بقلم/ أحمد بن سالم الفلاحي
كتب أحدهم يقول : “أدركت للتو أنني لست مثل أطلس” في أساطير اليونان، والعالم لا يقف على ظهري” – المصدر: صفحة الـ “واتس أب” – حتى عهد قريب؛ كانت القرى، على وجه الخصوص؛ لا تخلو من شخص مثل “أطلس” يحمل عالم قريته على ظهره، ولذلك هو حاضر في كل صغيرة وكبيرة، حيث ينبري في كل مهمة، ويتقدم الصفوف في كل ملمة، ولا يحول بينه وبين كل هذه المهمات التي يقوم بها إلا سواد الليل الأعظم، وهجير الشمس في وسط النهار؛ وهما الاستثناءان الوحيدان، ولذلك يشار إليه بالبنان، وتكاد القرية تصاب بـ “الشلل” في حالة غياب “أطلس” ومن خلال متابعتي لبعض الأعمال الدرامية العربية؛ على وجه الخصوص؛ أجد في أغلبها لا تخلو من شخصية “أطلس” ويبدو أن “أطلس” مشترك عام في أغلب بلدان الوطن العربي؛ حيث وحد العروبة “أطلس” كما يبدو؛ وإن شكلت شخصية “أطلس” في أغلب هذه الأعمال على أنها شخصية مهمشة، بملابس رثة، وحياة اجتماعية متواضعة، يعيش على فتات المحسنين.

لا يختلف الوضع اليوم كثيرا، ولكن بصورة أقل عما كان عليه الحال قبل نيف من السنين، ذلك أن الحالة الاجتماعية في ذلك العهد؛ الذي عايشنا بعض تفاصيله؛ توجد فراغات يجد فيها مثل “أطلس” متسعا من الاشتغال والمساهمة المباشرة، أما اليوم فهناك تكثيف عميق ومعقد في المهام والمسؤوليات لجوانب الحياة المختلفة، لاختلاف نسق الحياة برمتها وما تشهده من تغيرات، وتحولات جذرية؛ غير معهودة؛ فالحياة – حمّالة أوجه – حيث بدأت شخصية “أطلس” تختفي شيئا فشيئا إلا ما ندر، وهذه الندرة قد نجدها في ممارسات أخرى، غير تلك الممارسات في ذلك الزمن البسيط بأدواته، والبسيط بوعي أفراده.

اليوم؛ هناك الكثيرون يتوهمون أن العالم يقف على ظهورهم، ولذلك هم في كل واد يتواجدون، بمناسبة وبغير مناسبة، المهم أنهم يسجلون حضورا غير ضروري، هكذا هو ديدنهم، لكي ينسجون بعد ذلك مجموعة من الأقاويل، والقصص، والمفبركات، وتأتي وسائل التواصل الاجتماعي لتعزز من الدور الذي يقومون به، فالكثير مما ينشر ليس له حقيقة واقعية، ولا مصدر يمكن الرجوع إليه، فقط لأن الصدفة جرت “أطلس” لينسج قصة مبالغا في تقديرها، فينشرها على العامة، لأن “أطلس” ينتظر أرقاما متصاعدة من الإعجاب أو كما يسمى “لايكات: LIKES” ولذلك فـ “أطلس” اليوم غيره بالأمس، من حيث الدور، وما يسفر عنه هذا الدور، وهذا البطل “أطلس” موجود في معظم المؤسسات الإدارية، يقوم بأدوار بطولية، ولكنها للأسف غير نبيلة، ومع ذلك يجد من يصغي إليه، ومن يقدر خدماته، ومن يجلسه المكان المبارك “والناس فيما يعشقون مذاهب” ولذلك فمع “أطلس” القرن الحادي والعشرين تتوه الحقائق في مظان التأويل والتهويل، وربما قد يكثير الخصام، ويتهاوى على موائده اللئام، وما بين نفي وإثبات تتوزع فصول القصص والأخبار، وإن كان جلها لا ينطلي على ذي بصيرة.

تقول الأسطورة: “أطلــس كان واحدًا من مجموعة معبودات تُسمى الجبابرة في الأساطير اليونانية، إذ تزعم هذه الأسطورة بأن أطلس هو ابن الإله الجبار لابتيوس وحورية البحر كليمن وأخو روفيوس. خاض أطلس وغيره من الآلهة الجبابرة حربًا خاسرةً ضد زيوس وآلهة الأولمب. عاقب زيوس أطلس بإجباره على الوقوف وحمل السماء فوق كتفيه إلى الأبد. طلب هرقل مساعدة أطلس في الحصول على تفاحات من حارسات التفاح الذهبي. فذهب أطلس تاركًا هرقل يسند السماء بدلاً منه، وعندما عاد بالتفاحات رفض أخذ السماء مرةً أخرى على أمل أن يجبر هرقل ليرفعها بصورة دائمة. لكن هرقل خدعه وجعله يأخذ منه السماء”حسب http://egypt0s.blogspot.com .

هذه المقاربة الرمزية؛ ربما؛ قد تقربنا إلى فهم أكثر لما يدور بين زوايا الحياة المختلفة؛ ففي كل زاوية؛ هناك “أطلس” يقوم بدور ما.

المصدر: عُمان


حول الموقع

سام برس