بقلم/محمود كامل الكومى

منذ ستة شهور يجتاح العالم وباء ,لا يعرف له مصل من دواء إلى الآن- وجُنَ ليل الفيروس يصيب ,دون أن يفرق بين دولة من المافيا وات ولا دولة تُستباح - وتساوى الأفراد في الإصابات ,فالكل سواء بلا تفرقة بين من كروشهم متدلية وبين من هم بطونهم خواء.

ولقد أراده الله آية من آياته , لعل الغَنِى يدرك أنه طالما هناك فقير ,فذلك تأكيد على أن غنياً قد سرقة ,وأن سياج المال لن يكون عاصم من كوافر الفيروس – ولعل الدول التي عاثت فساداً تنهب اقتصاديات الصغار ,وتسعر في أرضها النار ,أن ترتعد وترجع عن غيها وتؤوب إلى الصراط المستقيم ,حين تجد أراضيها مرتع خصب للوباء.

وكان المنطق والعقل وطبائع الأشياء , يجعل الكل يخضع ويحنى الجباه لقوة الخالق وإرادته أملا أن يَمُن على البشرية بالدواء الذي ينهى الداء أو العلاج الذي يجابه الوباء.
لكن الجنوح والجموح والتسلط على الكون وما أتاته وعصاباتهم من كنوز ما إن مفاتحه لتنوء , بدت لا تبالي بوعيد رب الكون ,فصارت مافيا الدول الكبرى وحكامها تستزيد ثراء على حساب الاتجار بمعاناة البشر والإنسانية , فتخرب الديار , وتحاصر الشطئان وتشعل النيران

ولقد تمثل الشيطان وتقمص دوره بإتقان هذا السكير والسمسار المريب (ترامب)الذي خرج مؤخراً من مقبرته في البيت الأبيض بعد حصار من ثوار الغضب ضد عنصريته - ب(قانون قيصر) مستهدفا تجويع الشعبين اللبناني والسوري, فلم يكفيه التدمير وإشعال النار من جانب الأكراد وجذب الإرهاب للترويع وأرد وجان وإسرائيل إلى الساحة السورية التي تواجه على مدار السنين هذا الأفك المبين , فلم تردعه كورونا ولا ثورة السود ضد عنصريته ,فكان قانون (قيصر) من أجل غايته وصهيونيته. وعسى أن تواجه سوريا الحصار بفك الطلاسم بين أمريكا وحكام العار العربان , أملة في الشعوب أن تقصر عمر كل حاكم يتجاوب مع الحصار , وترفع أكف الضراعة بأن تقضى كورونا على كل القوى التي تحكم الإمبريالية الأمريكية .

لم يرتعد لا القيصر الروسي ولا السلطان العثماني ورغماً عن الفيروس يتقاسمون ثروة الشعب الليبي – والتاج البريطاني والإمبريالية الأمريكية , والصهيونية العالمية ,لا يرون دور للحكام العرب في حل أزماتهم ,وإطفاء النار المستعرة في محيط عالمهم العربي ووديانه .

وعلى مدار التاريخ كانت مصر هبة النيل , وجعلها جمال عبد الناصر مع السد العالي دُرة النيل ,فصارت على وقع كامب ديفيد مهددة بشح المياه وسد النهضة يحجب الحياة , ولا حل إلا أذا ارتوى الكيان الصهيوني , كما قرر بيجين والسادات وصار على النهج من آتوا إلى الآن .

وبدلا من الخضوع والخشوع للرحمن من أجل أن يرتوي الإنسان العربي بماء الحياة , صارت كورونا تعكس النسيان , و تعامى عن مغزاها ومرماها وجاهروا بمحياها , المافيا ومن يحكم العملاء.

كان على الشعوب وهى تجابه الوباء ,أن تتوحد من أجل القضاء على الداء وأن تخضع الحكام أو تزيل غيهم وبغيهم , وعلى أقل القليل أن تعيدهم إلى رشدهم ليدركوا مغزى كورونا والابتهال لله من أجل أن يمن علينا با نقشاع الوباء.

لكن المتنبي رآها منذ مئات السنين وأدرك أن " مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُه.. تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ",وبالفعل صارت الشعوب تستجيب لغبار الفيروس وشيزوفرينيا الفلوس, وأنتشر الأعلام ومافيا الفضائيات الكل ينفخ الغبار ,فعكر العقول وجعلها تلف وتدور - فالكل فى خلاف وشيزوفرينيا الآراء والمواقف تواجه الجالس والواقف .

الناس فى ركض تتخبط وتفقد البوصلة وتختلف على الأبجديات , وصار 1+1=كل فرد له ما يريد أن يحسب ما يساويه - ويبقى فى مصر أن الكثير قد تعامى عن ما يروى ظمأه هل هو نهر النيل أم نهر مجارى القاذورات؟ – والبعض يصدق أن سد النهضة من تلقاء نفسه سينهار ! ورغم أن الواقع قد تقرر 1977 إلا أنه لا أحد يدرى أن طريقة قد رسم منذ هذا التاريخ , ولم يدر الغالبية العظمى ماذا تفعل إسرائيل , وماذا يُجبر على ما يفعله حكام الخليج لتعطيش المصريين ؟

والى الآن لم ندر أن سورية كانت رمانة الميزان , وأن عبد الناصر كان فى اليمن لتكون نقطة الوثوب على الحبشة لحظة تهديد مصب النيل .

ولم يطرح أحد على نفسه هذا السؤال لماذا أيدنا تدمير ليبيا من جامعة الدول العربية من القاهرة؟والآن نتباكى على تهديد أمن مصر الغربي !

وقبل الكل لماذا تكاثرنا على العراق رغم خطأ صدام ؟!

وتبقى الطامة الكبرى هذه اللامبالاة !رغم التراجيديا السوداء التي تبتلع فيها إسرائيل القدس والضفة الغربية !
وحوار المد والجذر والرغى فى الفاضى والمليان دون أن نتعالى لنوقف فيروس الصهيونية اللعين – وما زال الاختلاف وانتهاك الثوابت والخنوع لتأثير المخدرات الإعلامية وإدمانها بالاستجابة إلى الكلام ل تثبط الهمم ومزيد من الاختلاف والخلاف والإسفاف ليتدنى الكل إلى المنحدر قبل الهاوية – وكأن ما من أحد قد سمع صوت أم كلثوم يصدح بشعر حافظ إبراهيم

نحن نجتاز موقفاً تعثر الآراء
فيه وعثرة الرأي تردى
فقفوا فيه وقفة حزم
وارسوا جانبيه بعزم المستعد.
لا يبقى لنا إلا الدعاء اللهم ارفع عنا البلاء ( بلاء اختلافنا حتى على عدونا)و الوباء ( وباء كورونا ووباء الصهيونية)

*كاتب ومحامى - مصرى

حول الموقع

سام برس