بقلم / احمد الشاوش
اذا كان الهنود أكثر حلم وتعاسة فإن بعض أبناء إب أكثر سعادة وطرباً واريحية بالدخان المثير الذي يحول الخيال الى حقيقة والحقيقة الى خيال ولايبطل تلك السعادة المؤقتة والخدارة العجيبة إلا ضربة ريح أو سباق ألف كيلو متر حتى يتصبب المولعي عرقاً من كل جانب ويعود المزاج الى ضبط المصنع الطبيعي.

ومن المفارقات العجيبة أن تجد في اليمن وزراء ومسؤلين للتعاسة وقادة للحماقة ومشايخ للجلافة ومشرفين للهنجمة ومستشارين للغاجة.

ورغم ان المواطن اليوم في الغرب يعيش في سعادة بعد أن حصل على الكثير من الحقوق وفرص السكن والوظيفة والتأمين الصحي والتعليم والخدمات والسيارة والقروض الميسرة والمنافسة والعدالة والمساواة والحرية ، فإن المواطن الخليجي ينعم بتلك الخدمات والامن والاستقرار بإستثناء الديموقراطية ، لذلك فإن الدول التي تحترم الانسان أصدرت قرارات بتعيين وزراء للسعادة بغض النظر عن الجنس واللون والعرق والمذهب والجنسية، بينما اليمنين غارقين في هرمون التعاسة واللغاجة والحروب والاحقاد والثارات والفجور السياسي ، من قبل الاسلام وبعد الاسلام ، وقبل الثورة وبعد الثورة ، والحُجَة عند الجد الاول الذي بطر بالنعمة في لحظة غرور وجهل وخدارة وقال " ربنا باعد بين اسفارنا" ..

ومن ذلك اليوم ومعشر اليمنيين بلا سعادة وان هبت رياح الخير ماهي إلا لحظة وحنت البنادق والزوامل والولاءات وطار الصوف في معارك وقودها أبناء السعيدة ، معارك لاناقة لنا فيها ولاجمل ، وبذلك حولنا الافراح الى مآسي والنعم الى نقم والشوارع والمدن والقرى الى براميل ونقاط ومواقع وقطعنا الطرق واسمع لك والصراخ والانين والشكا والبكاء في كل بيت.

أضحك مع الايام:

ومن النكت التي يتم تداولها لدى بعض أصحابنا انه ماان يجتمع بعض الباعة في مجلس عرس أو موت أومقيل للترويح عن أنفسهم حتى يصرخ أحد شياطين الانس من باب المزحة والشيطنة " بلدية" ، وتشوف المخزنين والباعة يتطايروا وفي النهاية يقلك ماهي إلا كاميرا خفية بعد ان نعث المجلس وقلب المدايع وعكر مزاج الحضور في صنعاء وريمة وعتمة.

ومن عجائب الزمن يمارس بعض موظفي البلدية وادارة الاسواق تصرفات سلبية بعمل حملات وملاحقات ورعب وظلم للباعة المتجولين والبساطين وأصحاب العربيات الحديد ، تقلب السوق رأساً على عقب تحت اسم القانون والنظام والحقيقة هو الابتزاز واستغلال البسطاء المكافحين من أجل أطعام أسرهم وأولادهم بالحلال بدلاً من التحول الى لصوص ومجرمين ومسجلين خطر ما يحمل أكثر من علامة تعجب واستفهام .

وما أن تحضر الى قاعة اعراس وتسلم على العريس وتستمع الى فنان رومانسي وفي قمة الاناقة والحلى والطرفة يشع منه هرمون السعادة واذا بمؤمن قوة 64 حصان ومرافقين كالخشب المسندة ينطلقون كالسهم نحو الفنان وآلة العود ، والمأيقعين والميكرفون والسماعات فيطير الفنان النبيل من الفجيعة ويحط رجل في الارض والثانية في السماء وياروح مابعدك روح .

وفي نفس اللحظة تشوف آلة العود تطير كالقوى الخارقة ويتطعفروا المأيقعين وتتقلب المداكي والمدافل ويصبح الضيوف سكارى وماهم بسكارى من هول هرمون التعاسة والجلافة كما حصل في بعض مدن عمران وحجة والمحويت وصنعاء الذي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي بالصوت والصورة سابقاً.

وكلما حاول البعض منا ان يعيش لحظة سعادة ورومانسية على انغام احمد السنيدار و حمود السمة والحارثي أوينصع نانسي عجرم وشاكيرا قفزت وزارة الداخلية تفتح لك اغاني تقية طويلية وثابته أو زامل وانت في قمة الرومانسية والصفاء وغارق في الزمن الجميل وأقتلبت لك حواء ساع الغريم دون ان تختار الوقت المناسب ، بسرد فاتورة أولها في الجراف وآخرها في بيت بوس .. الغاز نجح والعاقل قال لك تطوبر الصبح بدري ، وفاتورة الكهرباء حضرت والملائكة غابت والماء مقطوع وصاحب البقالة وقف الحساب .. وعيد عرفة على الابواب والجهال يشتوا كسوة ولاتنسى جعالة العيد ، وماهي إلا ثواني إلا وطاح هرمون السعادة وهبط ترمومتر الرومنسية وارتفعت حمى اللغاجة وطاحت جلسة السنيدار والسمة والحارثي وطارت علينا نانسي عجرم وشاكيرا حتى طويلية ونبات أحمد وطار النوم والزمن الجميل وولعت الاسعار وانقطعت المرتبات وخطاب ينطح خطاب وجمعة وراء جمعة وعيد وراء عيد وهدنة تطلع وهدنة تنزل ومشاورات هنا ومفاوضات هناك وطباخة على نار هادئة للمواطن وأصبحنا نردد أغنية الفنان محمد عبده " لنا الله" .

لامزوج سلي ولاعزب مستريح:

وعلى قول المثل اليمني "لامزوج سلي ولاعزب مستريح"، فلا حكومة صنعاء صرفت مرتبات الموظفين ولاحكومة عدن قامت بذلك وان صرفت للبعض قيدته بمناطقها وصار النصيب الاكبر لبنك لكريمي !!؟ ،
ورغم ذلك لايقدمان خدمات الكهرباء والمياه ومشتقات النفط وغاز بالاسعار المعقولة.

فرب الاسرة بحاجة الى وظيفة ومرتب ومصاريف وسكن وتامين صحي في ظل دولة تكفل له ادنى الحقوق ، والعزب بحاجة الى عمل ومصاريف ليعيش حياته الطبيعية ، لكن الواقع يقول ان هرمون السعادة في اليمن صار مجرد فقاعة وأشبه بكذبة إبريل بعد ان فقد اليمنيون العقل والحكمة والصدق وقيم الحب والتسامح والتعايش والايثار بسبب الثقافة الآسنة والمال الحرام الذي حل محل المبادئ والقيم الفاضلة.

وشاهد الحال اليوم ان الثورة التي حلم بها بعض الناس بالامس في صنعاء وتعز وعدن والحديدة وحضرموت وغيرها لتكون عنواناً للعدالة والمساواة والتنمية والسعادة صارت مُفرغة من تلك القيم والمُثل العليا، فلا الثائر صار صادقاً ومتسامحاً بعد ان وصل الى الرئاسة ولا القائد قائداً ولا الوزير وزير ولاالسياسي سياسياً ولا المسؤول مسؤولاً ولا القاضي قاضياً ولا المعلم معلماًولا الطبيب طبيباً ولا الامين أميناً ولا الغفير غفيراً بعد ان أختلط الحابل بالنابل وصار الوطن والمواطن والمتصارعين مستنزفين وعلى حافة الهاوية.

حتى التاجر الكبير الذي يُفترض ان يكون اكثر سعادة ورضا بما يجنيه من اموال وأحتكار للسلع ورفع للاسعار بصورة مبالغ فيها يشكي بمرارة على طريقة الافلام الهندية التي تخلي المستهلك تدمع عينيه من اول نظرة رغم انه يضيف التكلفة على المواطن المسحوق ..

يقلك اليوم نعيش فوضى و كساد .. مافيش فائدة ولارحمة نبيع من اجل الحفاظ على رأس المال في ظل جبايات الجمارك والزكاة والضرائب وأرتفاع أجور النقل والتامين والغلاء العالمي وحق بن هادي والاتاوات والمناسبات ، ويشعرك انه ملاك نزل من السماء.

ومن الظواهر المؤلمة يذهب البعض بمعنويات مرتفعة وهرمون السعادة يتنازح منه ، لاجئاً الى القضاء طلباً للعدالة والانصاف واسمع لك من دعوى واجابة وشهود زور للا يجار وقوانين وثغرات محامين ومقاولة ومقاوته وبيع وشراء ..

ريال ينطح ريال ،ومليون يدق مليون وحكم يصدر وحكم يستأنف وحبس للرجال وحبس للنساء وأجرة شاوش وعسكري وطقم يحن ويرعد وطقم يرجع والحسابة بتحسب ، ومايدرى صاحب الحق إلا وقد كمل عليه هرمون السعادة وحل هرمون الفقر والجوع والتعاسة بعد ان وثق في الدولة والقضاءوالقضاة والمحامين فيغرق ويبيع مافوقه وماتحته ، ورغم ذلك هناك بعض القضاة وأعضاء النيابة والمحامين الشرفاء الذين هم بعدد الاصابع وفصلوا في عدد من القضايا وفقاً للشرع والقانون.

أخيراً.. أدمغتنا لم تعد تفرز هرمونات السعادة التي تساعدنا على تحفيز الشعور وتحسين الحالة المزاجية والتخلص من الاكتئاب ، وأصبحنا معشر اليمنيون حكاماً ومحكومين نعيش حياتنا بصورة غير طبيعية نتيجة للحقد والفجور السياسي والكذب والنفاق والعصبية والانتقام والتبعية والولاءات الزائفة والقفز على القيم الدينية والانسانية النبيلة..

فهل يعود الجميع حكاماً ومحكومين الى تفعيل أعدادات ضبط المصنع " الفطرة" وقيم الاصالة والتسامح والتعايش واعادة السعادة الى اليمن السعيد .. نأمل ذلك .

shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس