بقلم/ احمد الشاوش
تناولت وسائل الاعلام المغربية والعربية والدولية قضية سقوط الطفل ريان ذو الخمسة أعوام في بئر عمقها ستين متراً بصورة مثيرة وصادمة لفتت انظار وتعاطف العالم ودفعت آلاف المغاربة بالتوجه الى منطقة الحدث المآساوي لمؤازة وانقاذ الطفل ريان والتخفيف من اوجاع اسرته المنكوبة.

وكان للاعلام الدولي الاثر الكبير في تسليط الضؤ على الفاجعة الكبيرة والمنافسة في جذب انتباه المشاهد والمتابع والقارئ أولاً بإول من خلال الضخ الاعلامي والاخبار العاجلة والتغطية المتواصلة والصور الحية والمشاهد المآساوية التي أقلقتنا وسَمرتنا امام شاشات الفضائيات ، وحولت المشاهد الى أضعف من خيوط العنكبوت أمام الحدث المرعب والوجع الكبير والاهمال الرسمي.

دماء الطفل ريان :

والمشاهد المنصف والمتابع الحصيف منذ عصر الثلاثاء يجزم ان دماء الطفل ريان عالقة في ذمة الحكومة المغربية وخلية الازمة التي ثبت أهمالها وفشلها وسؤ تقديرها في التعامل مع قضية انسانية بسيطة كشفت عجز الدولة المغربية وضعفها في محاولة انقاذ طفل شاءت الاقدار ان يكون ضحية للاهمال وقربان للعبث واللامبالاة.

والسؤال الذي يطرحة المواطن المغربي والعربي ، مالذي دفع فرق الانقاذ الى الاستمرار في حفر منطقة موازية للبئر ، مدة خمسة ايام دون ان يلتفتوا الى حاجة الطفل الماسة للماء والاكل والاسعافات الاولية للبقاء على قيد الحياة منذ اليوم الاول لاسيما وان احد المتطوعين وصل الى عمق 26 متراً وكانت تفصلة 6 أمتار عن الطفل ريان ، لولا انعدام الاكسجين الذي حال دون الوصول وانتشال ريان الى اعلى ؟

لماذا غاب الناطق الرسمي للحكومة المغربية في مثل هذا الحدث الجليل وانعدمت الشفافية والتستر على حقيقة موت الطفل من وقت مبكر واستغفال الشعب المغربي والعربي ووساءل الاعلام والتدليس على والد ووالدة الطفل ريان التي تلقت صدمة كبيرة بعد أخراج ريان ونقله على نقاله بمعية فريق طبي جثة هامدة جمدت الدماء في العروق.

كيف للدولة والملك والحكومة المغربية ان تحمي سيادتها أو تدخل في مواجهة كوارث طبيعية أو تخوض حرباً عبثية مع دولة خارجية وهي لم تستطع ان تنقذ طفلاً من ابناءها سقط في بئر مدة خمسة أيام رغم الحديث عن عنفوانها وقوتها وامكانياتها ، بينما كان بالامكان انقاذالطفل منذ اليوم الاول بمتطوع ودبة أكسجين.

لقد جسد الحادث المآساوي للطفل ريان وفاء وتماسك وانسانية الشعب المغربي الذي هب لنجدة ومشاركة أسرة الطفل ريان وانقاذه بإعتباره أبن وأخ كل مواطن ومواطنة مغربية.

وتجلت عظمة المواطنين المتطوعين منذ اليوم الاول لسقوط ريان في البئر ونزول أحد المواطنين الى عمق 26 متراً لكن أختناقه لانعدام الاكسجين جعله يعود الى اعلى للبقاء على قيد الحياة ، ما يدعو الى طرح أكثر من علامة تعجب واستفهام من عدم تزويد المتطوع بالاكسجين ومواصلة مهمته الانسانية.

والمثير للسخرية ان الخطة التي نفذتها فرق الدفاع المدني من خلال الحفر بالبوكلينات والجرافات في منطقة موازية للبئر التي سقط فيها الطفل ريان ومارافق ذلك من تجهيز أنابيب اسمنتية لفتح ممر الى الطفل ريان لانقاذه وانتشاله من البئر ، عمل شاق وتشكر عليه الفرق ، إلا ان المضي في تلك الخطة الفاشلة على غرار مقولة " ياجحى أين أذنك" والمدة الزمنية الكبيرة ، دون مراعاة طفل يشاهد الموت على مدار الدقيقة نتيجة لانعدام التنفس وشدة البرد القارس والظلمة والجروح الخطيرة وعدم قدرته وادراكه على شرب الماء والاكل الذي أثار حفيظة الناس ودلل على عدم نجاح عملية انقاذ الطفل حياً.

أخيراً.. مالفت نظري هو الدور البطولي لذلك الشاب الذي نزل الى عمق 26 متراً وكاد أن ينجح في انقاذ الطفل ريان لكن نقص الاكسجين أعاده الى الاعلى وتم استبعاده دون سبب ، وذلك الدور الانساني لرجل الصحراء الذي أثبت قدرة كبير في الحفر اليدوي بهدؤ وصبر وايمان بلاحدود حتى وصل الى منطقة الطفل ريان رغم الخطورة ، والشيء المؤسف الذي هز كياني وكيان كل مغربي وعربي هو حالة الكذب والتضليل الرسمي والهروب من مواجهة الواقع وتلاشي الامل بعد تسويق الاخبار السارة المفبركة بإنعاش ونقل الطفل ريان الى سيارة الاسعاف والاستعراض بطائرة عمودية ليصدم الجميع بعدها بإعلان التلفزيون المغربي وفاة الطفل ريان وتعازي واتصال الملك والحكومة التي فقدت ثقة الشعب وأثبتت فشلها عند أصغر أزمة بالموت البطيء للطفل ريان وتحويل حياة والدته ووالده الى جحيم... رحمة الله عليك ياريان وجبر مصاب والدك ووالدتك .

حول الموقع

سام برس