بقلم/ دكتور/ علي أحمد الديلمي
ان اليمن التي يعيش فيها اكثر من ثلاثين مليون لا تعتبر كل مشاكلها سياسية فقط هناك قضايا مختلفة تحتاج إلى أهتمام في معالجتها وأصلاحها فالمجاعة والفقر وأنعدام الخدمات بشكل عام كلها تحتاج إلى وقفه جاده وأعتقد أن ضعف الحكومة و غياب الجهات المسؤولة في تحقيق طموحات الناس وحل مشاكلهم أحد أهم الاسباب في عدم رضا اليمنيين و قلما نري السياسيين والاطراف المختلفة يتحدثون عن هذه المشاكل وسبل حلها وأيضا هناك أختلاف في فهم الهوية الوطنية ومواضيع مثل الدولة المدنية والادارة الذاتية وتطبيق القانون

والحقيقة أن كل مايحتاجه المواطن اليمني هو دولة قوية تحقق لة الحد الادني من المطالب في اطار الدولة من خلال حكومة مسؤولة وقادرة على الانجاز ومع ذلك فإن من أهم الاسباب التى أدت إلى عدم الولاء للدولة نتيجة الثقافة السائدة لدي الكثير من اليمنيين وهو الولاء للقبيلة أو المذهب أو المنطقة أو العائلة أو الحزب اولا وهذا مايمكن رؤيتة في سلوك النخبة السياسية في اليمن والممارسات التي تجمع معظم اليمنيين تؤكد ان الهوية المحلية القبلية المرتبطة بالجغرافيا تاتي في المقدمة ولو كان الولاء والارتباط بالدولة وتطبيق القانون هو الأساس لكان وضعنا في حال أفضل بكثير

إن الذي يراقب وضع بلادنا منذ بداية الحرب إلى يومنا هذا يرى أنه ينتقل من سيء إلى أسوء وفي جميع المجالات فمتى يستحق أهلنا وبلادنا نهاية لهذه الحرب وعودة السلام الذي أصبح هدف كل يمني ومتي يكون هناك حكومة يقبلها جميع أبناء الشعب اليمني ولا تكون مفروضة وفي حالة استمرار الاوضاع الحالية تحت سلطتين شرعية في عدن وأخري في صنعاء فإن الانهيار سيستمر في كل المجالات وسيكون لها تداعيات سلبية على الاقتصاد والحياة الاجتماعية للناس

ونري أيضا إن عدم قدرة الحوثيين على تغيير الواقع السياسي في الدولة اليمنية وفشلهم في إدارة الخدمات وتوفير متطلبات المواطن وعدم تمكنهم من ضمان الاعتراف الدولي والإقليمي بالحكومة التي شكلتها في صنعاء وفقدانهم الجزء الأكبر من أراضي الدولة اليمنية وعدم الوفاق بين مختلف القيادات والصراع على إدارة شؤون المناطق التي تستحوذ عليها بعض مراكز القوى داخل الجماعة وظهور هم بأنهم محسوبين على إيران ومدعومين منها كل ذلك جعلها أيضا لا تحظي بدعم الغالبية العظمي من أبناء الشعب اليمني وهذة حقيقة لا يمكن انكارها وعزز من ذلك ظهور الجماعة بأنها تجيد الحرب أكثر من السياسة

تعاني بلادنا من إشكالية بنيوية أساسية على مستوى تكوين الدولة ومركز اتخاذ القرار واحترام الدستور كما تعاني بلادنا في هذه المرحلة من وجود طبقة سياسية تريد إعادة إنتاج نفسها في السلطة ودفع اليمنيين للقبول بأي حلول وإجراءات ناقصة في كل مايتعلق بحياة الناس ويأتي كل ذلك في إطار محاولة الأطراف السياسية المختلفة الاستفادة من فترة المراوحة قبل وصول التسوية الخارجية لتكريس مكتسبات أو لتثبيت أو تعديل موازين القوى في نفس الوقت الذي تعاني جميع الأحزاب المشاركة في السلطة بدرجات متفاوتة من تراجع الثقة الشعبية فيها ومن تفكك التحالفات والحذر المتبادل بين مكوناتها كما تعاني من غياب وضوح الرؤية بالمآلات واهتزاز القناعة بالنظام السياسي وتزايد الدعوات للحل العسكري وتتجهّز أغلبها للسيناريو الأمني الأسوأ مع عدم الرغبة بالوصول إلى وقف الحرب والوصول الى السلام والحل السياسي الشامل وما يزال سلوك هذه الأحزاب قائماً على مقاومة التغيير والسعي لإعادة إنتاج المنظومة نفسها بعد أن اهتزت صورتها أمام الرأي العام اليمني بسبب فسادها وتعطشها للسلطة والمال العام واستمرار ها في تأمين المصالح الذاتية واهمال الاعمال المنوط بها امام الناس

ولم تتمكن الدول التي اهتمت بمساعدة اليمنيين بإنهاء الحرب ولم تعمل سوى القليل لكبح أحد جذور أسباب النزاع ولا سيما المتعلقة بإنتقال السلطة وفي الواقع أعتمدت هذه الدول على قاعدة تقاسم السلطة بين المكونات والأحزاب الرئيسية مما عزز السياسات المناطقية والطائفية والتحولات التي نشأت عن الحرب

إن تقاسم السلطة بين القوى السياسية وبين المكونات الرئيسية أدى إلى خلق تحدي دائم يتمثل في محاولة ايجاد توازن سياسي ونتيجة لذلك سيظل المجتمع اليمني منقسماً سياسياً واجتماعياً و يتوقع الكثير أن الحرب قد تندلع في أية لحظة بين هذه المكونات

ظلت الحكومة اليمنية لا تشارك في نقاشات حول الماضي أو حول كيفية منع تكرار العنف وكان هناك غياب شبه كامل للمساعي الرسمية للكشف عن الحقيقة والاعتراف بما يساهم في وصول اليمنيين الى التوافق والتعايش بسلام وفي حين أن بلادنا معرّض بالفعل للتأثر بالتوترات الإقليمية فقد يكون من أسباب استمرار دائرة العنف هو الإخفاق في التعامل مع إرث الماضي بطريقة جدية ومستدامة كما أن الحوثية في وضعها الراهن لم تعد مشكلة يمنية بوسع النظام وضع الحلول لها أو استئصالها ولم يعد بوسع اليمن والسعودية الانفراد بمعالجتها بل باتت مشكلة إقليمية ذات أبعاد دولية مرتبطة بمجمل الصراع في المنطقة وبالملفات المفتوحة فيها.

أن الاجواء العامة في هذه الفترة تتطلع الى بعض التغييرات الايجابيات علي مختلف الأصعدة من أجل السلام ووقف الحرب وفي تقديري أن مثل هذه الجهود والتحركات هي المدخل الأساسي لبداية الحل السياسي الشامل في اليمن وهذا لن يتم إلا من خلال الوعي والإدراك من جميع الاطراف والمكونات اليمنية بأهمية الحوار من أجل الوصول إلي حلول شاملة يكون هدفها بناء الدولة ووضع الأسس القويه في بقاءها من خلال بناء المؤسسات بشكل علمي ووطني بعيدا عن ممارسات الماضي المتخلفة في الإقصاء والقهر وعلي اليمنيين جميعا التماسك والضغط علي كل من أوصلهم الي هذا الحال فالعالم يتغير والشعوب تتغير وتطالب بحقها من أجل الأفضل لها في الامن والسلام والحياة الكريمة

سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس