بقلم/ احمد الشاوش
سنظل نتذكر المثل اليمني القائل "القرش يلعب بحمران العيون " ، الذي صار لسان حال اليوم في زمن السقوط.

ومازل الشرفاء يستحضرون المثل اليمني القائل " خيط الحلال ولودق"، رغم انه صار مجرد ذكرى في قاموس اللصوص وتجار الحروب .

ومازال التاريخ يعيد نفسه من خلال الاحداث والقصص والحكايات الطريفة التي كان يتناقلها الملكيون والجمهوريين خلال ثورة 26 سبتمبر ، حيث كان يلتقي بعض مقاتلي قبائل حاشد وبكيل ويسأل كل منهم الآخر : جمهوري أو ملكي ، فيجيب الاخر " زلطي" أي مرتزق حتى النخاع يقاتل من أجل المال والذهب الذي تدفعه السعودية من أجل اعادة بيت حميد الدين الى الحكم ،وتمويل صفقات الاسلحة البريطانية والامريكية ، بينما كان الجمهوريون يتقاضون الاموال والاسلحة من مصر تحت مسمى اقامة النظام الجمهوري والقومية العربية.

اليوم لم يعد الملعب اليمني مقصوراً على السعودية ومصر وامريكا وبريطانيا ، وانما توسع نادي تجار الحروب وتفنن صناع الازمات في سفك دماء الابرياء وتهجير المواطنين الامنين ، وتوسعت دائرة المؤامرة والعمالة والخيانة والارتزاق والمزايدة بدخول لاعبين جُدد على خط الازمة اليمنية من قطر والامارات وتركيا حتى سلطنة عمان صار لها مهارات وتكتيكات دبلوماسية ناعمة ومثيرة للجدل ، والجميع يتحرك في ملعب السعيدة " المنكوب تحت مزيقة الجمهورية وسيمفونية الثورة وعناوين الوطنية وأكليشة الدولة المدنية والمناطقية والعنصرية والسلالية وخناجر السنة والشيعة..

واذا كان المتنبي يقول "السيف أصدق انبأ من الكتب ، فإن لسان حال القيادات والنُخب اليوم يؤكد ان القرش والمال الملوث أصدق من القوات الجوية وألوية الحرس الجمهوري والامن المركزي والمظلات والصاعقة والدبابات والمدرعات والصواريخ والبندقية وميادين الستين والسبعين وكابُل ورابعة ، بعد ان أنتعشت ثقافة الارتزاق من وقت مُبكر.

وأمام الدولار وجنيهات الذهب والريال اليمني المصاب بشلل الاعفاط والولاءات الداخلية والاقليمية والدولية وهوى النفس ، سقطت الدولة وطار الرئيس وفر القائد وترنح السياسي والحزبي الجسور والمثقف الامعة وسلم مشايخ طوق صنعاء وكابل وغيرهم بلدانهم للفوضى برنة تلفون ، كما فتح الحراس الخونة أبواب سور الصين العظيم.

وفي زمن الفقر والجوع والبطالة والاحباط والتبعية والولاءات الضيقة والارتزاق صار القرش آله البشر ومحراب الاغبياء و" سيد" البلداء وثقافة وهوية وعلامة تجارية لتدمير الفرد والاسرة والمجتمع والدين والقيم والاخوة والامن القومي اليمني والعربي بعد ان تحول المواطن الى مرتزق ومجرد سلعة وعبد و بندق تحت امر الطرف الممول.

وصار من يملك المال والسلاح والدعم الخارجي يُحرك البشر والغجر ويتلاعب بالمشاعر والمنابر والميادين والمعارك بالمال الملوث الذي يحصده الكبار وعلاقية قات و دبة غاز أو سلة غذائية للصغار ، لاسيما بعد قطع مرتبات موظفي الدولة بصورة ممنهجة وتحويل الجيش والامن والموظفين والبطالة والفوضويين الى بنادق في ميادين الوهم.

لقد سببت لنا " الشقيقة " صداع مزمن عبر التاريخ ، لايمكن الشفاء منه إلا بالارادة الحرة والوحدة الوطنية ورص الصفوف والجلوس على طاولة المفاوضات وجهاً لوجه والترفع عن الانانية والجراح وتقديم التنازلات من اجل اعادة الدولة اليمنية بعيداً عن تأثيرات السفير السعودي والاماراتي والايراني والامريكي والبريطاني والتركي والقطري ورنات التلفون والرسائل القصيرة ، فالسعودية والمجتمع الدولي لايهمهم من يحكم شيعي أو سني .. جمهوري أو ملكي .. داعش او القاعدة وانما لغة " المصالح" ووصول طالبان الى القصر الرئاسي في العاصمة الافغانية أكبر دليل.

بينما نعث الطباخ القطري الشارع اليمني والعربي بقرشين ونصف حبة دجاج ونفر رز ولحم صغار لصغار الجائعين والمتهورين والمغفلين ودولارات زغللت لها عيون القادة والسياسيين ورجال الدين والمشايخ ، قدمت تركيا سفريات ورحلات سياحية واقامات وجنسيات ومساج على الطريقة الاردوغانية ، وما قصرت الامارات ، واما بريطانيا وامريكا واسرائيل فكانا بمثابة الوقود النووي الذي أحرق منطقة الشرق الاوسط ورغم ذلك الكل يحب ويتعامل مع الثلاثي الكوكباني حق لندن وواشنطن وتل ابيب خلافاً لاغنية انا بكرة اسرائيل .

اليوم لم تعد اليمن هي اليمن ولا الدولة هي الدولة ولا الشعب هو الشعب ولا العدالة هي العدالة ولا القيم هي القيم ولا الدين هو الدين ولا الثقافة هي الثقافة ولا الهوية هي الهوية ولا التربية هي التربية ولا التعليم هو التعليم بعد ان تحول القائد والوزير ورجل الدين والسياسي والحزبي والمثقف والمشرف والمعلم والقاضي والمحامي والطبيب والمهندس والجندي والموظف الى مطبل ومرتزق إلا من رحم الله ، أو تابع وصار كبار القوم من تجار الحروب وصناع الازمات مجرد ريموت تُحركه رنة سفير خليجي أو أجنبي.

فهل يعي تجار الحروب والازمات المحليين والاقليميين انهم مجرد أدوات رخيصة وأبواق مزعجة وأوراق قابلة للاحتراق في أي لحظة متى ما أنتهت صلاحيتهم ، وعلى قول الرئيس الاسبق حسني مبارك المتغطي بالامريكان عريان مابالك بدول الخليج وتركيا ؟.. أملنا كبير.

shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس