بقلم/ فاطمة المزروعي
جميعنا بطريقة أو أخرى عندما تحضر كلمة مثل «التعلم»، يذهب الذهن نحو شكل التعليم وطريقته وآلياته المعتادة، ونستحضر المؤسسة التي تؤطر وتجمع، ويتم فيها العمل المنظم لتحقيق التعلم وهي المدرسة، وما يأتي بعدها من صروح مثل المعاهد والكليات والجامعات، لكن التعلم أشمل وأعمق وأعظم من تحديده بمؤسسة اجتماعية مثل المدرسة، وإن كانت تقوم بدور حيوي ومهم في سياق رسالتها المعرفية التنويرية، الذي لا ينكره أحد، ولكن تبقى عملية التعلم أعم وأوسع، حيث نسمع من يقول إن المدرسة لا تعلم أحداً، وهذا القول قد يكتسب بعض المصداقية خاصة أن هناك علماء ومختصين في مجال طرق التعليم والتدريس.

قد يستغرب البعض عند الحديث عما يسمى التعلم الاعتيادي أو العفوي، وهي عمليات التعلم، التي تتم بطريقة غير مباشرة للإنسان، وخلالها يتزود بالمعلومات، من خلال المشاهدة أو من خلال التعاملات مع الآخرين، وهذه العملية هي التي تزوده بالخبرات اللازمة في المجال الذي توجه نحوه، وهي التي تعطيه زخماً معرفياً يمكنه من التطوير، ولعل هذه العملية أعمق ممارسة قام بها الإنسان طوال تاريخه، فهو ينقل علوم وخبرات ومعارف الآخرين ويطورها، ويزيد فيها ثم يقوم بواجبه في نقلها لمن يأتي من بعده، وتتم هذه العملية بعفوية وهدوء، وعلى امتداد الأيام والأعوام.

لعل خير ما يدلل على قوة هذه العملية التعليمية غير المباشرة أو العفوية، وجود شخصيات ملهمة ناجحة ومبتكرة، حققت نجاحاً وشهرة كبيرة، لم تحصل على شهادات عليا من جامعات وكليات متخصصة. وسنجد الكثير من العلماء من قدم بحوثاً ودراسات فرقوا خلالها بين التعلم الحياتي العام، وبين التعلم في المدرسة، ويرون أن الحياة مدرسة أعم وأكبر وأشمل.

نقلاً عن البيان

حول الموقع

سام برس