بقلم / ابراهيم طلحة
من قال له : "أنت جميل" وسكت، فقد ظلمه.. إنه شاعر أكثر من جميل وأكثر من مفرح..

الشاعر الجميل جميل مفرّح ، هو الفتى المكلومة نشوته، وهو الواقف على شفاه الوقت، وفي مهب الذئاب يناجي العراجين، لتنتزع ربطة عنقه الجمال من جبين الأفول وليل السماء ذات بروج الأوزان والأحزان.

وأنت تتنقل بين قوافي قصائده المسطورة وهي قصائد العمود، وتفعيلات كلماته المشطورة والمنثورة وهي قصائد التفعيلة والنثر، تجدك حائرًا أيّها أجمل.. هذه أجمل.. لا لا هذه أجمل.. لا لا لا.. بل كلها أجمل.

جميل مفرح شاعر متفائل حد التشاؤم ومتشائم حد التفاؤل.. يكتب باحترافية عالية وأدوات غير تقليدية.. يضفي على الشعر شاعرية وعلى الحرف جاذبية.. يجيد الاستهلال والاستدلال.. فبداية كلامه في كل قصائده كنافذة يستدل بها على مواطن الضوء التي يمكن أن تتوزع في القصيدة.

إلى هذا وذاك، هو كاتب مقالات صحفية نقدية وسياسية بارع.. هو مبدع متكامل.. بنات أفكاره جميلات وشيطان شعره مريد.. وكلما قرأت له قصيدة حدثتك النفس قائلةً: "هل من مزيد"؟!!

هنا نتوقف مع إحدى قصائده العمودية البديعة:

زئير

أنامُ وكلَّما أغفو أراكا

وأصحو لا أرى شيئاً عداكا

كأنَّك آيتي في كلِّ شيءٍ

أقدِّسُ ما تجودُ به رؤاكا

يسيلُ على جليدك جلُ خوفي

ويصهرُ صخرَ أحزاني رضاكا

وأشنق ما تكدس من حنيني

وتوقي عند سدرة منتهاكا

تُطلُّ فتدركُ الأعيادُ منِّي

مقاماً في المحبةِ ما تَشَاكَى

وتبكي كل قافية ببالي

إذا طال انتظاري في حماكا

إذا تنأى يشيخ القلب حزنا

ويزأر إذ أقول له: نساكا

أحبك ما أحب الله عبد

وأعشق في محبتك الهلاكا

لأنك ما استطاعت معصياتي

وتيهي ما أجادته يداكا

فعذبني كما تهوى وزدني

كما تبغي شهيتك ارتباكا

تظل لكل أشواقي إلها

وتبقى ماقسوت معي ملاكا

فمهلا.. كن قريبا، كن بعيدا

أحبك في الوصال وفي جفاكا

حول الموقع

سام برس