بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
جميعنا يعرف أن ظروف الحرب والأزمات المتلاحقة ألتي تعرضت لها بلادنا كان لها ألاثر الأكبر في عدم تمكن السياسة الخارجية من تمثيل نفسها وعكس القضايا الوطنية التي تهم كل أبناء اليمن بسبب الاستقطابات السياسية وعدم قدرة القائمين عليها بالإلتزام بالثوابت الوطنية ومحاولة أرضاء ألاحزاب أو القيادت التي تمثلهم وهذا عكس نفسة علي ضعف الاداء وعدم الفاعلية في التعامل مع الخارج


الكثير من الدول تعرف من خلال السياسة الخارجية ألتي تتبعها لتحقيق الأهداف الوطنية ورعاية مصالح الدولة ومواطنيها حول العالم ومن خلال أهداف ومحددات واضحة وأستراتيجيات مدروسة


أن السياسة الخارجية اليمنية تحتاج إلى استقرار في منظومة عملها وتستند إلى رؤية واضحة وواقعية لدور وقيم المجتمع والدولة ولطبيعة العلاقات الإقليمية والدولية التي تهدف لترسيخها وأن تحظى هذه الرؤية بدعم وتأييد شعبي يمكّن الدولة من تحمل تبعات السعي لتنفيذها

اليوم الدبلوماسية اليمنية تتعرض إلى إفراغ كامل لدورها لأن ما يحدث مخيف ويبعث على القلق حيث أصبح أكثرية القائمون بمهام السياسة الخارجية يمثلون أحزاب سياسية ومراكز نفوذ وفساد عائلي ومناطقي وهذا ليس سر أو لا أحد يعرف ذلك فقد تم أحلال اصحاب المحسوبية والمناطقية خصوصا من المرتبطين بصداقات شخصية ببعض قيادات الوزارة وبعض المنتفعين القريبين من شخصيات أنتهازية تتربع على عرش السفارات لفترات تجاوزت عشرات السنين غير مكترثين لا بالقوانين ولا بالدستور ولا حتى بالأخلاق

إن كل مايتم اليوم يبعث علي الحيرة ويضعف من مصداقية توجهات الدولة أمام الخارج لأن طريقة إعفاء كوادر السلك الدبلوماسي الأصيلة من سفراء ودبلوماسيين أكتسبو خبرة طويلة في أعمالهم وأحلال كوادر جديدة تمثل بعض الانتهازيين والمشاركين في سفك دماء اليمنيين وبعض الفاسدين الذين ساهمو في نهب أموال الشعب وتهريبها إلي الخارج مثل هؤلاء لا يمكن أن يكون لهم أي دور أيجابي في قضية إستعادة الدولة وتحقيق السلام لكل اليمنين لأن مصالحهم لا تتوافق إلا مع أستمرار الحرب ومعاناة اليمنيين وسيظلون أدوات هدم وخراب على كل اليمنيين

ورغم تباين الآراء حول مدى نجاح أو فشل السياسة الخارجية اليمنية إلا أن معظم المحللين يتفقون على أنها لم ترتق إلى المستوى المطلوب لعدة عوامل أبرزها التدخلات الخارجية وتدخل بعض الأحزاب والنافذين في عملها بشكل مباشر أو غير مباشر كما أن المعضلة المالية التي تعاني منها وزارة الخارجية قد تسببت في إصابة معظم البعثات بالشلل التام رغم أن دول التحالف قد تكفلت بمعظم ميزانية وزارة الخارجية غير أنها عادت وأوقفتها بسبب فساد في صرف هذة الحقوق بصورة صحيحة

أن أهم أولويات السياسة الخارجية في ظل التغيرات التي تمت مؤخرا ووجود قيادة جديدة تتمثل بمجلس القيادة الرئاسي يجب أن تكون

أولا تنظيم الدبلوماسية من خلال النظر في كل المخالفات القانونية التي تمت وأستدعاء كل السفراء والدبلوماسيين ألتي أنتهت فترة عملهم القانونية وتعيين الكوادر المستحقة حتى يعود للدبلوماسية اليمنية دورها وتكون عونا للدولة والرئاسة في تحقيق كل الاهداف الوطنية ورعاية مصالح اليمن وشعبها في أطار توجهات الدولة في تحقيق النهضة الشاملة لكل أجهزة الدولة

ثانيا ملف المفاوضات من خلال الجهد السياسي والعمل الدبلوماسي اليمني وإعادة ترتيب الوزارة والتحضير لتفعيل عملها مع باقي الوزارات من داخل اليمن وهو عمل كبير يتطلب إعداداً لوجيستياً وإدارياً كبيراً وعاجلاً في الوقت ذاته وهناك الملفات السياسية الملحة مثل الملف الإنساني والحقوقي وهو أمر يحتل أولوية قصوى لدي كل أجهزة الدولة والذي يجب أن يحظي بإشراف مباشر من مجلس القيادة الرئاسي
بالاضافة إلى المفاوضات من خلال مسار الأمم المتحدة وحشد الدعم الدولي لمواقف الحكومة من أجل وقف الحرب وتحقيق السلام العادل والمستدام فضلاً عن الملفات الاعتيادية وهي علاقات اليمن مع مختلف الدول ورعاية مصالح بلادنا وأبنائها أينما وُجدوا خصوصاً في ظل الحرب الذي فرض على مئات الآلاف من اليمنيين السفر طلباً للرزق والأمان في شتي بقاع العالم

الحقيقة أن مثل هذه الاولويات تمثل بداية لعمل سياسي يحاكي واقع الوضع اليمني وطموحات أخراج اليمن واليمنيين من الاستمرار في محطات التدمير المستمر لأن الدبلوماسية يجب أن يكون دورها محوري في تحقيق السلام وإعادة الاستقرار لكل اليمنيين

وفي سبيل تفعيل العمل الدبلوماسي لخدمة القضية الوطنية يجب إعادة الدبلوماسيين الذين تم أقصائهم قسريا من المناطق الشمالية والجنوبية وأيضا التصدي لمحاولات فرض التقاسم الحزبي والمناطقي للوظيفة في هذا الجهاز الحساس وسيطرة فئة غير قادرة وغير مؤهلة مفتقدة للخبرة والدراية بإدارة الدبلوماسية اليمنية

إن هذه الإشكالية أثرت بشكل كبير على واقع السياسة الخارجية وجعلت منها سياسة ارتجالية، سياسة تعتمد على رد الفعل بدل الفعل مما جعلها تسقط في الكثير من الإخفاقات والمشاكل

إن مؤسسة الخارجية يجب أن يتم تحييدها من تجاذب القوى السياسية المختلفة وتسابقها على التعيينات في مناصب دبلوماسية حساسة تحتاج وظائفها إلى اختصاص وخبرة كما أن القانون يمنع الدبلوماسيين من ممارسة العمل الحزبي وتمثيل كامل الوطن اليمني بمهنية وشرف وأمانة

من خلال ما سبق يمكن القول إن بناء دور دبلوماسي لليمن في المرحلة الراهنة يجب أن يكون مجلس القيادة الرئاسي قادرا فية علي تعيين قيادة دبلوماسية تعمل على إعادة القضية الوطنية إلى الصدارة وتحديد هوية السياسة الخارجية اليمنية وكيف يمكن أن تخلق أجواء من الثقة في قدرة اليمن على إقناع المجتمع الدولي بطرحه وعدالة قضيته لتحقيق مزيد من التموقع والاهتمام على الساحة الدولية

لو أستطاع مجلس القيادة الرئاسي البدء بهذه الأولويات ولم يخضع لضغوطات الأحزاب الانتهازية ورموز الفساد الدائمين الذين ستكون أولوياتهم غير مايريد وخطابهم خلاف مايتوقع وسيجعلون الدبلوماسية اليمنية وسيلة من وسائل توزيع المغانم في مابينهم ومنبرا من منابرهم يستخدمونها في الصراع العبثي مع الخصوم غير مدركين ان السياسية الخارجية والدبلوماسية وسيلة مختلفة عن الوسائل التي أعتادو عليها في بث الفرقة والتناحر بين أبناء الوطن الواحد

أتوقع أن مجلس القيادة الرئاسي يستطيع تنفيذ الأولويات على قائمة عملة خصوصا وأنة صاحب القرار الاول في تنفيذ جميع الاصلاحات والنهوض بسياسة خارجية تتوافق مع ظروف المرحلة الجديدة

سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس