بقلم/ احمد الشاوش
يتذكر اليمنيون سيرة رجل الاعمال الحاج هائل سعيد انعم بكل فخر واجلال ويترحم اليمنيون على تلك الشخصية الفريدة والانسان النبيل والرجل العصامي الذي نحت في الصخر حتى صار أشهر من نار على علم في عالم المال والاعمال وأسس مجموعة من الشركات والمصانع والوكالات التجارية التي بنيت طوبه طوبه بعصارة جهده وعرق جبينه ، بعيداً عن استغلال المستهلك ورفع اسعار السلع والمنتجات الغير مبرر.

لقد دخل الحاج هائل سعيد أنعم قلوب الناس ، وفتح الله عليه ورزقه من أوسع أبوابه بالحلال ، وتحول الحاج الى رمز وذكرى عطره من خلال طريق " الدين المعاملة" وخَلَف لاولاده وأحفاده وأسرته رصيد اخلاقي وامبراطورية تجارية واستثمارية يشار اليها بالبنان.

اليوم لاندري ماذا حدث لاولاد واحفاد الحاج هائل سعيد وكيف طغى عليهم الطمع ولغة الارقام والارباح الخيالية متناسين المثل العليا للمؤسس ، بعد ان شعر المستهلك اليمني بإن الاستغلال البشع والاسعار الغير منطقية التي فرضتها المجموعة في جميع منتجاتها عكس مايدور في أسواق دول العالم.

كما ان صمت حكومة الانقاذ بصنعاء التي أستحسنت شعار لا أرى ، لا أسمع ، لا اتكلم ، والتي تُفاخر بإن سعر الدولار ثابت وفي حدود 600 ريال ، وان كل شيء تحت السيطرة إلا تجار الازمات.

وتظهر أزمة رفع الاسعار عجز حكومة عدن التي تعمل بمقولة اذن من طين واذن من عجين ، ولم تُحرك ساكناً ، ولم نجد أي مسؤل يمني كبير ينقذ المواطن من جحيم الاسعار أو يوقف مسلسل عبث واستغلال جميع تجار اليمن دون استثناء من المصنعين والوكلاء والمهربين الذين أدمنوا التلاعب والاحتكار تحت عناوين المنتجات "الوطنية" أو الوكالات التي يمثلها، بينما الواقع يؤكد ان السلع التي تأتي من اعالي البحار والمحيطات وقارات العالم تخضع للجمارك والضرائب والابتزاز هي أقل سعراً وأكثر جودة.

شاهد الحال اليوم يدعو الى طرح أكثر من علامة تعجب واستفهام .. والسؤال الذي يطرحه المستهلك اليوم هو أين دور وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء وعدن واين دور الغرفة التجارية مما يجري من ابتزاز للمواطن ولماذا لاتطبق القوانين واللوائح واجهزة الرقابة بإعتبار أرتفاع الاسعار الغير طبيعي مهدداً لحياة المواطن والنسيج الاجتماعي والامن القومي اليمني في ظل حروب مشتعلة وفقر وجوع وبطالة وتشرد وصناعةأزمات قد تولد ضغط في الشارع نتيجة للغلاء الفاحش وانعدام الرقابة والمحاسبة والضمير وصمت السلطات.

حتى اللحظة لم نسمع أي تصريح لمسؤول أو مؤتمر للحكومة اليمنية في صنعاء وعدن ولم نسمع صوت لوزارتي الصناعة هنا وهناك يوضح حقيقة الارتفاع المفاجئ للاسعار المتمثلة في منتجات شركات هائل سعيد انعم وشركاة ، وشركات ومؤسسات الحباري وفاهم والكبوس وجلب واخوان ثابت وقاطن ومختلف شركات ومؤسسات ووكالات الادوية وغيرهم.

وأغرب من الخيال ان ترى وزارتي الصناعة في العناية المركزة وحماية المستهلك في حالة موت سريري والمواصفات والمقاييس في حالة غيبوبة والمواطن أقرب الى الجنون بعد ان تم طحنه من قبل كل الاطراف الحكومية والتجارية والعدوان دون رحمة.

والغريب في الامر ان الارتفاع المفاجئ لجميع منتجات مجموعة وشركات هائل سعيد انعم وشركاه بصورة صادمة لم يشهدها اليمن عبر تاريخه الحديث ، قد احدث صدمة وأستياء وغضب شعبي لدى المستهلك اليمني الذي أصبح كل ماتفرضه حكومتي صنعاء وعدن على التجار من اموال قانونية وغير قانونية يضاف على المواطن أضعاف دون رحمة وفقاً لقاعدة "أخي التاجر أدفع وبيع على كيفك"!!؟ .

مازلت اتذكر حكاية احد تجار الادوية الذي فُرض عليه دفع مبلغ كبير وعلى الفور أضاف حاجة بسيطة في كل باكت وابره وقارورة علاج على المواطن وحقق ارباح ثلاثة أضعاف ما دفعه للبشمركة هنا وهناك بعد ان غض المتنفذين الطرف عنه وعوض خسارته برفع الاسعار مثنى وثلاث ورباع.

ومن غير المعقول والمقبول ان يصبح التجار دولة داخل الدولة ويتحكم الكثير منهم في فرض اسعار خيالية للسلع والمنتجات الغذائية والحبوب والزيوت والحليب ومشتقاته والسكر والارز والاجبان والادوية وفقاً للمزاج وتزاوج المصالح الشخصية على حساب المستهلك اليمني لذي أصبح ضحية في طاحونة الفساد وتروس السلطات وبلدوزرات القادة والوزراء والمشرفين وكل منتفع .

والمؤلم أن لعبة ارتفاع الاسعار وصناعة الازمات وتعذيب المواطن واستغلال المستهلك يتضح من خلال القاء نظرة على منتجات هائل سعيد انعم الذي أرتفعت بشكل مفاجئ وصادم للمواطن ، حيث:

أرتفعت أسعار زيت كريم من 3500 الى 5000، وسمن البنت والقمرية من 1200 ريال يمني الى 1800 ريال ، والفاصوليا من 300 ريال الى 450 ريال ، والزبادي كبير من 300 الى 350 ريال والصغير من 130 الى 150 ريال ، والحليب الممتاز من 450 الى 550 ريال والدقيق من 13000 ريال الى 18000ريال والفول من 250 ريال 400 ريال .

وارتفع كرتون الفاصوليا من 6500 ريال الى 9500 ريال والسكر والمكرونة والبسكويت ،،، وهذه مجرد عينه .

كما أرتفعت اسعار الدقيق والبر والارز والسكر ،،، وغيرها من المواد الاستهلاكية والمرتبطة بمعيشة الناس لدى فاهم والحباري والكبوس واخوان ثابت وغيرهم من التجار في ظل غياب النظام والقانون وانعدام الضمير.

ولم يقتصر الامر على شركات هائل سعيد وغيره من التجار بل وصل الامر الى مواصلة حكومتي صنعاء وعدن الى اجادة دور المتفرج لبيب في طوابير الازمات.

وتتواصل لغة الصمت والتواري والتهريج الحكومي على غرار مسرحية شاهد ماشفش حاجة ومدى الاستغلال البشع بالمتاجرة وافتعال أزمات البترول والديزل والغاز حيث وصل سعر الدبة البترول في السوق السوداء المحمية والبيضاء المرخصة مابين 25 و30 الف ريال والغاز مابين 14 و17 ألف ريال وغيرها وعلى عينك يامواطن.

ورغم تلك الاسعار الجنونية والازمات الطاحنة والاستغلال يثبت المواطن والمستهلك اليمني انه جشع من الدرجة الاولى وعامل مساعد في ابتزاز التجار وحكومات السوق السوداء ومصاب بداء وسعار الطوابير حتى وان كان يملك قوته لمدة عام نتيجة الثقافة المتوارثة والخوف وعدم ثقته في الحكومات المتعاقبة والفاشلة في ادارة الازمات .

ثقافة المقاطعة:

كم نحن بحاجة الى نشر ثقافة " المقاطعة" على مستوى الداخل لسلع ومنتجات التجار الجشعين والمستغلين والمحتكرين وطوابير البترول والغاز والديزل إلا للضرورة القصوى ، وما احوجنا الى تأسيس منظمة وطنية غير سياسية للدفاع عن المستهلك من استغلال وعبث التجار وصمت حكومات الامر الواقع للحد من ارتفاع الاسعار.

قد يبرر البعض ان الارتفاع الجنوني لتلك الاسعار بسبب ارتفاع المواد الخام والديزل والمواصلات وان حكومة صنعاء وعدن تفرض ضرائب كبيرة وجمارك للدولة ، لكن شاهد الحال ان السلع التي تأتي من تركيا والصين ومصر والاردن والسعودية والامارات وماليزيا واندونسيا أرخص بكثير من منتجاتنا الوطنية!!!؟ ، رغم انها تمر من البحار والنقاط وتدفع أجور تأمين وضرائب وجمارك وحق المتهبشين ، بدليل :

ان حليب هائل سعيد" الوطني يباع " بمبلغ 270 ريال وحليب الربيع السعودي الذي يقطع مسافات من خارج اليمن يباع بمبلغ 250 ريال وهذه أصغر مقارنة فما بال المواطن بالسلع الاخرى!!؟.

وعلى أفتراض ان هائل سعيد وبقية تجار اليمن الكبار يدفعون أتاوات لمتنفذين كبار مقابل حماية ومتهبشين في النقاط وغيره بحسب مايتم تداوله في الشارع اليمني إلا انه من غير المعقول ان يكون الارتفاع بنسبة 30 في المائة في الاسعار كما في السمن والفاصوليا والفول والزيوت ،، بينما في العالم الاسعار ثابته وان كان هناك زيادة سنت او عشرة سنت او ريال أو جنيه فهي نسب طبيعية.

طيب ضيفوا ريال حق المولد النبوي وريال لمشرف وريال للمتهبش بالنقطةوريال لمجهود حربي وريال اسبوع الشهيد وريال للانتقالي وريال لنقاط الشرعية وريال صمود وريال لدعم القوة الصاروخية وريال للمتقطعين على كل علبه فول وفاصوليا ومنتج أعتقد ان تلك الريالات لم تصل الى ذلك الارتفاع الجنوني.

العقل مال :

وفي حسبه بسيطة اذاكان سعر الكيس الدقيق 13500 ريال وارتفع الى 17500 ريال وتم بيع مليون كيس فقط.. بضرب مليون كيس في 4000 ريال فارق سعر بالزيادة يساوي 4000000000 أربعة مليار ريال تقريباً وقس على ذلك بقية التجار!!؟

وفي حالة رفع الزبادي من 300 إلى 350 ريال بزيادة خمسين ريال ... اذا باعت الشركة مليون علبة زبادي : مليون * 50 ريال زيادة يساوي 50000000 خمسون مليون ريال وهذه أبسط وارغب سلعة مايشير الى عدم العدالة وحماية المستهلك ووجود نوايا حكومية عادلة للنظر في سعر السلعة الحقيقي بما لايضر بمصلحة التاجر والمستهلك والاحتقان الشعبي.. مع العلم ان هذه الحسبة تنطبق على شركة هائل سعيد وغيره من التجار دون استثناء.

كم كنت اتمنى ان يطيل الله في عمر الحاج هائل سعيد انعم الذي ترى من خلال صورته بياض ونقاء الملائكة ذلك التاجر الشريف النظيف الخير المنفق المتقي الله .. وينك ياعم هائل ترى اليوم ماذا يصنع أولادك واحفادك الذي مازلنا نجلهم ونقدرهم ونتحدث عن سجاياهم واخلاقهم وتواضعهم وانسانيتهم بعكس الاخرين اعشار المتعلمين لكنهم اليوم تاهوا في لغة الارقام والبورصات والارباح الخيالية ولم نسمع من المجموعة او أي تاجر أي تبرير منطقي للاسعار الجديدة.

قد أكون محقاً أو مخطئاً أو غابت عني بعض الحقائق التي يعانيها رجال الاعمال في طرحي وانتقادي لتصرفات رجال المال والاعمال الذين أشعلوا نيران الاسعار قبل رمضان بشهرين لكن شاهد الحال الغير مبرر وصراخ المستهلك الذي يبحث عن حاكم عادل او سلطة ترفع عنه الظلم اوقائد ينقذه من جحيم الاسعار قد أفقده الامل لاسيما بعد ان دخل رجال الاعمال والمسؤولين في مصالح على حساب المواطن المغلوب على امره وأصبح لسان حال أرباب الاعمال" التجارة شطارة ".

تمنيت لو ان الحاج حيدر فاهم والحباري والكبوس واولاد ثابت وجلب وغيرهم من التجار القدامى ان يزوروا اولادهم ويُذَكروا احفادهم ولو في المنام قبل كل تسعيره بإن يتقوا الله ويبتعدو عن هوى النفس والمبالغة في الاسعار المحرمة شرعاً وقانوناً حتى لوغظ المسؤولون الطرف عنها مقابل بعض الفظلات .

أخيراً.. في غياب عدالة حكومتي صنعاء وعدن ووزارتي الصناعة وأجهزة الرقابة وحماية المستهلك والمواصفات والمقاييس وفقدان الضمير وسلبية المستهلك أسأل الله ان يوقض ضمائر التجار ويذهب عنهم الجشع وان تكون ارباحهم وفقاً لاصول البيع والشراء المشروعة والارباح المعقولة بعيداً عن المتاجرة والاستغلال والمقامرة بحياة الناس والنفخ في تفجير الشارع .. يكفي عبث يكفي تراخي حكومي .. اللهم أني بلغت.. لقد بلغت الحلقوم .

والله من وراء القصد

حول الموقع

سام برس