بقلم/ احمد الشاوش
كشفت الازمة الاوكرانية - الروسية عن غباء وقلة ذكاء وفطنة وغياب الرؤية لدى الرئيس الاوكراني زيلينسكي الذي صعد الى رئاسة اوكرانيا على متن قطار واشنطن الهايج وعربات الاتحاد الاوربي المتآكلة، دون ان يدرك الحقيقة ويلم بالتركيبة الاجتماعية والروابط الثقافية والجغرافية والتاريخ المشترك ومصلحة بلده أو يفرق بين الرئاسة والكوميديا ، والسياسة والتهريج والربح والخسارة والعلاقات الدولية والمصالح القومية، وموازين القوى والرعب التي تمُثل فارقاً كبيراً بين موسكو وأوكرانيا.

بينما كشفت الازمة الاوكرانية - الروسية عن حكمة ودهاء وفطنة وخبرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي استخدم العديد من الوسائل السياسية والدبلومامسية والاقتصادية والثقافية في محاولة اقامة علاقات متوازنة مع الجارة اوكرانيا التي تم سلخها من الجسد الروسي بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي في التسعينات كأمر واقع أواستقطاب القيادات الاوكرانية أو تحييدها على الاقل من الارتماء في احضان واشنطن والاتحاد الاوربي وحلف الناتو الذي يشكل تهديداً مباشراً للامن القومي الروسي ، لكن الرئيس الاوكراني وحكومته لم يتحلوا بالحكمة وبُعد النظر واحترام حق الجوار ومسايسة الروس ما دفع الدب الروسي الى الاعتراف بالاقليمين الانفصاليين الاقرب الى الروس وخوض الحرب والتقدم بضراوة وضرب الموانئ والمطارات والمواقع العسكرية الحيوية والسيطرة على منشأة تشرنوبل النووية تحت مبرر الحماية والدفاع عن النفس ومصالح روسيا العليا.

وعلى ايقاع المتغطي بالامريكان عريان ، فأن اغرب مالفت نظري هو الحقيقة المرة التي قالها الرئيس الاوكراني " نحن وحيدون في الدفاع عن وطننا والعالم يكتفي بالمشاهدة ، كما ان استجدائه للقاء الرئيس الروسي بعد ان وقعت الرأس بالفاس قد جعلت موقفه اضعف من خيوط العنكبوت .

وعلى قاعدة المتفرج لبيب يتمتع الرئيس الامريكي جو بايدن وشيوخ اوروبا بمشاهدة فيلم احتراق اوكرانيا بنظارات ثلاثية الابعاد بمرارة بعد ان تم النفخ في الرئيس الاوكراني وحكومته وتوريطه والمنطقة تجاه البلدوزر الروسي بدءاً بتفكيك الاقاليم الاوكرانيةالتي تحولت الى جمهوريات تطلب الحماية من روسيا بسبب غباء الرئيس الاوكراني وعجز وسلبية الرئيس الامريكي الاضعف في تاريخ رؤساء امريكا.

تحرك الجيش الروسي بقواه الضاربة الى اوكرانيا وحصارها لتأمين سيادة وأمن وأستقرار روسيا والتقدم نحو العاصمة لليوم الثالث على التوالي ، رغم تجييش الشيشان نحو 100 ألف مقاتل في محاولة لاستنزاف الجيش الروسي لم يُكتب له النجاح لان الحرب بالنسبة لروسيا مقدسة وعلى وزن " نكون او لانكون" ، لذلك لم تتورط الولايات المتحدة الامريكية واوروبا والناتو حتى اللحظة في حرب مباشرة مع روسيا ، لان الجميع يعلم ان الازرار النووية بلمسة أصبع ، وان المشاركة في الحرب قد يؤدي الى حرب عالمية ثالثة كما قال بايدن ، لذلك أكتفت واشنطن والقارة العجوز والمانيا بعدد من التصريحات والتهديدات والعقوبات الاقتصادية والمالية والسياسية وادانات مجلس الامن التي نتج عنها كلمة" نأسف" !!؟ وردود افعال متشنجة بعد ان اوهموا الرئيس والحكومة الاوكرانية بإنه متكئ على جبال من القوة والدفاع والحماية وارسال بعض الصواريخ والمدربين والافراد الذين ذابوا كالملح في الملاجئ مع بقية المدنيين في اليوم الاول من هجوم الجيش الروسي.

في اعتقادي ان العقوبات الامريكية والاوربية والالمانية ووقف خط الغاز الروسي 2 والتلويح باستخدام ورقة الغاز القطرية والزج بآلاف الجماعات الاسلامية على غرار معارك أفغانستان لن يجدي لتركيع روسيا ، لان روسيا اليوم ليست العراق و بنما أو سوريا واليمن أو افغانستان وكوبا ، وانما يُحسب لها ألف حساب ، ولايمكن لموسكو ان تهزها عاصفة كيف أو اعصار الاتحاد الاوربي او رياح الناتو أو نووي واشنطن لان توازن الرعب لايمكن ان يجعل روسيا تنحني للموجه إلا بشروط وضمانات دولية تضمن أمن واستقرار وسيادة روسيا.

لقد نهض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كالمارد من ركام الاتحاد السوفيتي الذي إصابه الوهن بفعل التشدد الايدلوجي والفساد والفشل الاقتصادي وضعف الرئيس الاسبق يلتسن الذي ظل خارج اطار التغطية معظم الوقت تحت تإثير الفودكا ، وانهار وتفكك الاتحاد بفعل سياسة جورباتشوف الى دول وكانتونات هشة ، ليأتي القائد الجمعي الحر " بوتين" الذي التف حوله الروس لاعادة بناء مادمره الفاسدين والعملاء وتدمير احلام الولايات المتحدة الامريكية واوروبا ، مسجلاً بذلك ارادة حرة و مواقف شجاعة وقدرة نادرة ورمز وطني في نظر الروس بعد ان مضى في عملية البناءوالتنمية واعادة الدور الروسي كقطب عالمي يشار اليه بالبنان .

أخيراً .. كم نحن العرب بحاجة ماسة الى زعيم وقائد وطني على غرار الرئيس بوتين لانتشال العرب والمسلمين من مستنقعات الجهل والخيانة والعمالة والفوضى والفساد والمسارعة في اعادة بناء مادمرته الحروب والنزاعات والانقلابات والشروع في عملية البناء والتنمية واحياء قيم التسامح والتعايس وتحرير السيادة والمضي نحو الغد ؟المشرق.

حول الموقع

سام برس