بقلم/ حمير احمد السنيدار
لا تِمل من مجالسته.. ولا من طيب محادثته.. ولا تشعر بوقت محاضرته.. ولابد أن تبتسم من طرائف نوادره وظرافة قِصَصه ولطافة حكاياته..

قد حوى من كنوز العِلم الكثيرة.. مِن فِقه وحديث.. وأدب وتاريخ.. وأنساب وسِيَره..

بَهي في طَلّته.. وَقُور في مشيته.. ذكي في نَظْرته.. وما أجمل إبتسامته..

أصالة صنعاء.. تراها شاخصةً في هيئته ولهجته..

تجذبك هيبته.. فإذا اقتربت لتُصافحه.. تفَحَّصَك وكأنه يقرأَك.. ثم بلهجته الصنعانية يسألك.. بِسماااك؟.. فما أن تذكر له إسمك ولقبك.. يقوم هو بإكمال نَسَبَك.. بل ويُخبرك بما لا تعرفه عن أصلك وفصلك وأجدادك..!

وإن غبتَ عن مجلسه فترة طويلة تجده يسألك.. كم لي مِنّاااك؟.. فتشعر بالحرج الشديد من إجابته.. ذلك أن مُفتي اليمن الرشيد رغم كثرة انشغالاته وزُوَّارِه.. إلا أنه يُشعِرك بأنّك على باله.. ولقد افتقدك وشَعَر بطول غيابك..

لستُ مبالغاً فيما قُلته.. فمن عرف القاضي العمراني وجالَسَه.. أدرك صِدق ما كتَبته.. وصحة ما ذكرته.. مِن حُسن عِشرته ونُبل شخصيته..

أمّا عن مذهبه.. فقد رأيتُه يُفتى الناس بكل مذهب.. فيَذكر أقوال الزيدي والشافعي والمالكي والحنبلي.. وإن رجَّح قول على آخر.. فبقوة ما يطمئن له من دلائل.. وليس تعصباً لمذهب القائل..
وقد كَرِه القاضي العمراني أن يكتفي أحدهم بالتفقه في مذهبٍ بعينه دون أن يتوسع فيقرأ ماقاله الآخر.. فسمّى من يفعل ذلك بالقارئ الأعور..!

وحينما يتحدث القاضي عن علماء أهل البيت الأطهار.. تجده يستخدم عبارات الإجلال والإكبار.. فيُكنيهم بالسَّادة.. تقديراً لمكانتهم وحُسن اتباعهم لسُنة جدّهم صلوات الله عليه وعلى آله..

ومن المؤسف بلِ المُخزي.. أن تجد البعض يقدح بجهل في فقه وشخص هذا العلّامة.. دونما عِلم قد عَلِمه أو خَبَر قد استَيقنه.. بل اتِّباعاً لقيل وقال سَمِعَه.. أو لأحدٍ قد أَوهَمَه.. أو بمقاطِع مُجتزَئه.. فيَظهر في ثوب التعصب الأحمق دون أدنى عِلم ووعي بمن يتعصب ضده.. بل وبما يتعصب لأجله.. فيقدح فيمن أوهموه أنه مِن خصوم مذهبه.. وكأنه يُشجِّع في مباراة للكُرَه.!

أما علاقة القاضي العمراني بالسياسة.. فقد حاول الكثيرون أن يستميلوه ويستأثروا به.. مابين حزب وجماعة وحكومة.. فخابت مساعيهم ولم يقدِروا على كسب شرف انتسابه وتأييده.. بل أَعلَن غير مرّه عن حياده.. ونصَح الشباب بالبُعد عن التحزُّب واستقطاب السياسة..

ذلك لأنه الفقيه العالِم.. الذي جمع كنوز العِلم والتاريخ والأدب.. الزاهِد عن المناصب والرُتَب.. فنال من الناس وافِر التقدير والتبجيل والحُب.. فاجتمعوا عليه وحوله في حياته.. وبعد مماته..

رحمة الله تعالى عليه.. وجبر مصابنا فيه.. وجمعنا به في مستقر رحمته ودار كرامته..

من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس