بقلم/ طه العامري

يرى أولاد اللقطاء عادة أن التطاول على الوجاهات والرموز الاجتماعية والقبلية والسياسية هو فعل يؤدي بهم الى الشهرة والاضواء وقد برزت هذه الظاهرة مع قيام دولة الوحدة والانفتاح والتعددية السياسية وحرية الرأي والتعبير وكان البعض من هواة الشهرة والأضواء إذا ما رغبوا بالتعبير عن عقدهم الخاصة والتنفيس عن حالة الاحتقان الذاتي التي تستولي على تفكيرهم يتعمدون اللجوء للكتابة على أعمدة بعض الصحف الصفراء مستغلين المناخ الديمقراطي وتسامح اكتنف الحالة السياسية لدرجة أن فقد فيها الاعلام احترامه ومصداقيته واحترام المتلقي وبقدر ما سمح المناخ لأنصاف المثقفين وكل المعقدين بالتعبير عن عقدهم النفسية وفيما كان الخلاف السياسي والتباينات تحتدم بين شركاء الوحدة المؤتمر والاشتراكي اندس حاملي العقد والمهوسين بذاتيتهم ونرجسيتهم يتسابقون الى أعمدة الصحف والمؤتمرات الصحفية التي كان يتسابق الى عقدها شركاء الوحدة فأندس هولاء بين قوام المتنافسين والمتخاصمين في كلا الضفتين وكل واحد يهرف بما لا يعرف ويتناول كل طرف الطرف الاخر عبر تسخير بعض هذه الأقلام وبقدر ما كانت صحف المؤتمر للأسف ترحب بكل من يتناول الاشتراكي ورموزه كانت صحف ومنابر الاشتراكي بدورها ترحب بكل من يتناول المؤتمر ورموزه .

ومن هناء راح إعلام الردح والردح الاخر يكرس نفسه ويفرض أدواته ورموزه وأقلامه ومفردات سخرت وكرست لا علاقة لها بقيم واخلاقيات المهنة كما أن كل ما كان يسوق من خطاب يتنافى مع أبسط القواعد الخلافية كما انه كان مجرد من كل مفاهيم العمل السياسي حتى بصورته التنافسية القائمة على التنافس البرامجي والمواقف والسلوكيات السياسية وهذه الظاهرة أوصلت البلاد الى جحيم الحرب ثم تلى الحرب تنافر أكثر قساوة فقدت فيه كل شروط وقوانين الخلافات السياسية التي تحولت إلى اختلاف ثم تطورت الى احقاد فكفر كل طرف بالأخر وهذا الوضع أدى بدوره الى بروز نتوأت إعلامية ما لبثت أن تحولت الى عاهات سرطانية اخذت بالتوسع والتمدد حتى فقد العمل المهني كل مبررات وجوده وفقدت مهنة الصحافة والاعلام مصداقيتها واحترامها لدى المتلقي الوطني كما افتقد الصحفي والإعلامي احترامه لمهنته ولنفسه والفضل يعود بكل هذا لأطراف العمل السياسي والحزبي ولعب النظام السياسي للأسف دورا في تمييع وإهانة العمل الصحفي والإعلامي ومنتسبيهما وكان للرادحين الإعلاميين دورا محوريا في ايصالنا الى هذا المستوى من المسار الغير مشرف والغير مسئول لينعكس كل هذا على واقع المهنة وحياة منتسبيها فيما عجزت النقابة المعنية وهي نقابة الصحفيين اليمنيين التي أخفقت بفعل التنافر السياسي من ضبط إيقاعات المهنة وتصويب وترشيد الخطاب الإعلامي كما عجز فلاسفة الاعلام والصحافة من التصدي لمحاولة اختراق هذا الوسط وتنقيته من دخلاء المهنة والنأي بالمهنة ومنتسبيها عن نزق العمل السياسي الذي فقدا كل مبررات وجوده لينتهي به الامر الى فقدانه لكل قيمه واخلاقياتها بعد تفجر أزمة 2011م ثم الازمة وتطورها الى حرب داخلية وعدوان خارجي وكل هذا يجسد فشل النخب السياسية التي سبق لها وأن تعمدت العمل على إفقاد مهنة الصحافة والإعلام دورها ورسالتها واحترامها وتعمدت تسفيه وتدجين الخطاب الإعلامي وصولا الى تدجين وتطويع أرباب المهنة أنفسهم إلا ما رحم ربي وما رحم ربي غير القليل فيما السقوط حد الابتذال طال الغالبية ورافق هذا بروز دخلاء وجهلاء تقمصوا المهنة واهانوها حد الابتذال والمؤسف أن هولاء صعدوا بسرعة البرق الى القمة وحققوا الثراء والشهرة والاضواء فيما أرباب المهنة الحقيقين تم تهميشهم حد التجويع والاذلال والأنزوا بعيدا صخب المرحلة وتداعياتها احتراما لأنفسهم ذاتيا في ذات الوقت الذي كانت فيه هذه النتيجة مطلب وغاية النظام السياسي الذي فضل الاعتماد والترحيب بحملة أقلام الردح والشتم والسب والقذف وصنع فيهم ومنهم رموزا وهالة الى أن وصلنا للمرحلة التي نحن فيها.

حيث انتجت بدورها رداحين هم الاسواء في مسيرة الردح الإعلامي المنتج في مطابخ الخلافات والأزمات ليصبح تطاول الاقزام هو السائد وهذه فكرة صهيونية وشيطانية فثمة قاعدة اعتمدها فارس وقائد ( الربيع العبري _ الصهيوني برنار هنري ليفي _ الذي يقول عليكم اعتماد نظرية إهانة الرموز الاجتماعية أن أردتم السيطرة والتحكم بأي مجتمع ولتحقيق هذه الغاية يجب الاعتماد على عناصر تنتمي لقاع المجتمع وتعاني من عقد اجتماعية مكتسبة وتعيش حياة التهميش المجتمعي ومن هولاء يمكن أن نصنع جنودا ومعاول تنسف كل قيم المجتمع أن نجحنا في تبنيها والدفع بنزوعها الى العلن فهي شريحة تعاني من القهر الاجتماعي وتستوطنها الرغبة في الثأر والانتقام من كل المجتمع دون تفكير بعواقب ما سوف تؤول اليه الأوضاع الاجتماعية لأنها شريحة مشبعة بالرغبات الانتقامية والثأر من المجتمع الذي ليس لها فيه ما يمكنها من التفكير والتردد ومثل هولاء هم رموز حروب الجيل الخامس الذي نسعى لاعتماده للوصول الى غايتنا وهذا يعتمد النجاح فيه على قدرتكم في الاختيار )_ هذا الكلام بين الهلالين هو من خطاب لبرنار هنري ليفي الصهيوني والمرشح لرئاسة الكيان الصهيوني عام 2022م القاه أمام معهد ( صربي تم إنشائه خصيصا لتدريب قادة التحولات الاجتماعية في الشرق الأوسط واعتمد شعار القبضة.

ومن أبرز متدربيه وائل غنيم في مصر وتؤكل كرمان وخالد الانسي من اليمن وتدرب فيه شباب من سوريا وليبيا والعراق وتونس وكان خريجي هذا المعهد هم قادة الربيع العربي أو عفوا ( العبري ) ويبدو أن فينا من يجسد اليوم أهداف وتطلعات بر نار هنري ليفي ممن يستهدفون الرموز الاجتماعية والوجاهية وحتى السيادية في خطابهم المظلل والزائف والكيدي والسفيه حتى يزعزع صورة هولاء الرموز في اذهان الرأي العام ويشوه سمعتهم ويخلق أمامهم كل العوائق التي تجعلهم عاجزين عن التحكم والسيطرة والتعامل مع محيطهم المجتمعي والقبلي ؛ لان بعد التهم الجزافية والتشويه والايغال بكيل التهم وتشويه السير لكل هذه الرموز فهذا سلوك يؤسس لقيم التشكيك والتنافر في الوجدان الجمعي المجتمعي وهو فعل يؤدي لتمرد اجتماعي وحدوث هذا الانفلات لا يخدم الا أعداء الوطن والشعب حيث يقودنا هذا الى التمزق والتنافر المجتمعي وغياب المرجعيات وتجاوزها بعد حملات الإهانة ليتحول المجتمع الى مجتمع مشاعي لا تحكمه قوانين ولا تضبطه مرجعيات ولا تردعه قيم دينية أو أخلاقية او اجتماعية وهذا ما يريد البعض اليوم أن يوصلنا اليه دون التفكير بعواقب مثل هذا السلوك المدمر لكل أواصر الترابط والتكامل المجتمعي .

للموضوع صلة

حول الموقع

سام برس