بقلم/ ماجدة العطار
لم لا يقال للرجل «حُرم» في حين يقال عن المرأة «حرمة»؟

المرأة محرمة على الرجل الأجنبي كما الرجل محرم على المرأة الأجنبية. والمحرّمات هي محرّمات على الرجل والمرأة سوى أن الشرع أعطى للرجل الحق بالزواج مَثنى وثَلاث ورباع باشتراط العدل وقال: «ولن تعدلوا».

ولكن الذكورية في بلادنا تأبى إلا أن تصف المرأة بالحُرمة كواحد من تصنيفات كثيرة للدلالة على أنها حُرمة للرجل. أي أنها كيان تابع لكيان الرجل الذي يمكن أن يَتبع له أكثر من حرمة. أي أنها كيان ناقص بذاته لا يكتمل إلّا بالاقتران بكيان الرجل فتصبح سيدة البيت والريحانة وأم الأولاد والمربية. وهذا يسهِّل على منظومة الذكورة أن تقول للمرأة وباختصار ومن دون إطالة إن مكانك أيتها الريحانة الجميلة بيتك، أي بيت الرجل، المديرة والمدبرة والسيدة ضمن إطار البيت وداخل أسواره وجنة النساء بيوت أزواجهن. فماذا عن «السيد» الرجل «الحُرم»؟

كلمة «حُرمة» كلمة عامية تستخدم كما هو معروف في مستويات ليست على درجة عالية في العلم والثقافة. لكن أن يصدر هذا اللفظ أو الوصف ممن يسمون بنواب الأمة وأن يمر ذلك من دون تعليق، فهذا أمرٌ غاية في الاستخفاف بالمرأة الكويتية ووجودها ودورها في المجتمع وبجهودها التي أوصلتها إلى لعب أدوار كبيرة في المجتمع وفي المجالات الثقافية والعلمية والأدبية والإدارية والسياسية أيضاً. إنها محاولات التحجيم لهذا الكيان الذي يريد أن يفك القيود التي تحبس طاقاته وتقيّد حركته وتمنعه من المشاركة الحقيقية في الحياة العامة.

الحرمة مكانها البيت حسبما يريدون، ولكن المرأة مكانها كل مجالات الفعل الحضاري. تُعلّم الأجيال وتربيهم وتطبّبهم وتبني لهم وتسهر على أمنهم وتدير أمورهم في السياسة والقضاء وتشاركهم الرياضات والفنون والإبداع وتفعّل وطناً تبث فيه الروح والحياة.

الأمة الناقصة هي أمّة النصف المُعطّل والتي تبقى متخلفة عن الركب الحضاري الإنساني. ولم يعد مقبولاً أن تعمَّم أفكار البعض على الكل.

إن فكر الإسلام السياسي يستقوي على المجتمع من خلال نقطة ضعف اجتماعية ترتكز على العادات وعلى الثقافة الخاصة للجماعات الخاصة وليس على الدين في جوهره، إنهم يستقوون على المجتمع من خلال الاستقواء على المرأة، والتي وللأسف أنها مصدقة لمقولة إنها ضعيفة وريحانة وإنها مربية للأمة ولكن من داخل أسوار المنزل فقط.

إلى متى نبقى نتقبّل وصفنا بالحرمة؟ وإلى متى لا نقول لهم إنهم هم الـ«حُرم» طالما حكمتهم عقول منغلقة على تقبل التغيرات في الزمن وأنه زمن لم يعد «سي السيد» ذلك المهيمن، ولم يعد كما كان صاحب الإنفاق وحده.

* نقلا عن " القبس"

حول الموقع

سام برس