بقلم/جميل مفرِّح
فرت العجوز الدميمة (بريطانيا) من الاتحاد الأوروبي مهرولة باتجاه الشرق وتحديداً المنطقة العربية، لاستدراك ما يمكن استدراكه من التحالفات والمستعمرات القديمة في الشرق الأوسط..

المنطقة التي كانت قد غدت طبقاً شهياً أو كأساً لذيذةً على مائدة الجيرل فريند (أمريكا)..

لم تضيع هذه العجوز وقتاً لتدرك ذلك، فقررت أن تترك دار المسنين العجزة (أوروبا) في الغرب وراء ظهرها ومضت تتسلل، بسرعة فائقة وببراعة اللص الرشيق، إلى الشرق وإدارة ملفات المنطقة، والتأثير المباشر وغير المباشر في مجمل الأحداث والفوضى التي يشهدها الحاضر هنا..

ولا أخطئ حين أقول أن في مقدمة تلك الملفات ملف اليمن.. فسرعان ما طوحت العجوز بأذيالها في مستعمراتها الخليجية القديمة والحديثة؛ لتفجر الوضع في اليمن وتنتزع شخصية المبعوث الأممي وتستحوذ على اللجنة المتخصصة بملف اليمن في مجلس الأمن، وغير ذلك من التفاصيل الأخرى.

ثم لتعود الدميمة وتلتقط أنفاسها بعد أن عوضت سريعاً تأخرها، وتبدأ بجدولة أعمالها في خريطة الشرق الأوسط، ورسم واقعه، وتحديد أدوارها الخفية والظاهرة في كل ملف من ملفات المنطقة..

من جهة أخرى فإنه لا يكاد يخفى التسابق بين (العجوز الدميمة) والـ(جيرل فريند) في التخطيط والتكتيك لكل استراتيجيات المنطقة؛ بما في ذلك استراتيجيات التقاتل والحروب والأزمات الدائرة هنا وهناك.. إلى جانب ملفات النفط والثروات وبيع الأسلحة وطرق التجارة ومنافذ المياه، وغير ذلك من الملفات والقضايا ذات البعد الاستراتيجي والاستعماري أيضاً..

وبطبيعة الحال والملاحظة، لا يختلف عن ذلك التسابق الذي صار ظاهراً، تسابق آخر بذات الأبعاد ولذات الأهداف، وهو التسابق في التسلح والتمكن من كل جغرافيا المنطقة وأنظمتها ومواقعها الاستراتيجية..

وللعلم فإن العلاقة الكائنة بين هاتين الشقراوين النهمتين والشرستين، فيما يخص رسم الاستراتيجيات والأهداف في المنطقة، ليست علاقة توافق مطلق، كما تبدو في ظاهر الأمر، وإنما تحاولان الحفاظ على مسافة معقولة بينهما، تغليباً لمصالحهما المشتركة، وإن كان ذلك بصعوبة..

وهذا، بطبيعة الحال، لن يدوم طويلاً، لن يستمر حتى تبلغ العجوز أجلها، أو يتم اغتيال الجيرل فريند أمام إحدى الحانات الليلية.. لا بد أن تلتقيا في حفلة رأس السنة وتشد كل منهما شعر الأخرى..

ستتحول الحفلة الصاخبة يوماً ما إلى مأتم كبير.. ولا بد حينها من أن يبعث المشرقيون السمر، من أجداثهم، حفاةً عراةً، ليكونوا ضمن المعزين والمواسين.

gamofarreh@gmail.com

حول الموقع

سام برس