بقلم/ عبدالعزيز بن محمد الخاطر
لا يوجد مثقف في مجتمعنا بالمعنى الذي طرحته سابقاً، أي إنه صورة لا تكتمل حركة مستمرة في الواقع تبحث عن التجديد المستمر في المقابل، يوجد الكثير من صور الفقيه تتكاثر يوما بعد آخر، لأن إستراتيجية الفقيه المثلى هي الاسقاط لكل فكر مخالف، وبالتالي هو مناقض تماما لصورة المثقف التي أشرت إليها، الفقيه يحمل فكرا ثابتا جاهزا يعمل على اسقاطه دائما على واقع متحرك، بشكل يحفظ له وجوده واستمرار رقابته، لا يقبل اي مرجعية منافسة.

والاشكالية أنه يحتل الصورة النمطية السائدة للمثقف في المجتمع، فيعتبر المجتمع أن الفقيه هو المثقف أو الصورة الاعلى للمثقف، وما دونه ليسوا سوى مجرد صور مشوهة، فالفنان مثلا او النحات او الرسام او غير ذلك من مثقفي المهنة التي تتطلب الابداع والخروج ربما خارج نطاق المفكر فيه ليسوا سوى بدع ومروق.

يعتمد الفقيه على النص، بينما يعتمد المثقف حالة المجتمع الذي يعيش فيه مصدرا لفكره ونطاق حيويته، لا يعني أنه مضاد للدين او لا ديني، لا لكنه لا يسقط النص وفهمه الثابت له على المجتمع بشكل يعطل فيه قوى المجتمع العقلية، ولا يمارس سلطة عليا عليه، بل يخلق شعورا من التفاعل بين ثقافة المجتمع وظروفه تجعل من التغيير متقبلا.

الفقيه صورة متقدمة للمثقف الديني الذي آمن بثبات النص كتفسير ورؤية ثابتة لا تحتمل معها تغير العصر، وإنما يعيش العصر في داخلها بينما المثقف الحر في مجتمعاتنا يفترض أنه صورة متقدمة للمثقف الاوروبي تخلصت من تاريخيتها التي لم تنجبها هذه الارض، وفتحت المجال الى نظرة ارحب لتغير العصر والمشارب، بشكل يحقق للمجتمع صورة اسمى من صور الانسانية.

على كل حال، تعيش مجتمعاتنا اليوم صراعا يبدو انه حتى اليوم محسوم لصالح الفقيه على حساب المثقف، بل إنه أصبح رجل السياسة، وفارس الاقتصاد، ورجل الاستثمار، ومغرد تويتر، ونجم سناب.

abdulazizalkhater@yahoo.com
نقلاً عن الشروق القطرية

حول الموقع

سام برس