بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
هذا التصعيد الكبير في مايحدث في اليمن يؤكد عدم وجود أستراتيجية واضحة لما يجري في اليمن من أصحاب المصالح المختلفة وأصبح الكثير من اليمنيين في حالة تشبة التيه والضياع حيث لم يتبلور إلى حد الان مشروع واضح المعالم يساعد أطراف الصراع الرئيسية في الصراع من أجل الوصول إلى حل سياسي توافقي في المرحلة الاولي يمكن أن يؤدي إلى حل سياسي شامل ودائم

بالطبع هناك كثير من الاسباب الموضوعية التي أدت إلى تصاعد حدة الصراع واستمرار الحرب ولعل أهمها

أولا

سقوط كيان الدولة ومؤسساتها وعدم وجود سلطة فعلية لها على كامل التراب الوطني إضافة إلى عدة عقبات منها عدم وجود حكومة وسلطة يقف إلى جانبها جميع اليمنيين

ثانيا

التحولات الجديدة التي حدثت في اليمن أثبتت أننا أمام وضع وجديد وتداخل مصالح بين قوي أقليميه ودوليه وغيرها والأطراف الاقليميه والدولية لا يوجد لديها رؤيا واضحة أومشروع محدد تجاة تحقيق السلام في اليمن مجرد تشابك المصالح وأختلاف الأهداف تدفع جميع الأطراف إلي التبشير بأهمية وقف الحرب بينما الواقع يؤكد غير ذلك ويمكن القول أن الاختلافات الاقليمية والدولية حول مايجري في اليمن لا يزال هو أحد أهم الاسباب الجوهرية في عدم وقف الحرب واحلال السلام في اليمن لأن هذه الاطراف الاقليمية والدولية تتحرك ببطء شديد لإيجاد حل سياسي ينهي معاناة اليمنيين والمآسي المستمرة لكن في الجانب الآخر تستمر معظم هذه الدول في بيع الأسلحة المستخدمه في حرب اليمن وهذا يؤكد حجم المصالح الاقتصادية الكبيرة لكثير من هذه الدول التي تستفيد من أستمرار الحرب في اليمن

ثالثا

لايزال غالبية الشعب اليمني ينظر إلى هذه الحرب بأنها دمار أحل بالشعب اليمني ككل بسبب فساد النخبة السياسية والأحزاب المأزومة وحروب الوكالة الاقليمية في الأرض اليمنية وأن الخروج من هذه الحرب لازال موضع شك كبير عند معظم اليمنيين بسبب معرفتهم أن معظم الأطراف لا يوجد لديها رغبه حقيقيه في وقف هذه الحرب وكل مايتم من قبلها هي المناورة والتكتيك السياسي على حساب معاناة الشعب اليمني

رابعا

أصبح اليمن من أفقر دول العالم ويعاني من مشاكل أقتصاديه وأجتماعية وصحيه وأمنيه وغيرها وكل الأحزاب والقوى السياسيه وقادة الرأي والمثقفين والناشطين والإعلاميين والأكاديمين والأطباء عاجزين عن العمل وتشكيل قوة ضاغطة حقيقيه تساهم في وقف الحرب معا أنه كان يمكن أن يكون هناك واقعية في التعامل مع مايحدث وفتح المجال للمبادرات السياسية والإنسانية من أجل وقف الحرب والدفع بحوار سياسي جاد من أجل الحل الشامل بين كل اليمنيين ووقف الاقتتال بينهم وتكون نابعة من أراده حقيقية وليس عبارة عن مبادرات شكليه مدفوعة من أطراف الصراع لأهداف معروفه سلفا حتي أصبحت بعض التحركات عبارة عن مشاريع مقاولات بالتكليف وتنتهي بمجرد الأعلان عنها

خامسا

ما يحدث في اليمن أدى إلى تفاقم التوترات الإقليمية بشكل كبير كما أنها أحد أهم الاسباب لمخاوف الغرب بسبب التهديد بهجمات مختلفة عابرة للحدود كما حدث مؤخرا في استهداف الأمارات ويُنظر اليوم إلى الصراع في اليمن أيضًا على أنه جزء من صراع إقليمي بين إيران والمملكة العربية السعودية بالاضافة إلى أن موقع اليمن الاستراتيجي الهام وتحكمه في مضيق باب المندب والذي يمر عبرة الكثير من شحنات النفط العالمية والسفن التجارية هي أحد أهم الاسباب الجوهرية في أستمرار الحرب في اليمن

ما هو واضح من الماضي هو أن الدبلوماسية الأمريكية مع الرياض والخطاب حول الحلول التفاوضية ودعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لم تفعل شيئا يذكر لليمنيين لقد فشلت السياسة الأمريكية في ما اعلنت عنه من خلال خطاب الرئيس بايدن بأن وقف الحرب في اليمن هي من أولويات السياسة الخارجية في المنطقة ولكن يبدو أن الجهود الاميركية وجهود المبعوث الاممي لم تتمكن من تقديم أي حلول جوهرية وأنما ظلت في المنطقة الضبابية تدعو الى التهدئة وإلى الحوار ولم تمارس أي ضغوط حقيقية وعملية لدفع أطراف الصراع لوقف الحرب والجلوس الى طاولة الحوار بالاضافة الي ذلك فإن الأهداف الأمريكيَّة الجديدة في اليمن تتمثل بمواجهة تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب إضافة إلى مواجهة التمدد الإيراني ومساعدة دول الخليج العربي لذلك زادت من دعمها مؤخرا للامارات ولعمليات التحالف العربي في اليمن

كما أن الوقع السياسي في اليمن اليوم أصبح مفتت وقائم علي أرتكازات مناطقية وطائفية ومذهبية يمكن أن تؤدي إلي مزيد من الصراعات والانقسامات والاختلافات السياسية والتحالفات التي تتغير بين ليلة وضحاها وستكون أثارها مخيفه إذا ماتم الاستمرار في دعمها وتغذيتها ليس على اليمن فقط وإنما عبر الحدود

نحن أمام مرحله من أهم المراحل في تاريخ اليمن فالحرب لازالت مستمرة وتدخل عامها الثامن ولم تحقق أهدافها لذلك تبقي أهمية أحلال السلام والإسراع في الحل السياسي الشامل في اليمن مصلحة حيوية للسعودية واليمن لايمكن التأخر في العمل من أجلة لان الصراع الإقليمي والدولي يتم التخطيط لة بأن تكون اليمن هي الساحة الخصبة لهذا الصراع القادم في نفس الوقت الذي يجب علي كل الأطراف اليمنية في التفكير بشكل مختلف عن السابق لان العواقب ستكون وخيمة علي جميع الأطراف في ظل مستجدات الأوضاع وأختلاف وسائل الدعم والحماس في أستمرار هذة الحرب

هناك أطروحتان حول اليمن تتصدران من جديد ساحة جديدة لحرب أقليمية تتقاطع فيها المصالح الدولية في الوقت نفسة أظهرت الأحدث الأخيرة ظهور أمكانية تطور الحرب من حرب أقليمية بأدوات يمنية الي حرب محاور تمثل تحالفات أكبر عابرة للحدود رغم أن الهدف الأقصى من الحرب التي تقودها السعودية هو عدم وجود أي نفوذ أيراني في اليمن


ومن أجل أن تكون الدولة اليمنية القادمة دعامه أساسيه للأستقرار في المنطقة فلا بد من العمل على وقف الحرب والاتفاق السياسي باعتباره السبيل الأفضل للخروج من هذه الحرب وتقديمه كبديل للمخاطر المحتملةالتي تهدد مصالح اليمن ودول الجوار وهذا لن يتم إلا بحوار حقيقي وجود وتقديم مبادرات سياسية جادة من أطراف الصراع

سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس