بقلم/ محمود كامل الكومى
حين ينعق البوم والغربان فى الفضاء فهو لا يناجي إلا فريسة من بين الأنقاض والخرابات التى ملأت الديار فى عامنا 2020 المنصرم على الأبواب , وقبل أن ينقض عليها ,لايبقى لنا إلا أن نقول "أبعد يا شيطان" , فى مناجاة للبلبل الرنام نستدعيه ونحن على أبواب العام 2021 وتباشير صباحه تهل علينا مع دعاء الكروان حين ينساب تسبيحه بحمد الرحمن فى تغريده الملك ..لك .. لك .. لك .

بطيئة تلك الأيام راسخة كالحجر على الأنام وشعوب الشرق الأوسط بالذات , وفى القلب منها عالم عربي يغلى من تحته آتون حرب ضروس مشتعلة بالنار , مخلفة الدمار وخراب الديار – وإذا كان هناك من ينسب كل حريق الى مستصغر الشرر , فحريق عالمنا العربي بدا من شرر ضخم كبير, حين سخرت إسرائيل والامبريالية الأمريكية كل فناطيس البترول والجاز فى الخليج لتصب جُلَ حمولتها لتشعل فتيل النار فى كل أرجاء العراق وسوريا وليبيا واليمن وتهدد حياة الآمنين فى مصر ولبنان وتونس والجزائر والأردن دفعة واحدة ,ناهيك عن التآمر على حقوق شعبنا الفلسطيني , وغدا أن كبر حجم الشرر قد أستحوذ على كل النار , ومازال الى الآن يحاول أن يستوقد ناراً لا يريد لها أن تخلق رماد , وأن خلقت أشعلت نارا جديدة من تحت الرماد , وصار بترول الخليج المستحوذ عليه حكام بلدانه وملوكه وأمرائه سياج أمن للكيان الصهيوني وأمان من عوائده التى غدت تمول نار الإرهاب لتحرق وتعيث فسادا وتقتيلا وتفتيتا فى ربوع أمتنا العربية .

لكن تبدو أيام وليالي وساعات العام 2020 هي الأثقل والأرسخ على قلوب شعبنا العربي , نظراً لِمَا جاءت به من خراب ودمار وإزهاق لأرواح الأطفال والنساء والشيوخ , وبدا من حولنا العالم كلاب مسعورة فى أمريكا وفرنسا وبريطانيا يحدوهم أمن إسرائيل طالما النار مستعرة حولها فى أرضنا العربية , وطالما سُخِرَ البتر ودولار الخليجي ليزيد اشتعال النيران وفيما حوته من جائحة كورونا التي سرت تحصد الرقاب .

واهم ما يميز عام 2020 أن حكام الخليج اصطنعوا إستراتيجية شيطانية , حين لم تفلح نار الإرهاب التى استوقدوها, فكان التطبيع,مع العدو الصهيوني , لإنهاء فلسطين من الوجود , والقضاء على شعبنا الفلسطيني , وبيع الأقصى بأ بخس الأثمان .

راكدة هي أيام العام 2020 , حين لاحت الساعات الأخيرة منه بطيئة كئيبة , يلوح من بين حناياها الموت, بعودة فيروس كوفيد 19 بسرعة متلاحقة بعد أن هاجم البشرية فى بداية هذا العام , ودعاء من الأعماق أن تكون بداية العام 2021 نهاية هذا الفيروس اللعين .

ويبقى التساؤل وقد أَفُل العام 2020 بخرابه – فهل ينهى بزوغ العام 2021 خراب الديار فى اليمن ويوقف ضخ البترول السعودي المستحوذ على كل الشرر الذي يحرق اليمن الآن ؟

وعلى ضفاف المحروسة بدت مياة النيل تريد قربانا , يثنى حكومة أثيوبيا عن الولوج الي ماتريده اسرائيل , ويحفظ للشعب المصري ارتواء شفاهه التي كادت تجف بسبب انحساره عن تقديم القربان للنيل ,فيما بدت حكومته تستميل بارونات رجال الأعمال ومافيا الرأسمالية لتنهل من معين وقوت فقراء مصر , وبدت سياسات خارجية تعبر عن التزام بخط كامب ديفيد الساداتي الصهيوني وتلك عقبى الفساد , وانجرار وراء البتر ودولار السعودي بعيداً عن الانحياز للإنتاج من اجل الفقراء – وأن تخللت تلك السياسات نقاط ضوء أهمها الالتزام بوحدة الأراضي السورية وتعضيد جيشها وكذلك فى العراق وليبيا , ورغم ذلك فالمؤشر ينبئ عن بزوغ عام 2021 قد يكون أشد بؤساً ونِكالا - نبتهل الى الله أَلا يبزغ العام إلا وقد تغيرت الحكومة ,ولاحت حكومة وحدة وطنية قومية خيارها الوحيد الانحياز الى فقراء شعبنا وطبقته المتوسطة التى صارت جديرة بالفقر الآن , والانحياز الى قوى المقاومة والممانعة فى عالمنا العربي , ومحاصرة مافيا البتر ودولار التطبيعي مع العدو الصهيوني فى الخليج , وهو ما يفرض على شعبنا المصري تقديم القربان للنيل , متمثلا فى التضحيات وإنكار الذات والتجبيه مع كل شعبنا العربي من أجل استعادة مكانته و مجابهة أعدائه الصهاينة والإمبريالية الأمريكية والرجعية العربية .

وكل الرجاء والابتهال الي الله أن يمن على البشرية بالمصل الواقي من كورونا , والدواء الشافي بأذن الله .

عام 2020 الى زوال لكن لابد أن يبقى فى الحسبان أن أحداثه الدرامية لابد أن تكون دروس وعِبر وسير يستخلصها العقل العربي ليرتفع عنها , وفى يده مشرط الجراح يزيل بها أسقام هذا العام وما قبله من أعوام ويستأصل بها الخبيث من الجوائح والأورام , ليضحى العام 2021 عاما خاليا من كل داء استعصى علينا فى العام المنصرم أو ما قبله من أعوام , ودعوات بأن يكون العام 2021 عام السلام والوئام على أمتنا العربية , لترفع من جديد إعلام الحرية والعدالة الاجتماعية (الاشتراكية) والوحدة.

"2021" سنه حلوه على كل أمتنا العربية .. يا رب .. وتهنئة من القلب بعام جديد ..من

* كاتب ومحامى – مصري

حول الموقع

سام برس