بقلم/ احمد الشاوش
تعددت فنون اللعب بالشعوب في عالم تحكمه الثعالب والمخالب وأصحاب المقالب ، وكماان للرقص الشرقي مدارس في هز الوسط وملاعبة الجسد واغراء الشباب ، فأن للفصاحة ولحن القول والخطابات الاستهلاكية والرقص على عقول البلداء والاغبياء واعادة تشكيل وتعبئة الحمقى صار له مدارس وجامعات ومتارس.

لقد لفت نظري قول امير الشعراء احمد شوقي في قصيدته المعنونة "بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً .. في شِعارِ الواعِظينا.. فَأَجابَ الديكُ عُذراً يا أَضَلَّ المُهتَدينا.."

تلك القصيدة التي شخص فيها شوقي العديد من صفات المكر والخداع وصور الاحتيال والكيد واللؤوم والادوار الرخيصة التي يجيدها الكثير من شياطين السياسة والحكام العرب في ثياب الواعظين .. " الملائكة" وفقاً لمقولة ميكافيلي في كتابة الامير ..الغاية تبرر الوسيلة ، الذي تحول الكثير من ذئاب الفساد واللصوص وقطاع الطرق الى ملائكة تجر الشعوب الى الدمار والدماء والفقر والمجهول بينما العالم يحتكم الى العدالة والفرصة للافضل.

لذلك لافرق بين القائد الكذاب والعالم الدجال والسياسي الافاك والواعظ المزايد والخطيب المنافق والحزبي المضلل ، والمثقف الامعة ، والمسؤول الخائن وتجار الحروب والاعضاء والمخدرات لان كل منهم يأتي في البداية في صورة ملاك يدغدغ المشاعر الانسانية ويتحدث عن الظلم والحياة والعدالة والحياة الكريمة للوصول الى السلطة والثروة وبعدها تفتتح أبواب جهنم وما كشفته حروب اليمن الا دليل قاطع على اننا نعيش عصر الذئاب بإستثناء القليل من الشرفاء.

وبوقفه صادقة وقراءة متجردة عن الاهواء سنجد ان حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه " آية المنافق ثلاث : اذا حدث كذب ، واذا وعد أخلف واذا أتمن خان ، " ، يعكس حقيقة واقعنا المأساوي اليوم في شمال اليمن وجنوبه وشرقه وغربه على مستوى القمة والقاعدة بعد ان تناسلت الثعالب وتم تهجين واستنساخ الواعظين وتحولت الوطنية الى خطابات استهلاكية للوصول الى السلطة والخطابات الدينية تجارة رابحة والمذهبية الى احزمة ناسفة ، والهوية اليمنية متناثرة مثل حب القشام.

كم نحن بحاجة الى أحياء قيم الصدق والامانة والتكافل والشعور بالمسؤولية والبُعد عن الفتن والعمالة والخيانة ومحاربة الامراض القروية والمناطقية والمذهبية والعرقية والسلالية و الاستبداد والمزايدة بعيداً عن صفات ثعالب الغابة.

ما احوجنا اليوم الى استعادة ما فقدناه من رصيد اخلاقي لاكثر من ألف عام واستعادة مادمره بعض الحاقدين والماكرين من القيم الانسانية والعادات والتقاليد والاعراف والاسلاف العريقة التي كانت عنوان لاصالتنا ومحل تقدير واحترام شعوب العالم.

كم نحن بحاجة الى قائد وطني شريف كالثوب الابيض ، قائد يجمع الامة ولايُفرق .. ينقذها من جحيم المعارك وحروب الوكالة العبثية .. يضع حداً للفوضى والتمزق والدمار والدماء والفقر والجوع والمرض ونهاية للتخلف والجهل .

لسنا بحاجة الى قائد ملهم نصفق له ونرفع له الصور والتماثيل في كل مؤسسة وبيت وساحة أو قائد مغوار نطبل له في كل مكان بل الى قائد منقذ أو صحوة قائد حكيم يحطم القيود الفكرية والموروث الثقافي والسياسي المريض بعيداً عن مؤثرات الشرق وفزاعات الغرب ..

قائد يظهر بين الناس في وضح النهار لتعزيز الثقة ومعرفة الواقع ومعالجة الاوضاع ووضع حد لعبث العابثين وفساد الفاسدين وايقاف نزيف المسؤولية وحالات الشلل والانهيار والاحتضار بعيداً عن شيطنة التقارير الامنية والمخابراتية المضروبة التي تهدف احياناً الى الانتقام السياسي والمذهبي وتثوير المجتمع .

كم نحن بحاجة الى قائد يتمتع بشعلة من النشاط والاصرار والفراسة ، وبطانة صالحة في قمة النزاهة للقضاء على الفقر وسياسة الافقار وتغيير الواقع ، تدير اعمالها وفق برنامج عصري وتعد برنامج زيارات خاطفة الى رئاسة الوزراء ومؤسسات الدولة ومستشفيات الدولة والمحاكم اليمنية ليرى كم من آلاف الامراض على أبواب وطوارئ المستشفيات دون تقديم أي خدمة مجانية ، وآلاف الضحايا والابرياء على أبواب ومكاتب وسجون القضاة والطغاة والمستبدين في قضايا لايتجاوز حلها أسبوع او شهر ان صدقت النوايا بدلاً من عشرات السنين ، أوعمل زيارة للنيابات التي تحول الكثير من وكلاءها واعضاءها الى فراعنة فوق القانون بالتهديد والوعيد واغنياء في لمح البصر باطالة قضايا تافهة وصيد المتقاضين دون وجه حق.

ما احوجنا الى تفعيل الرقابة وضبط ايقاع اقسام الشرطة وتهذيب وتعليم افرادها الجدد الذين يفتقدون الى الخبرة والتاهيل وصعدوا بضربة حظ بدلاً من ضربة شمس ، ومحاسبة المسيء بعد ان تحولت اقسام الشرطة الى مصدر للرشوة والاستغلال وابتزاز الشاكي أو المشكو به تحت ذريعة حق الطقم والبترول والرسامة وعدم صرف الرواتب ومع طرقيك اشتري قلم وورقه لكتابة المحضر!!؟.

كم نحن بحاجة ماسة الى وقفه جادة ومراجعة حقيقية من قبل قائد يجسد عدالة السماء بزيارة سريعة لسجون البحث الجنائي الموحشة التي تمتلئ بالابرياء واطلاق سراحهم أو عرضهم على القضاء من باب العدالة ليقول كلمته لاسيما بعد ان سمعنا من ناس وزملاء توقفوا وتعرضوا للظلم والتحقيق والتعذيب والتبصيم على بياض بتهم كيدية ومبررات واهية وقضايا نخجل عن ذكرها.

ما أحوجنا الى تحرير سجون الاوقاف والبلدية والضرائب والجمارك والاجهزة الامنية والمشرفين التي تحولت الى أوكار للفساد والرشوة والابتزاز تحت شماعات أضعف من خيوط العنكبوت ، طالما نحن مؤمنين ورجال قانون..

الشعب يريد قادة ومحافظين ووزراء ومسؤولين يلتزمون بأوقات العمل ويتواجدون باكراً في ويستمعون الى هموم وقضايا المواطنين ويشاركون الشعب أفراحه واحزانه فقره وجوعه بدلاً من التواجد ليل الله مع نهاره في مواقع التواصل الاجتماعي " تويتر" وفيسبوك" ، يتسولون حالات الاعجاب واللايكات الكاذبة والطقطقة والمنشورات التافهة التي تعكس حقيقة الدولة وعظمة رجالها.

نريد قائد يستمع الى مشاكل وهموم وتطلعات الشعب اليمني .. يتصل على مدار الساعة بالقادة والمسؤولين لمعرفة ماذا يريد الشعب ويفتح خط ساخن ومباشر مع المواطنين بعيداً عن فزاعة مراكز القوى لتلقي شكاواهم بصدق ووضع الحلول العاجلة من قبل لجان متخصصة ونزيهة.. والدولة حقوق وواجبات والمرتبات أول الحقوق ولسنا امام مؤسسات للجباية.

نريد قائد نشوفه صوت وصورة لكي تطمأن قلوبنا ويسعد قلوبنا ويعطينا الامل.. أفعالة تؤكد أقواله .. يتنقل دون خوف في طول اليمن وعرضها وقبل ذلك يقود ثورة اخلاقية ، وثورة تعليمية وعلمية وصناعية وثورة تنموية شرط ان يؤمن بالمساواة والعدالة وازالة الفوارق .

كم نحن بحاجة الى طبيب يمني يمنحنا حبوب الشجاعة ومشروب الصراحة وكبسولات الوطنية ومثبتات الهوية وابر وخز الضمير وجرع لمحاربة التطرف والتشدد والتضليل والمزايدة والنفاق وان يقود ثورة ضد المخدرات وحبوب الهلوسة وشجرة القات وثقافة الشمة ومشروبات الطاقة المهيجة والمدمرة للشباب والامن القومي اليمني.

أخيراً.. السياسة بلا اخلاق ولاقيم ولادين ولا تقاليد ولا رحمة ولا انسانية في ظل غياب التعاليم الجليلة للدين الاسلامي الحنيف الذي يهذب النفس البشرية ويكبح شرورها ، وما هو افضع واعظم من ذلك هو استغلال وتحويل الاسلام الى أداة وبلدوزر لكل من هب ودب للوصول الى السلطة والثروة والجلوس على جماجم الابرياء بدعم اقليمي ودولي.. فهل يتحقق ذلك الحلم في زمن الانشطار والتشظي؟.

حول الموقع

سام برس