقة والاتقان والنزاهة والأمانة وحب العمل.. هكذا عرفته منذ بدء علاقتي به في صنعاء عام 1983م..وكما خبره زملاؤه ورفاقه ..مازلت مثلا لا حصرا أتذكر في مؤتمر الأطباء والصيادلة اليمنيين في النصف الثاني من الثمانينيات المنعقد في قاعة المركز الثقافي بصنعاء كيف أجمع عليه المشاركون بدون إستثناء..

أكرر بدون إستثناء ومن مختلف الاجيال والتخصصات فاختاروه نقيبا لهم.. ومازال كل من حضر تلك التظاهرة الرائعة يتذكر كيف حمله زملاؤه على الأعناق وهم يهتفون البابلي.. النقيب.. النقيب ..في مشهد مؤثر عميق الدلالة..يجسد المكانة التي احتلها الدكتور يحيي في قلوب زملاء المهنة..ولا أبالغ إن قلت أن نقابة الأطباء والصيادلة اليمنيين في ظل قيادته مع ثلة من أعضاء الهيئة الإدارية أو المكتب التنفيذي وفروع النقابة في صنعاء وتعز وإب والحديدة وغيرها تعيش في العقد الثمانيني أزهى مراحلها الذهبية..بفعاليات ثقافية متنوعة ومتعددة غنية ومفيدة..

وكنا في صحيفة الثورة نغطي كافة أنشطة الجمعية بمختلف أشكال فنون التحرير الصحفي .. ونحث بقية النقابات والاتحادات الإبداعية والجماهيرية على الاقتداء بنقابة الأطباء والصيادلة التي انحازت للمهنة ورسخت روح الزمالة بين أبنائها بكل جدارة واستحقاق.

أكتب هذه الأسطر العجلى والمكلومة ، وأنا كغيري حزين لرحيل الصديق الوفي الدكتور يحيي يحيي البابلي ..وإذا كان الموت قد غيبه عنا في لحظات عصيبة ومؤلمة - تحولت فيها اليمن إلى مأتم بفعل الأوبئة المميتة وعلى رأسها سيء الذكر والسمعة فيروس كورونا المستجد.(كوفيد19)-، فإن روحه الجميلة ستبقى بجناحيها محلقة ترفرف بيننا في كل وقت وحين.

وفي نهاية هذه المرثية في وداع الصديق يحيي البابلي ، أردد بعض أبيات للشاعرة فدوى طوقان :

“ذهب الذين نحبهم
رحلوا وما ألقت مراسيها مراكبهم ولا
مسحت حدود المرفأ النائي عيون الراحلين
أوّاه يا وطني الحزين
كم ذا شربت وكم شربنا
في مهرجانات الأسى والموت كاسات العصير المرّ
لا أنت ارتويت ولا ارتوينا
إنّا سبقى ظامئين ”.

لروحك السلام أيها البابلي الذهبي وإنا لفراقك لمحزونون.

حول الموقع

سام برس