بقلم/ د.علي أحمد الديلمي

تتشكل ثقافة جديده في اليمن ومن الصعب التخلص منها والتعامل معها وأصبحت القوي السياسية والأحزاب في اليمن تبتعد عن التمثيل المشترك .

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوه ماهي ألاشياء المشتركة التي تجمع كل اليمنيين ؟

قبل الاجابه على هذا السؤال

إن مايحدث في بلادنا من تأسيس نظام عصبوي قائم على المناطقية والعرقية والمذهبية وغيرها فهذا يبني جيش وكل عصبيه تبني جيشها الخاص والحرب مستمره بين الجميع بسبب هذه السياسات البعيده عن جوهر المشكلة الحقيقيه وهي عندما يتم التركيز على مطالب جميع اليمنيين تجد أنها مطالب موحده لكن هذا المطالب تضيع في ظل نمو العصبيات ولأن العصبيات تمتلك المال والجيش والسلطة تمكنت من تمزيق المجتمع وفرقت الناس وجعلت إنتمائهم إلي عصبياتهم أقوي من ألانتماء إلي الوطن الواحد .

نجحت العصبيات في تدمير النظام المشترك بين جميع اليمنيين وأصبح النظام قائم على الدفاع عن القضايا المناطقية والعصبويه من جميع القوي السياسيه والحزبيه وتشهد اليمن اليوم في ظل الحرب وغياب سلطة الدولة الواحدة إلي أكبر إنقسام سياسي ومناطقي وأجتماعي ومذهبي .

تاريخ اليمن مثقل بالصراعات القائمة على الغلبه فالصراع المللكي الجمهوري أستمر من بعد ثورة 26 سبتمبر وحتي قيام الوحده اليمنيه في عام 1990 وكل ذلك الصراع أستمر بسباب غياب العوامل المشتركة وفساد الأنظمة السياسيه التي تداولت السلطه ولم تعمل على بناء الدوله بناء حقيقي قائم على أهداف الثورة وإنما تم الاعتماد في الحكم على العصبوية ومارافق ذلك من الهيمنة من فئات معينه في الشمال على سلطات الدولة العليا والحكم وتهميش فئات بعينها وأصبحت مناطق مثل تهامه وتعز ومايسمي اليمن الاسفل أكثر خضوعا وتهميشا .

بعد الوحدة اليمنية كان هناك تفأول كبير من معظم اليمنيين بإن الوحدة هي الحلم الذي من خلاله سيكون هناك دولة يمنية ديمقراطية فيها من النظام والعدالة مايحقق العيش المشترك بين جميع اليمنيين ولكن ماحدث هو العكس حيث أشتد الصراع بين شركاء الوحده وأخذ طابع مناطقي عصبوي حتى حرب 94 التي كانت السبب في تزايد نقمة الجنوبيين ضد كل ماهو شمالي بسبب ممارسات الشماليين في الجنوب وإستبعاد الجنوبين وإقصائهم من مناصب الدوله حتى أصبحت مطالب الجنوبيين وقضيتهم جوهرية وتهم الجميع بالاضافة إلي قضية صعدة في الشمال وأثارها كل ذلك يعطي صورة واضحة الى أنه لم يعد هناك دوله يقتنع بها كل اليمنيين يمكن أن تحقق لهم العدل والمساواة .

أحداث الربيع العربي في عام 2011 كانت نتائجها تأكيد للثقافة العصبوية التي بداءت تتشكل في اليمن وبشكل مخيف بعد اجتماع الجميع علي أزاحة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وتحميلة مسؤولية كل ماحدث وبعد رحيله وفقا للمبادرة الخليجية ووصول نائبه الرئيس الحالي عبدربة منصور هادي والذي كان مهندس الحرب ضد الجنوب في عام 94 مع علي محسن الاحمر تمكن هادي بعد توليه الرئاسة بالتحالف مع حزب الإصلاح والناصريين والحزب الاشتراكي بتشكيل حكومة الوفاق الوطني مناصفة مع حزب المؤتمر الشعبي برئاسة السياسي المخضرم الاستاذ محمد سالم باسندوة والذي أستقال من رئاسة الحكومة بعد دخول الحوثيين الى صنعاء بعد الخلافات التي حدثت في مؤتمر الحوار الوطني وإتهام هادي وحزب الإصلاح بالهيمنة على الدولة وسلطاتها وأستبعاد الآخرين ومارافق ذلك من خطاب إنتهاء حكم الهضبة الزيدية وبداية لمرحلة حكم الشوافع والمناطق الجنوبية.

تمكن هادي من ضرب الفرقاء السياسين بعضهم ببعض من أجل مصلحته الخاصة وبداء في ممارسة نفس السياسه العصبوية وهيكل الجيش وأبعد القيادات الشمالية من معظم المناصب الهامه والسفارات حول العالم إلا من بعض الشخصيات الديكورية من الشمال مستغلا الدعم الدولي والإقليمي ودول التحالف له .

كان معظم اليمنيين متفائلين عند وصول هادي الى الحكم وأنه سيتمكن من أيصال اليمنيين إلي المستقبل الأمن لكن ماحدث أنه أدخل اليمن في مستنقع جديد وتم في عهدة إقصاء معظم الشمالين ونهب موارد الدولة من خلال أولادة جلال وناصر والطاقم الذي حوله وأعتمد على نفس السياسية العصبوية في تعيين أبناء قريته والمتحالفين من الجنوبيين معه من شبوه وغيرها وإهمال الآخرين وهي نفس السياسة التي كان يشتكي منها الجنوبيين وعلي أساسها أصبحت قضيه جوهريه يتعاطف معها كل اليمنيين لكن هادي لم يستفد من الماضي وأغرق اليمن في مستنقع جديد مناطقي عصبوي من أجل أن يستمر في الحكم لأطول فتره ممكنه رغم أن التوافق عليه كان لفترة سنتين وبعد دخول الحوثيين صنعاء تعهد هادي برفع العلم الجمهوري في مران واليوم اليمن تعيش السنه السادسة في الحرب والرئيس هادي يعيش خارج اليمن في الرياض ولم يتمكن من العودة .

والحوثيين اليوم هم المسيطيرين علي مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء ويحكمون قبضتهم على معظم مناطق الشمال وتتحكم في تسييرهم لأمور الدولة نفس الثقافة العصبيه المسيطرة على كل من يتولي الحكم في اليمن حتي أصبحت معظم المناصب الهامة في مناطق سيطرتهم لشخصيات من صعدة أو الموالين والمقربين مع الاستعانة ببعض الشخصيات الكومبارس.

وفي الجنوب تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي من السيطرة على معظم المناطق الجنوبية وسلطات الدولة فيها وأعتمد نفس السياسة القائمة على العصبية والمناطقية وإستبعاد كل ماهو شمالي أوله صله بالشمال .

وفي مأرب تمكن حزب الأصلاح وعلي محسن الاحمر والشماليين المتحالفين مع الشرعية من السيطرة على مأرب وبعض مناطق الجنوب والشمال ويحكمون فيها بنفس الأبعاد الحزبية والعصبية والمناطقية

ومايتم في الساحل الغربي وفي حضرموت والمهرة لا يبشر بإي أمل في أستمرار سلطة الدولة الموحدة.

إن هذه الثقافه الجديدة القائمة علي العصبوية في اليمن ستعمل علي إعادة إنتاج هذه القوه على حساب الموطنين الذين يملكون الطموح والكفاءة ولا يملكون العصبية لكن العصبية تبقى غير مؤثرةفي مؤسسات الدولة الحديثة تأثيرا ملحوظا طالما النظام البيروقراطي قوي ويحقق أهدافه العامة ويحقق مصلحة جميع المواطنيين لكن عندما يختل النظام البيروقراطي وتغيب الدولة وتعجز عن تحقيق الأهداف العامة تنخر العصبية كالسوس في عظم الدولة
ويتولد عن هذا الوضع المتخلف ظهور عصبيات جديدة لجماعات متحالفة داخل كل مؤسسه من مؤسسات الدولة مهمتها الأساسية تحقيق مصلحة الجماعة التي تنتمي إليها بطريق مشروع أو غير مشروع وتعمل على الاستفادة القصوى من كل شئ

حتي نستطيع الاجابة على السؤال المطروح فإن اليمنيين اليوم بحاجه إلى العمل الجماعي المشترك في بناء دولة المؤسسات والنظام والقانون التي تحقق العدالة والأمن والاستقرار للجميع وهذا هو المطلب الذي يشترك فيه كل اليمنيين .

لقد ورث الشعب اليمني تقاليد وعادات اجتماعية قديمة للغاية تعود إلى عصور ما قبل الميلاد ولابد أن الجميع لم يعد ينسجم معها فبدلا من أن يساهم الجميع في بث خطاب الكراهية والعصبية والمناطقية فإن واجب الجميع هو في تأسيس الدوله والإجماع حولها وتطبيق القانون على جميع اليمنيين وفقا للقانون ودون الاعتماد على أي مسميات أخري من أجل خلق واقعٍ جديد يحمل آمال وتطلعات اليمنيين في هذا الوقت المأساوي الذي تمر فية اليمن بكثير من الصراعات الداخلية والخارجية التي أسفرت عن إراقة دماء المدنيين الأبرياء. وتدمير البلد وألحقت هذه النزاعات الواسعة الضرر الشديد بعلاقات اليمن على الصعيدين الإقليمي والدولي.

سفير ودبلوماسي يمني

حول الموقع

سام برس