بقلم/ معروف درين
المتابعُ الحصيف يدركُ حجم التناقضات في أهداف التحالف السعودي الإماراتي المعلنة وغير المعلنة منذ مارس2015م وحتى اللحظة، فعلى سبيل المثال لا الحصر وضع عودة ما يسمى بالشرعية إلى العاصمة صنعاء أحد أهداف هذا العدوان البربري الغاشم على اليمن الأرض والإنسان، لكن الواقع والمعطيات على الأرض تقول عاكس بل واستحالة ذلك حتى لو كان التحالف صادق في تلك الأهداف المزعومة والمشؤومة، فمن سمح وأيد وشارك في قتل أبناء اليمن وتلطخت أياديهم بالدماء لا يمكن لهم العودة لا على ظهر الدبابة ولا بالحوار.

ورغم ما كان يتغنى به التحالف ليل نهار في مختلف وسائل الإعلام ويسوق له بين الفينة والأخرى بأن عودة الشرعية إلى اليمن وتحديداً إلى العاصمة صنعاء هدف رئيسي لهذا العدوان وهذا التحالف والتدخل في الشؤون اليمنية، إلا أن كل ذي بصرٍ وبصيرة يعرفُ أن هادي كان ولا يزال تحت الإقامة الجبرية ولا تتعدى أوامره الجناح الفندقي الذي يسكن فيه وهو بالفعل خارج أي تسوية سياسية منذ اللحظات الأولى للعدوان، فقط كانت مهمته الشرعنة للعدوان الذي انطلق قبل وصول هادي إلى السعودية ببضعة أيام ودون معرفته ايضاً!!

صحيح إن هادي كان عنده بعض الشرعية باعتباره منتخب من قبل الشعب وبموجب المبادرة الخليجية، غير أن هذه الشرعية المنتقصة باعتباره مرشح وحيد وتوافقي جاءت به المبادرة الخليجية لا رغبة وقناعة الشعب، وفوق هذا وذاك فالفترة انتقالية مدتها سنتين وتم تمديدها وانتهت تماماً بتقديمه الاستقالة وخروجه من المشهد السياسي، وبسبب الفشل الذريع في مختلف المجالات التي مُني بها التحالف فلم يعد قادراً على الاستمرار في اللعبة نفسها فاضطر إلى تغيير قواعد اللعبة والإفصاح عن مستقبل هادي الحقيقي عقب ما يسمى بمؤتمر الرياض الذي دعت له السعودية للشرعنة ايضاً لمخططاتها الخبيثة في اليمن الرامية إلى استمرار الحرب والدمار والحصار أكبر قدر ممكن.

نعم كانت نتيجة تلكم المؤامرة وليس مؤتمر الرياض هو ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي المكون من رئيس وسبعة أعضاء، ليقوم بالظاهر بالحوار والتهيئة للسلام مع حكومة صنعاء، ولكن الوقائع وما تخطط له السعودية تقول غير ذلك، ولن نذهب بعيداً ويكفينا النظر في الهدنة المزعومة وما نُفذ من بنودها، فمنذ إعلان الهدنة في الثاني من إبريل المنصرم وحتى كتابة هذه السطور لم يتحقق شيء على أرض الواقع فمطار صنعاء لا يزال مغلق ولم يسمح التحالف بأول رحلة التي كانت مزمعة إلى عَمَّان رغم الاستعدادات وإعلان ومباركة الأمم المتحدة لهذه الخطوة، ولا يزال تحالف العدوان أيضا يمارس القرصنة على دخول سفن المشتقات النفطية ويقتادها إلى قبالة سواحل جيزان رغم تفتيشها وحصولها على التصاريح الأممية، وحجم الخروقات بالألاف، فعن أي هدنة وثقة نتحدث، وماذا سنبني على هدنة وهمية وهشة في نفس الوقت؟!

والحقيقة التي يجب أن يستوعبها الجميع ويستعد لفصولها ومشاهدها وعلى رأسهم أبناء اليمن الشرفاء المدافعين عن الأرض والعرض، هي أن المملكة العربية السعودية بالدرجة الأولى وبعد أن فشلت في الخيار العسكري على مدى ثمانية أعوام، دأبت على تجربة تكوين ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي ليس للحوار والرغبة في تحقيق السلام كما تدعي وإنما في لم شتات الشرعية المزعومة والمشتتة في كيان واحد لقتل وحصار أبناء المحافظات المحررة والخاضعة لسلطة حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء عاصمة الصمود والثورة، فمن خلال هذه السياسات الرعناء التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب فإن السعودية سعت وتسعى إلى توحيد الجبهة الداخلية لما يسمى بالشرعية من خلال كيان واحد وجبهة واحدة ووعاء واحد للدعم.

لهذا فإن الفترة المفترضة للهدنة أستغلها الطرف الأخر للترتيب الصفوف والحشد ومن خلفهم دول تحالف العدوان وكلهم أمل في النجاح في الخيار العسكري هذه المرة، لكن القيادة السياسية والثورية في المناطق المحررة لن يغيب عنها هذا الأمر، فهي في نفس الوقت تمد يدها للسلام الحقيقي وليس الاستلام ويدها الأخرى تمسك على الزناد لقطع الطريق على المعتدين والناهبين لخيرات وثروات اليمن والتنكيل بهم وهي مستعدة لكل الخيارات، ولن تكون طريق التحالف مفروشة بالورود كما يحلمون ويتمنون بل سيواجهون خيارات موجعة ومؤلمة وأسلحة حديثة وفتاكة ومفاجئات لا تخطر على بال، وهذه الخيارات وحدها من ستجبرُ السعودية والإمارات ومرتزقتهم على القبول بالسلام الحقيقي وليس المغالطات لكسب الوقت الذي لا ولن يكون في صالحهم.

وقبل فوات الأوان على دول التحالف التفكير ومراجعة تلكم المخططات كون الرد سيكون مزلزل وبنك الأهداف حيوي وهام واستراتيجي لدولتي تحالف العدوان على وجه الخصوص والأسلحة التي مجهزة للرد والردع والهجوم والدفاع في آن غير ما تعرفون وما جربتم وما تعودتم عليه، وقد أعذر من أنذر ولم يعد لدينا ما نخسره بعد أن دمر تحالف العدوان كل شيء على مدى سنوات العدوان، ومجلس القيادي الرئاسي لا يعني أبناء اليمن الشرفاء بقدر ما يعني ويخدم وينفذ سياسة السعودية وولي عهدها بشكل خاص وكلمة الفصل هي لأبناء الشعب اليمني أنفسهم وليس لأي دولة أو كائن من كان أن يختار لنا من يحكمنا ويشارك في قتلنا وحصارنا والأيام القادمة ستثبت لمن الشرعية الحقيقية!!

حول الموقع

سام برس