بقلم/ احمد الشاوش
من روائع الاغاني الشعبية التي تغنت بها الفنانة تقيه الطويلية "أحباب قلبي ثلاثة واربعة واثنين " التي هيجت أحاسيس الانسة حواء وتربعت على عرش التفاريط والزفاف والمناسبات السعيدة.

كما دغدغت أغنية " ياولد ياولد ياقاري كتاب الله " ، مشاعر عشاق الفن والمحبين التي هيجت أحاسيس أصحاب المناظر والطيرمانات وزادتهم طرباً ولوعة بالنغم الاصيل المصاحب لدقة الصحن.

اليوم اختلف الايقاع وضاقت القلوب والعقول وصار أحباب قلبي ثلاثة واربعه واثنين مطعفرين وأبعد مايكون عن الساحة الفنية والمهرجانات الغنائية واطراب الناس بعد غزوات صالات الافراح وملاحقة الفنانين واعتقال الطربي ونعثرت المداكي والمدافل والشيش والتلفونات وتحويل أفراح واعراس الناس الى تعاسه ، وما مشاهد الفيديوهات التي رأيناها في وسائل التواصل الاجتماعي إلا شاهداً على الجهل وقلة العقل واستعداء الناس ، وكأن البعض عايش في قندهار أو تورا بورا.

واذا اكان الفنان الكبير احمد السنيدار غنى " العصر عصر اللطف والاناقة" ، فان شاهد الحال يؤكد اليوم انه ليس عصر الفن والثقافة والابداع وانما عصر " الحماقة" ، وتشغيل الريوس بعد ان تقدمنا خطوات في الحياة المدنية بدليل ما نقله لي أحد الفنانين من انه قبل سنة حضر الى المركز الثقافي بصنعاء وبدأ يعزف بعض الاناشيد والاغاني الوطنية أستعداداً لعيد 26 سبتمر والوحدة اليمنية وما ان بدأ حتى ظهر له مسلح وقال له ولادقة ولاصوت والله لافرغ الالي في كرشك قووووم، فما كان من الفنان الحبوب والرومانسي امام عنتر زمانه إلا ان عطف السامان وروح البيت.

اليوم أختلف ايقاع البلد وصارت أغنية احباب قلبي ثلاثة واربعة واثنين من اغنية شعبية ترقص الطير الى برنامج عمل سياسي وأسلوب انتهازي يشتغل بنظام الشرائح والكابل والحسابة بتحسب.

وعندما أرتفع ترمومتر العاطفة والحب ، سارع الفنان علي حنش الى الضغط على الزر النووي واحداث تفجير رومنسي بإغنيته المشهورة " أقوم عليك بثورة" في اشاره الى الصبابة في معشوقته لكن فنانا الظريف والمواطن الغلبان صدموا بثورات من نوع آخر قلبت عاليها سافلها وحولت اليمن السعيد الى بلد تعيس .

ومن اجمل القصص التي يقال انها حدثت للفنان علي حنش انه ذهب الى أحد القرى اليمنية يشارك في احياء حفل عريس وما ان صعد الى الدور الثالث وبدأ يدندن ومن شدة التخزينة غطت على العين الوحيدة التي ينظر بها ومن كثرة الخدارة والضيوف سقط السقف وتطعفر الضيوف الى الدور الثاني وقامت جعفارة كبيرة وكل واحد يصيح من الالم وصاحبنا يواصل الغناء وكلما سمع صوت استغاثة او صراخ أرتفع صوته دون شعور معتقداً ان الجمهور جمهورة وفي قمة المتعة ، واليوم البيت اليمني يسقط والغبار في كل مكان والضحايا بلاحدود والقوى السياسية تمارس نفس الايقاع معتقده ان الشعب في صفها وان الجمهور جمهورها بينما واقع الحال بعيد.

أمام الفنان الشعبي محمد البصير ، كان أكثر زقعة واثارة وشيطنة عندما كان يطل من خلال تلفزيون صنعاء بإغنية " جمهورية من قرح يقرح " التي ذاع صيتها في كل مدينة ومحافظة يمنية ، وكانت تحمل رساله أشبه بجرعة الوخز بالابر الصينية للملكيين والهاشميين ، وكانوا يرون فيها استفزاز صريح ويصعقونه بإلسنتهم ، لكن الفساد والافساد ومراكز القوى العابثة والمتغيرات المحلية والاقليمية والدولية العجيبة قرحت ثورة 26 سبتمبر والجمهورية والمواطن جوووووو

حال اليمن اليوم ، ينطبق عليه أغنية الفنان الكبير علي الانسي " يالاقي الضايعة" بعد ان فقدنا الدولة والمؤسسات والمنجزات والسيادة واالمواطن الصالح الذي حولت حياته الى جحيم.

أخيراً.. تعبنا سياسة و شيطنة وبرم وحماقة وتهور وارتزاق ونفاق وتآمر وبيع وشراء وفقر وبؤس ومجاعة وبطالة وتخوين وخيانة وتهديد ووعيد وتجزئة وتقسيم وتشتت وحقد وكراهية وجرحى وقتلى ومعاقين واستنزاف للموارد البشرية والثروات وامتصاص دماء الابرياء فهل من رجل رشيد..

” إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ”..
سورة يونس

حول الموقع

سام برس