بقلم/ محمود كامل الكومى
أنهم مَن أتوا على ظهر دبابة الاستعمار والطغيان , وأستباحوا لأنفسهم تصفية الحساب وتنفيس الغل والأحقاد – على حساب الشعب والأوطان –وذابوا الى ما لا نهاية حتى صاروا مُحَللاً للامبريالية والصهيونية والاستعمار , وصار في أذانهم قصف الطائرات العملاقة لكل جزء من العراق بأسلحة الفتك والدمار ومنها المحرمة دوليا , سيمفونية تعزف على أوتار أشلاء الأطفال الصغار ليصير أنينهم نغم هادر على شاطئ دجلة والفرات .

قيادات جاءت من الخارج تسمى معارضة العراق لحكم صدام , وفى محجر أعينهم تبدل الدم القاني فى الرافدين بفعل الدماء التى أسالها مارينز الأمريكان لشهداء الشعب العراقي , عذب فرات , وبدا زفير أنفاسهم مصدر استزادة وتلذذ من أفراد الجيش الأمريكي وهم يهدرون أدمية قاطني سجن أبو غريب , ويمارسون معهم الشذوذ واللواط , فكانت المعارضة العراقية الآتية من أوروبا وأمريكا الأكثر سادية من قوات الاحتلال الأمريكية , وبدت هي العار وآلة الدمار الأمريكية , وهى مازالت الى الآن يلحقها حكم المحلل لطلاق بائن بينونة كبرى , والمُحلل هنا فى حكم الديوث , والزواج الآتي بعده زنا .

ثمانية عشر عاما منذ الغزو الأمريكي لبغداد والزاحف على ظهر دباباته وعلى متن طائراته وفوق أجنحة صواريخه المدمرة من تسمت بالمعارضة العراقية , التى آتت وهى فى غبطة وانشراح أن يدمر ويحتل العراق , وقبلت أن ينظمها "برايمير" ويُسيرُها على وقع دستوره الذي فتت البلاد , وعمق الفتن الطائفية , والنعرة المذهبية , وصار الاقتتال على كل الألوان وبين كل النحل والقوميات والأثنيات بل والأديان .

كان الهدف الدنيء للاحتلال تجريف ميزبوتاميا من الحضارة والتاريخ , فصار النهب المنظم لأثار العراق ,تحت وقع وسمع من ولاهم الاحتلال مظهريا حكم العراق ممن آتى بهم على ظهور الدبابات , وأمام أعينهم قتل الموساد والمخابرات الأمريكية خيرة أبناء العراق من العلماء فى كافة المجالات .

لا يشفع للمعارضة العراقية أنها آتت مع الأمريكان لتخليص البلاد من حكم الديكتاتور ,لكي تنعم العراق بالحريات , فقد غاب عنها العقل وأعماها الغل وصارت كالمجنون الذي يستثار ,فلم تدرك معنى القاعده الشرعية أخف الضررين ,فانحازت الى كل الضرر والضرار , وبدت أدة لتدمير البنية التحتية والاقتصادية للعراق فأعادت العراق الى ما بعد اجتياح المغول لبغداد, ثم كانت أم الأثافي حين انتزع من الجسد العراقي دوله عاصمتها اربيل تموج بأعلام تل أبيب .

لم تكن أفغانستان بعيدة عن أعين حكام العراق الآن - وهم من آتى بأغلبهم الاحتلال الأمريكي – فقد كان عليهم ببصيص من ضوء أن يدركوا حقيقة الغزو الأمريكي لأفغانستان وأدواته الذين حكموا هذا البلد من خلال المخابرات الأمريكية فحولوها الى مجاهل التاريخ , وأستوطن الاحتلال الأمريكي فيها الى الآن, فكيف لم يدركوا ذلك إلا لأنهم أدوات لتنفيذ مهمة الاحتلال , ولو كانوا غير ذلك لألهمهم الله العقل الراجح والبصيرة المتقدة ليقفوا حائلا بين العراق والاحتلال الأمريكي , أي ما كان صدام!.

لم يرض الاحتلال الأمريكي أن يغادر العراق اِلا وأرسل لها من يعيث فى الأرض فساد فكانت داعش نسيج من الصهيونية والإمبريالية الأمريكية ,وعلى أثرها ,عاد الأمريكان فى صيغة خبراء وطيران ومارينز من جديد بمقولة دعم من أتوا بهم كمحلل لخراب البلاد , وغدت قواعد أمريكية , فى حضرتها دخلت تركيا شمال العراق , وعلى الخط ايضا لابد أن تتواجد ايران , طالما استعان الأكراد بالصهاينة الأسرائيليه.

ثمانية عشر عاما منذ سقوط بغداد وحكم صدام والقوى الآتية مع الأمريكان والمنتظمة بدستور "برايمر" تحكم العراق على وقع الفساد وانهيار الخدمات , والتساهل مع سرقة بترول العراق , الى أن عم الفساد ربوع البلاد واستشرى وصارت الكهرباء فى عز الحر والقيظ غير موجودة اِلا فى نادر الساعات ومياه الرافدين بدت تشح بعد فيضان , وصار الغلاء عنوان كبير , خاصة مع تدهور الدينار العراقي كل يوم , وبدت الحكومات والبرلمانات , تأخذ منحى هنا وهناك بعيدا عن خدمات شعبنا العراقي ورفع المعاناة عنه, لا نقول أن ترفع المعاناة كليا لكن الشعب العراقي أدرك انه يدور فى حلقة مفرغة من التوهان وشظف العيش وتدني الخدمات , وأدرك ان هناك من صنع منطقة خضراء يلوذ بها علية القوم والحكام الذين تعمدوا أَلا يبالوا بسكرة الموت التى بدت على شعبنا العراقي.

راح الشعب يلملم أطرافه و يستجمع قواه ويثور على من حولوا قصور صدام الى مضاجع للأمريكان , واحتموا فى منطقتهم الخضراء وزرعوا الفساد .

بدأت مظاهرات شعبنا العراقي تقتحم المنطقة الخضراء وتجوب القصر الجمهوري ,قد تمتد فتخمد وقد تعم أرجاء البلاد – وهنا السؤال .. هل يدرك حكام البلاد أن أُس البلاء أنهم امتطوا دبابات الاحتلال فاحتلوا العراق ؟
فخنعوا الآن لكل مطالب الأمريكان وأن الأمريكان لا يريدون للعراق نهضة أو فواق – اِذا أدركوا ذلك فعليهم التكفير عن ذنبهم والتصدي للأمريكان وتطهير أرض العراق من عسكر تركيا وإيران, والانصياع لمتطلبات الشعب العراقي الذي فاض به الكيل الآن ، وغير ذلك معروف فالثورة آتية مهما الأيام تطول .


*كاتب ومحامى - مصري

حول الموقع

سام برس