بقلم/ منى العنبري
عودة أخيرة لكتاب (أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون) للكاتب مسلم تسابحجي؛ لنبحر في خلاصة مهمة ندرك من خلالها قيمة تصوير الأبناء بالجواهر، والآباء بالحدادين، ولنعلم - نحن الآباء والأمهات - أن مهنة الحدادة لا تناسب صياغة الجواهر، لنخلع ثوب الحداد، ونرمي بأدواته القاسية بعيدا عن جواهرنا الثمينة.

يجب ألا نغلق أنبوب التواصل بيننا وبينهم لنتيجة خطأ وقعوا فيه، فكيف سيمر تصحيح الخطأ وأنبوب التواصل مسدود؟، من المهم أن نبقي حبل العلاقة موصولاً معهم بوضع يسمح بالحوار، يعزز الإيجابيات لديهم، ويؤكد ثقتهم بأنفسهم؛ حتى يسلكوا الطريق إلى الإيجابيات، ويبنوا أنفسهم وينطلقوا وهم بين أعيننا؛ ليميزوا الصح من الخطأ، ويشعروا بمراقبة الله - عز وجل - لتصرفاتهم سواء أحطنا بها علماً أو لم نعلم أو قاموا بها أمامنا أو خلفنا، وعلينا أن نتجاوز الضغوط الحياتية حتى لا تؤثر سلباً على ردود أفعالنا فتجعلها عنيفة تجاه أخطائهم، فمن الضروري أن نحافظ على طاقاتنا، وكامل هدوئنا عندما نقابل أخطاء أبنائنا، فلنستمع لهم ولنتحاور معهم بطريقة نقوم بها السلوك الخاطئ ونوجهه إلى الإيجابيات، وهي اكتساب الخبرات التي تعمل النجاحات المستقبلية.

إن الرفق مع تلك الأخطاء سيمنحنا كنوزاً تضاف إلى رصيدنا وتصنع لنا النجاحات الكبيرة، وحذار من الرغبة في سرعة تعلم الأبناء، لأنكم بهذا الاستعجال تقطفون الثمار قبل نضجها، ثم تكيلون الاتهامات واللوم والعتاب على هذه الفاكهة، لأن نضجها لم يكتمل، وكأنكم تقولون نحن لم نفشل كمربين ولكن الأبناء هم من فشلوا، فأنتم من يراهم المؤلف مثل ذاك الشخص الذي يقف أمام المرآة ويمد يده إليها ليصلح زرار قميصه من مكانه الخطأ، بدلا من أن يمد يده إلى قميصه مباشرة، فالأبناء انعكاس لما نحن عليه، هم انعكاس لتصرفاتنا وطريقة تربيتنا، أليس علينا أن نصلح ما في أنفسنا كي نرى في المرآة ما يرضينا؟.

دعوة لكل الأمهات والآباء والمربين قبل أن يقفوا أمام مرآتهم عليهم أن يصلحوا من أنفسهم ويأتوا بكامل زينتهم ليروا ما يرضيهم، الأبناء مرآة شفافة تعكس صورة الآباء وأسلوب تربيتهم لهم، وجواهر ثمينة، حساسة تتأذى من القسوة وتخدش من أي سقطة، فلنحافظ عليها ونحملها بحنان ورقة.

نقلاً عن العرب

حول الموقع

سام برس