بقلم/ جميل مفرح

أطاحت الولايات المتحدة الأمريكية بجماعة طالبان بعد اكتشاف ضلوعها في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، وحولتها بسهولة من جماعة حاكمة إلى جماعة متمردة في الجبال والأرياف، مسلمة زمام الأمور في أفغانستان لحكومة تدين بشكل مطلق للأمريكان..

واليوم عندما وجد الأمريكان حاجتهم الماسة إلى طالبان أو على الأقل إلى الأمان من جانبها، سعوا بكل ما في ممكنهم إلى التقرب من طالبان وعقد تفاوضات وربما اتفاقيات معها.. وطوال أشهر مضت وأمريكا تحاول إجراء تلك المفاوضات مع طالبان..

إيران من جهتها حاولت الاستفادة من تلك الخصومة بين أمريكا وطالبان وقربت طالبان منها وأجرت معها الكثير من الاتفاقات خصوصاً فيما يتعلق بالإرهاب وذلك عبر الحكومة الأفغانية المدعومة أمريكياً وهكذا نجحت إيران في كسب طالبان بنسبة كبيرة إلى جانب كسبها النسبي للحكومة..

وعليه فقد لعبت إيران دوراً بارزاً سواء على المستوى الإفغاني المحلي أو في المجتمع الدولي لإحباط تلك المفاوضات التي يسعى الأمريكان لإجرائها مع طالبان، بدعوى أنه لا يحق للأمريكان التفاوض مع طالبان بمعزل عن الحكومة الأفغانية..

لقد جاء ذلك وكأنه باب من أبواب الفرج بالنسبة لأمريكا، التي اغتنمت الفرصة ودعت لأن تكون المفاوضات بين طالبان والحكومة الأفغانية، وهي بالطبع الحكومة التي تدين للأمريكان بكامل الولاء والتي ستغدو بمثابة ممثل لها.

وهذا ما يعني صراحة أن المفاوضات، التي بدأت اليوم في قطر و(بحضور وزير الخارجية الأمريكي)، هي في مستوى آخر مفاوضات بين الأمريكان وطالبان، عبر الحكومة الأفغانية، وبهذا نجحت أمريكا في تجاوز الخطوط الحاجبة والموانع القانونية والدولية..

إيران ليست بمعزل عن الأمر ولا عن هذه المفاوضات، فقد نجحت عبر الحكومة الأفغانية أن تحدد مكان انعقادها في قطر الحليف المشترك بينها وبين الأمريكان ونقطة التقائهما إن صح الوصف.. لتكون إيران حاضرة في هذه المفاوضات شاهدة ومراقبة عن كثب بممثل عنها هو النظام القطري..

وعليه نستطيع القول إن المفاوضات القائمة في الدوحة الآن ليست مفاوضات بين طالبان والحكومة الأفغانية كما تبدو في ظاهر أمرها، وإنما هي بالدرجة الأساسية مفاوضات غير مباشرة بين أمريكا وإيران..

وأن هذه المفاوضات ليست، كما يشاع في أهدافها، مخصصة للأوضاع في أفغانستان وحرصاً على أمن وسلامة الأفغان وحسب، وإنما هي في الواقع النفعي مرتبطة بالأوضاع والمصالح والتحالفات المشتركة والمفترقة بين أمريكا وإيران في عموم المنطقة.

* كاتب وصحافي وشاعر

حول الموقع

سام برس