عبدالرحمن بجاش
كم هو ارحم الراحمين جميل ....وحين تنزل رسالة السماء للأرض زنينة مطر يكون الله كما هو أكثر جمالا ... , الله ارحم الراحمين يزين نفس الإنسان بالمطر , بل هي تخضر به ..., هكذا وبطريقتها كانت جدتي (نعمة), تصف الله رب العباد حين تصحو غبش الفجر, والأحوال والأشجار, أغصانها تهتز تحت وطأة ثقل النطف , والجذور ترشف أول رشفه وأجنحة العصافير والأنفس التي تهفو إلى الارتواء , كل يغسل همه وشوقه ويروي ظمأه من زنينة الله المطر , كانت جدتي من كثر شوقها إلى المطر وموسم مطير وزرع يحمل محاجين الذرة والسبول تحرص أن تعتلي دارها وتذهب بنظرها إلى النقطة التي تأتي منها بشائر خير المولى ( شوكة الصلو ) ترسل عينيها إلى الأفق الملبد بسواد المطر سحابة تسكن علو الصلو يلمع من بين ثناياها ضوء يشيع في النفس الفرح بقدوم المطر أنشودة السماء تلحنها الأرض أغاني التراب , تغنيها العدة, والمضمد, وثور عبد العزيز وثورنا ( ذهب ) , خضرة تجتاح الأنفس حين يعلو صوت جدتي منادية عمتي وبيوت أهلنا في الأنحاء ( دخلين حطبكن باكر مطر ) , كان الشوق يظهر هناك بويرق الصلو إيذانا بمطر على الكدرة تتدفق شلالاته مخلوطة بضوء الغروب من أكتاف جبل مطران الحارس الأزلي لعواطف القرويين وحبهم للآكام والوهاد وأحوال حرثوها فانتجت الخير حبوبا تسد رمق الجائعين والشراح والآتين من البعيد يبحثون عن لقمة تسد الرمق . حين يهطل المطر في عتمة نراه قوافل حب الذرة تأتي إلينا في قوافل تظهر ذات صباحات توشت بذهب حبوب البر بريق العيون المنبهرة بقدرة الله زنينة طالما لونت أعين الفجر ونفوسنا . بالأمس صبحا وبعد ليلة غنت فيها السماء والأرض أنشودة المطر ركبت راحلتي وذهبت في رحلة المطر إلى صنعاء التي اعشقها قهوة عند البنوس , وطيبون خرجوا إلى منحنيات الطرق نفوسهم تشتاق الى رزق يرددون ( يا فتاح يا رزاق يا قاضي الحاجات تقضي أمورنا يالله )وأنا انشد أهزوجتي ( يا الله اسقنا الغيث , يا أمين يا الله , يا الله ترحمنا وترحم بلدنا , آمين يا الله ) , من لا عيون لهم لا يشاهدون تفاصيل الشوارع ....وحدهم لهم عيون من غبار!! , وأنا ببراءة القروي أتتبع وقع الزنينة شلالات بهجة تهطل من على جبل غيمان تخضوضر بمائها أعماق صنعاء , بل قل روحها , عشقها , عيون حبلى ببهجة الخلق والمطر بداية الماء خير يهدهد النفوس الجميلة الموشاة بطفولة نهدي المدينة التي تفيض بالعبق, ورائحة الأرض, التي تدور لها رؤوس فقط من يحبون ويحنون ويعشقون تربتها , الآخرون من لا يعلمون ولا يعرفون سر الأرض وحدهم نفوسهم مجرد أصوات لصفائح تحدث الجلبة الفارغة في الانحاء , ويا جدتي الطيبة من كانت نفسك بطهارة الأرض بعد المطر , وأعماقك شمس تتخلل الزنينة , من لم تعرف نفسك التكبر , والتعالي , وفراغ الروح , أنت مدينة أخرى سكنها الفرح , وهديل الماء , مطر غسل نفسي , ولملم روحي , لملم عشقي لهذه المدينة وصباحاتها بلون زنانك وقمصانك , ورائحة العرقوص , وشذى المشقر يزين خدك , ورائحة الأرض تتنفسنها , نتنفسها زنينة الله على الأرض ترسل ألوانها بهجة للكون والإنسان , ويا جدتي من عشقت المطر , ويا غبش قريتي , وصباحات صنعاء مارست والزنينة غرامهما , ويا صنعاء عليكما أنت وجدتي وزنينة المطر سلام الله .......

نقلاً عن الثورة

حول الموقع

سام برس