الدكتور / علي أحمد الديلمي
أهتمام المملكة العربية السعودية باليمن بدأ منذ مطلع العشرينيات وذلك بمحاولات أحتواء القبائل اليمنية الكثيرة المنتشرة في الحدود وبناء علاقات قويه معها من أجل تأمين حدود ها مع اليمن كما أن ألاهتمام السعودي باليمن له أسباب مختلفه مثل الموقع الإستراتيجي لليمن وأشرافه على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي وهي البوابة الرئيسية لتصدير النفط إلي العالم .

كما أن اليمن وبمساحته الجغرافية وكتلته البشرية يعد عمقاً وامتداداً أمنياً وسياسياً للسعوديه و لدول الخليج وأي توتر أمني وعدم استقرار في اليمن يؤثر بالضرورة في أمن واستقرار السعوديه ودول الخليج .

وتنطلق السياسة السعودية تجاه الجمهورية اليمنية من مجموعة من المحددات التي تشكل توجهات ومنطلقات للسياسة السعودية في اليمن إذ تمثل اليمن بالنسبة للمملكة العربية السعودية العمق الاستراتيجي والأمني ونظرا للتقارب الجغرافي والثقافي والامتداد التاريخي بين اليمن والسعودية وما تمثله اليمن من أهمية بالنسبة للسعودية فان الأخيرة تنطلق في توجهاتها تجاه اليمن من مقولة أن أمن اليمن من أمن المملكة وأن تطور الأحداث في الساحة اليمنية ينعكس وبشكل مباشر على السعودية ومن هذه المنطلقات تسعى المملكة العربية السعودية إلى التأثير في القرار اليمني بما يتلاءم مع سياستها وبما يخدم مصالحها لذلك فإنها تسعى بكل ما أوتيت من قوة لان تأثر في القرار اليمني وباستخدام كافة الوسائل الممكنة وكان أخر هذه الوسائل هي التدخل في اليمن عبر الأداة العسكرية حيث كانت في السابق تستخدم التغلغل داخل النظام السياسي اليمني من خلال الارتباط ببعض الشخصيات القبلية والتنظيمات السياسية والدينية سواء داخل السلطة أو المعارضة ويعود الاهتمام السعودي باليمن لعده أسباب أهمها أن اليمن يعتبر الفناء الخلفي للسعودية لذلك من الطبيعي أن تتأثر السعودية بالإحداث الداخلية وعدم الاستقرار فيه نتيجة القرب الجغرافي بين البلدين .


أن أهم ألاهداف لتدخل السعوديين في اليمن هو في عدم تمكين أيران من ألتواجد في اليمن ومن المؤكد اليوم أن الحوثيين لم يعودوا وحدهم فهم يقاتلون ضمن محور أوسع تديره إيران فحجم الخطاب الإعلامي الإيراني المؤيد للحوثين واضح وكبير وأعترافهم السياسي بجماعة الحوثي من خلال قبولهم بتعيين سفير جديد يمثل سلطة الحوثيين يفسر رغبة إيران في احتواء التأثير الجيوسياسي للمملكة العربية السعودية ومن المرجح أن تواصل إيران العمل كقوة معاكسة ضد أي تقارب حوثي سعودي من أجل السلام في اليمن وستظل أيران تدعو إلى إنشاء شكل متعدد الأطراف يعالج مصالحها في اليمن كما أن أيران لديها قلق إضافي إزاء الدور القيادي للمملكة العربية السعودية في عملية السلام في اليمن عندما أدانت طهران اتفاقية الرياض بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي باعتبارها صفقة تعزز "الاحتلال السعودي لليمن"
وتتحرك إيران في توجهاتها تجاه الجمهورية اليمنية من عده منطلقات وأهداف تسعى إلى تحقيقها وذلك تحقيقا لأهدافها الكبرى على المستوى الإقليمي فإيران التي تدرك أهمية الموقع الجغرافي اليمني والذي يمثل مكسب بالنسبة لها من عده جوانب

الأول من حيث كون اليمن تملك موقع يجعلها تتحكم بالملاحة البحرية الدولية من خلال أطلالها على البحرين العربي والأحمر وسيطرتها على باب المندب ذات الأهمية الإستراتيجية بالنسبة للسياسات الدولية والذي تسعى إيران لان يكون لها موطئ قدم في البحر الأحمر وخاصة في باب المندب للسيطرة على المضايق الإستراتيجية ولكي يكون لها تواجد تحسبا لأي حرب .

والثاني أن اليمن تمثل العمق الاستراتيجي بالنسبة للسعودية المنافس ألأكبر واللدود لإيران وبالتالي فان تواجد إيران في الناحية الجنوبية للسعودية عن طريق الحوثيين يمثل مكسب لإيران تظل تهدد وتستفز به المملكة وقد تساوم به للتواجد في منطقة أخرى


وفي محاولة منه لنقل الأفضلية التي حققها في اليمن عبر الحوثيين إلى طاولة الدبلوماسية طرح الرئيس الأيراني روحاني خلال الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحده ما وصفه بـ"مبادرة هرمز للسلام" أو "تحالف الأمل " بهدف تحقيق التقدم والرخاء وتأسيس علاقات ودية وإطلاق عمل جماعي لتأمين إمدادات الطاقة وحرية الملاحة والتي وعد من خلالها بضمان أمن نقل الطاقة من قبل بلدان المنطقة.

مع أن إيران وعبر مبادرتها هذه تستهدف طرح تحالف بديل لذلك الذي تسعى واشنطن لتشكيله في منطقة الخليج في خطوة لضمان مكتسباتها المتعلقة بــ"الهلال الشيعي" والتي حققتها في كل من سوريا والعراق.

من الواضح أن إيران تلجأ هنا لتغيير تكتيكها وإنشاء تحالف واحد ضد تهديدات مشتركة لكل حلفائها .

هناك أطروحتان حول اليمن تتصدران من جديد المرحلة التي تم التوصل إليها إما الحفاظ على وحدة اليمن أو انقسامه إلى قسمين. في الوقت الذي تدافع فيه الرياض عن بقاء اليمن واحدة فيما تتحدث الولايات المتحدة وإيران عن احتمال ثالث ألا وهو اليمن الكبير .

أظهرت القيادة السعودية الحالية حسماً أكبر في التعامل مع المسألة اليمنية بالمقارنة مع مسائل أخرى مهمة في السياسة الخارجية للسعوديه مثل الشأنَين السوري والعراقي وحتي الليبي لكن يبدو واضحاً أن الهدف الأقصى من الحرب التي تقودها السعودية هو عدم وجود أي نفوذ أيراني في اليمن حتى الأهداف الرسمية التي يعلنها المتحدّث باسم الجيش السعودي عبر وسائل الإعلام العالمية تغيّرت.

لايزال الهدف المعلَن الأساسي للسعودية دعم هادي في موقع الرئاسة وتثبيت سيطرته على كامل البلاد لكن يبدو أن المملكة لم تعد تتمسك بشرعية هادي بسبب أن هادي وحكومتة أصبحت عائق ومشكله للرياض أكثر من كونها مصلحه و تسعى السعوديه الآن إلى نشوء دولة في اليمن موحّدة نوعاً ما تستوعب الحوثيين وألمجلس الانتقالي الجنوبي في الجنوب وكل المكونات اليمنيه المؤثرة من أجل تحقيق السلام والخروج من الحرب من خلال المشاورات المكثفة مع كل الأطراف القويه والمؤثرة مثل ماحدث مؤخراً في الرياض مع المجلس الأنتقالي الجنوبي وألتي أدت إلي تفعيل ألية تنفيذ أتفاق الرياض لأنهاء الصراع بين الشرعيه والمجلس الأنتقالي الجنوبي كما أن أستمرار المشاورات السعوديه مع الحوثيين تعني أن الطرفين بدءا في التفكير بشكل جدي في بلورة مصالح مشتركة وتجاوز الصراع الذي استمر بينهما لأعوام هو مصلحه مشتركه في ألاتجاه الصحيح

إن أستمرار هذه الحرب والاضطرابات السياسية التي تعيشها اليمن وانتشار اضطرابات عنيفة في أجزاء عدة من البلاد تدق ناقوس الخطر وتعزز حجم الكارثة التي تعيشها اليمن في ظل التنافس الإقليمي وحروب الوكالة التي ستكون نتائجها كارثيه علي كل دول المنطقة

ومن أجل أن تكون الدولة اليمنية القادمة دعامه أساسيه للأستقرار في المنطقة فلا بد من العمل على الحل والاتفاق السياسي باعتباره السبيل الأفضل للخروج من مأزق هذه الحرب وتقديمه كبديل للمخاطر المحتملةالتي تهدد مصالح السعوديه ودول الجوار

أن الوقع السياسي في اليمن اليوم أصبح مفتت وقائم علي أرتكازات مناطقية وطائفية ومذهبية يمكن أن تؤدي إلي مزيد من الصراعات والانقسامات والاختلافات السياسية والتحالفات التي تتغير بين ليلة وضحاها وستكون أثارها مخيفه إذا ماتم الاستمرار في دعمها وتغذيتها ليس على اليمن فقط وإنما عبر الحدود

السعوديين اليوم بحاجه إلي أدوات سياسية جديدة للتعامل مع اليمن من أجل تحقيق سلام شامل وخروجها من حرب اليمن بما يضمن لها تأمين حدودها وأمنها وعلاقاتها المستقبليه مع اليمن

أن السعوديه عن طريق السلام تستطيع تحقيق جميع أهدافها في اليمن وطريق السلام يحتاج  الي إرادة قوية  وإدارك كبير لطبيعة المصالح والأهداف .

وفي الختام فإن الموقف السعودي من تدخلات أيران في اليمن و دعوتها للتهدئة في اليمن كان الرد السعودي عليها أكثر وضوحا في أهميه اليمن بالنسبة للسعوديه حيث قال الجبير: وزير الدوله للشئون الخارجيه السعودي "المملكة لم ولن تتحدث عن اليمن مع النظام الإيراني، فاليمن شأن اليمنيين بكافة مكوناتهم وسبب أزمة اليمن هو الدور الإيراني".

ووصف الجبير النظام في إيران بأنه "مارق"، مشيرا إلى أن "آخر مايريده هذا النظام في إيران هو التهدئة والسلام في اليمن". متسائلا عن سبب عدم تقديم طهران مساعدات لليمن بدلا من جلب الأسلحة.

في الختام هل تستمر أيران في الاستفادة من تورط منافستها السعودية في كارثة باهظة الثمن باليمن أم تتمكن السعوديه من الخروج من المأزق اليمني وتحقيق السلام الشامل والحد من النفوذ الإيراني في اليمن .

حول الموقع

سام برس