بقلم/ م. نضال يحيى العنسي
إن من اهم مراحل عمر الانسان هي مرحلة البلوغ وماقبلها لان الطفل في هذه المرحلة يكون غضاً ليناً ليس على المستوى الجسدي فحسب ،بل على مستوى السلوك ،والاخلاق والتصرفات ،فلذلك السلوكيات التي اكتسبها في هذه المرحلة يضل سلوكه الطابع حتى الممات ،ولوحاول حتى في مراحل متاخره من عمره ان يتطبع على سلوك آخر غير الذي كان طبعه في مرحلة البلوغ تجد الطبع غلب التطبع.

والطبع في مرحلة البلوغ وماقبلها يظل السائد في تصرفات الشخص سواءاً كان هذا الطبع جيد او سيئ ،وطبيعي ان يحاول الانسان سيئ الطبع ان يتطبع على السلوك الجيد لانه ينتقل من سيئ الى افضل ،ولكن من غريب الطبع ان لايستطيع ان يتاقلم مع البيئه الجيده ،لانها ليست بيئته ،ومايلبث ان يعود الى بيئته السيئه حيث ينسجم معها طبعه ،وسلوكه.

ولو اخرجت الضفدع من مستنقع القذاره ،ووضعته فوق كرسي من ذهب ،لوجدته يقفز عائداً الى المستنقع ،لان طبعه القذر لايستطيع العيش الا في مستنقع القذاره.

وهكذا هم الناس طبائع سيئه ،وحسنه كلاً يحن الى طبعه إذا ما فارقه ،ولايألف العيش سوى في بيئته.

فالطبع الخائن يحن الى الخيانه ،ولو اؤتمن على كل شي.

فقد تعتريك الغرابه من شخص هو من ارقى قيادة الدولة منصباً ،واعلاهم في قبيلته جاهاً ،واغنى الناس مالاً ،يمتلك افضل اسباب الراحه ،والسعاده التي تجعله يترفع عن كل صفات الدناءة والخساسة.

اسباب جعلت الخائن يخون والكاذب يكذب لكي يمتلكها ،وهذا الشخص امتلك كل تلك الاسباب ،ولكنك تجده يخون دولته ومنصبه ،فتبحث عن اسباب جعلته يخون ،فلم تجد سبب سوى ان طبعه الخائن الذي نشأ عليه جعله يحن الى الخيانه ،ولو امتلك كل شي.

والطبع السيئ يعود اليه صاحبه في كل مره ،ولواعطيته الف فرصة وعذر.

ومن تطبع على العماله ،والارتهان لاعداء وطنه ،وخيانة ارضه ستجده يعمل مع الاعداء في كل مره ،ومع كل عدو في اي وقت ،لان سلوك العماله الذي اعتاد عليه لايستطيع تركه حتى ولو اراد ذلك وتمنى ،لانه يظن ان سعادته لاتكون الا في هذا ،ويؤمن ان رزقه لاياتيه الا من هذا الطبع رغم خساسته وبغضه.

حتى حب الاستعباد ،والعبوديه طبع تهواه نفوس حقيره ،ولو امطرت السماء حرية وكرامه لوجدت من الناس من يرفع المظلات خوف ان تصيبه امطارها ،لان طبعه الممتهن يهوى الاستعباد ،ويكرة الحرية والكرامة فالطبع غلب التطبع.

قد يتخلى الانسان عن انسانيته ،وقد تهون على الرجل رجولته ،وقد يبيع القائد مبدأة ،وقد يضيع المسؤول امانته ،وقد يحنث الجندي بقسمه ،كلاً له طبعه وطبيعته ،وبالنهايه الطبع غلب التطبع.

ويحكى ان اعرابيه وجدت جرؤ صغير(ولد الذئب الصغير) بعد ولادته مباشره ،فاخذته وربته بين الاغنام ،ورضع من الشاه حتى ظن انها امه ..

ولكن عادت الاعرابيه يوماً ،وتفاجأت بان الذئب قد اكل الشاه التي ارضعته ،وتربى معها ،وحزنت كيف عرف طبعه ،واصله بالفطره ،فانشدت تقول:

اكلت شويهتي وفجعت قلبي -

وانت لشاتنا ولدٌ ربيبُ

غذيت بدرها ،وربيت فينا

فمن انباك ان اباك ذيبُ؟

اذا كان الطباع طباع سوءٌ

فلا ادبٌ يفيد ولا حليبُ

وهذه المشكلة تعد كارثه بالنسبه لاصحاب الطبع السيئ ليست وليده اللحظه ،بل هي سلوك نشأ عليه ،ومن يمتلكها يجب تأديبه في مكان مخصص لاصلاحهم ،وتربيتهم فترة من الزمن على السلوك الحسن.

والاهتمام بالابناء في مراحلهم الاولى ،وتنشائتهم النشاءة الحسنه ،وممارسة السلوك الجيد ،والحرص على الرفيق الصالح ،والابتعاد عن صاحب السوء ،لكي ننشأ بفضل من الله جيل تحكمه القيم الحسنه ،ويتخلق باخلاق الدين ،لكي نراهن عليه في تحرير قلاع ومقدسات الاسلام والمسلمين..

حول الموقع

سام برس