بقلم/ فاطمة المزروعي
القراءة فعل تنويري للإنسان ، بواسطته حقق المنجزات والمعجزات، ومن خلالها قامت الحضارات وانتشرت العلوم ، وستجد أن لها المكانة العالية منذ القدم وحتى يومنا هذا، هناك مقولة تنسب للفيلسوف الصيني الشهير كونفوشيوس، والذي نجح في إقامة مذهب فلسفي ضم التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي والأخلاقي، بل إن فلسفته وآراءه كانت مؤثرة في الفكر والحياة الصينية والكورية واليابانية والتايوانية والفيتنامية، وتكتسب مقولته هذه وهجها لأنه توفي عام 479 قبل الميلاد، وهذا يوضح قوة القراءة ومكانتها منذ القدم، فقد قال هذا الفيلسوف: «مهما كنت تعتقد أنك مشغول، لا بد أن تجد وقتاً للقراءة، وإلا سلم نفسك للجهل الذي قضيت به على نفسك».

في هذا العصر تحديداً الكثير من الناس لا يجدون الوقت لممارسة الكثير من المهام الحياتية، فنحن كما يقال في عصر السرعة، إلا أنه واكب هذا التطور أيضاً تطور في مجال التأليف والكتابة والنشر، في السابق كنت تضطر للذهاب إلى المكتبة لشراء كتاب ما، اليوم يكفي أن تتصفح هاتفك الجوال، وتقوم بشراء الكتاب الذي أعجبك من المتجر الإلكتروني في غضون دقائق قليلة، وتبدأ في قراءته، بل إن هناك آلافاً من الكتب المفتوحة المصدر، بمعنى الكتب المسموح بتداولها مجاناً، والبعض منها كتب قيّمة وتحتوي معلومات هائلة وغزيرة تستحق التوقف عندها.

مع أننا في هذا العصر نعيش ثورة التقنيات الحديثة والاتصالات، إلا أنه تبعاً لذلك تطورت أيضاً الطرق والوسائل التي يمكنك من خلالها الحصول على الكتاب. الشيء المؤكد أن القراءة تغيرك نحو الأفضل، وعندما تقرأ كتاباً ما، بتأمل وبعمق وذهن مفتوح، لابد وأن يترك أثراً ما داخلك. وهذا ما أشار له الشاعر الراحل الغواتيمالي أمبرتو أكابال، عندما قال: «تعلمت أن القراءة فعل خشوع، فأنت حين تنهي قراءة كتاب لا تعود الشخص الذي كنته قبل القراءة». وهذه واحدة من أهم خصال القراءة وفوائدها العظيمة التي لا تقدر بثمن.

كل كتاب يترك أثره، وعقلك لا بد وأن يستفيد وينهل من معين هذا الكتاب، ومما احتواه من فوائد وقيم ومعلومات، والحقيقة أن عقولنا بحاجة ماسة ودائمة ومستمرة لتغذيتها بالمعلومات التي تحتاجها، لأن هذه المعلومات هي التي تبقى في العقل الباطن، ويتم استعادتها عند الحاجة، فلا تعتقد لأي لحظة أن هناك كتاباً لم تستفد منه، قد تشعر بعدم الاستفادة، ولكن الحقيقة أن المعلومات التي لا تشعر بها مترسبة داخل عقلك، ستبقى هناك محفوظة وكأنها في أرشيف من المعلومات التي يتم إخراجها عند أول حاجة لها.

نقلاً عن البيان

حول الموقع

سام برس