بقلم/ احمد الشاوش
تنطلق اليوم الجمعة الموافق 19 مايو2023م ، أعمال القمة العربية في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز ، وبحضور الرئيس السوري بشار الاسد ، بطل الصمود والانتصار العظيم على قوى الارهاب ، وبمشاركة أخوانه الرؤساء والملوك والامراء والقادة العرب .

سيشاهد الملوك والامراء والرؤساء والوفود المشاركة لحظة تاريخية لدخول قائد عربي محنك الى قاعة القمة العربية بعين الاعجاب والترحاب والتفاؤل بعودة صمام امان الى شرايين الامة العربية ، لاعادة حركة الحياة.

وفي نفس اللحظة التاريخية والمشهد الاكثر سعادة سيكون لحضور الرئيس بشار الاسد وكلمته الجامعة في القمة العربية رسالة قيمة ووقع خاص وعناوين لمرحلة جديدة يسودها المحبة والتلاحم والبناء ولم الشمل وتوحيد الصف العربي ، والتي ستعكس الاهتمام الكبير لدى وكالات الانباء العربية والدولية في نقل الحدث العربي الكبير ونقل مشاهد حية وصور ولقطات لكل خطوة وحركة وهمسة لقائد عربي أصيل تجلت فيه كل معاني الرجولة والقوة والشجاعة والثقة والصبر والنخوة واجمل معاني الانسانية تجاه الكثير من القضايا والازمات والعواصف السياسية واعاصير الارهاب وزلازل التطرف وزوابع التشدد ، وجدار حماية أمام مشاريع واشنطن المشبوهة وأجندات اللوبي الصهيوني ومؤامرات عجائز الغرب والشرق التي جعلت القائد بشار الاسد والجيش العربي السوري والشعب العربي السوري جسداً واحداً أمام المؤامرات الفاشلة والتحديات الخطيرة والعقوبات القاتلة ، ليسطر جميع الشرفاء والوطنيين ملاحم الصمود والبطولة والكرامة والانتصار العظيم وهزيمة ساحقة لمخلفات الارهاب والتطرف والعمالة والارتزاق التي ابتليت بها الامة العربية ودفعت أكبر ضريبة في العصر الحديث من دماء واجساد وأرواح شبابها الطاهر.

والحقيقة التي لاجدال فيها ان مشاركة سوريا في القمة العربية تعتبر حدثاً تاريخياً فريداً ، والاجماع العربي على حضور القمة في مدينة " جدة " ، رغم الظروف والضغوط والمتغيرات الاقليمية والدولية الخطيرة " تحدي أكبر " ، يلفت انظار العالم بأن العرب أصبحوا اليوم أكثر "واقعية وقناعة " ، ورؤية بعد ان تم استنزافهم من قبل الشرق والغرب في كل "جبهات وشعارات الوهم" ، ومشاريع السراب القاتل ، وأنهم يبحثون عن كلمة سواء ومخرج حقيقي ينقذهم من جحيم الازمات بالتوصل الى حلول ناجحة توحد صفوفهم وتحقق احلامهم وتطلعاتهم والذي سيكون لقمة جدة وقادة المملكة العربية السعودية الممثلة في الملك سلمان بن عبدالعزيز ومهندس الاجماع العربي ولي عهده محمد بن سلمان ، دور كبير في تنقية واذابة الازمات وتقريب وجهات النظر وتوحيد المواقف والصفوف لمواجهة التحديات السياسية والجغرافية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية الاكبر وغيرها.

انعقاد القمة العربية في مدينة جدة اليوم فرصة تاريخية للحكام العرب لاثبات حسن النوايا وفتح صفحة جديدة وتعزيز العلاقات ونسيان الماضي المؤلم والترفع عن الجراح والدخول في مصالحة وطنية وقومية حقيقية من خلال اللقاءات تطفي نار الخلافات والحواجز السياسية وماعلق بالقلوب والذاكرة من ادران الوهم والعبث والاحقادوالظغائن ورسم مسارات المحبة والاخاء.

هذه الرؤية الواقعية وتلك التصورات والمقاربات والحلول العربية العقلانية المعول عليها تأتي في ظل وجود دور سياسي ودبلوماسي " سعودي " ، كبير وجدير بالاحترام يصب في اعادة ترتيب البيت العربي ومساعي "اماراتية " ، نبيلة تمضي في نفس المسار ، ومشاركة "مصرية "، تسير في نفس الطريق ومصير عربي واحد على مستوى القادة والشعوب يتوق الى السلام وتتوقف عليه أمآل وتطلعات وأهداف ووحدة البيت العربي.

لاسيما بعد 12 عاماً من الفتن والمؤامرات والخلافات والفوضى والقطيعة والتمزق والانقسام والانهيار والرعب والقتل والتعذيب والتخوين والتهجير والتشرد والبطالة و الفقر والجوع والمرض والوصول الى قناعة تامة ان قيم التسامح والتعايش والاستقرار والسلام هي سفينة النجاة للحاضر والمستقبل وان الضمانة الحقيقية للبقاء على قيد الحياة حكاماً ومحكومين والمحافظة على السيادة والثروات لن يتحقق الا في ظل القيم السامية بعيداً عن التطرف والتشدد والغلو والفساد وتوظيف الاموال والثروات والاسلحة والجيوش والخونة في معارك عبثية لا ناقة لنا فيها ولا جمل بدلاُ من استثمارها في العلم وتحرير العقل ومجالات التنمية والبناء.

قضايا كثيرة وازمات محلية واقليمية ودولية متعددة وقرارات استثنائية سيبحثها القادة العرب من خلال صوت العقل والحكمة والايقاع الهادئ بعيداً عن لغة القوة والثروة والمدافع والغرور والاستبداد والطيش السياسي والاغلبية والاقلية والمعايرة بالفقر والغناء.

في تصوري ان قمة جدة ستكون من ابرز وانجح القمم العربية لان القيادة السعودية ممثلة بالملك سلمان ، وولي عهده محمد بن سلمان ، تنشد اليوم الامن والاستقرار والسلام ، ولديها ارادة كبيرة في لم الشمل العربي ، كما ان لديها طموح بلاحدود في توحيد البيت العربي وتعزيز التضامن العربي المشترك من خلال اطفاء الازمات السياسية المصطنعة وإيجاد حلول اقتصادية ، ووقف طلقات المدافع والبنادق وتنقية الاجواء وفتح صفحة جديدة ومشرقة يسودها الثقة والمحبة والاخاء والامن والاستقرار والسلام بعيداً عن المناكفات السياسية والاستقواء بالخارج " مصاصي الدماء والثروات " ، والتدخل في شؤون الدول الاخرى وأشعال الحروب العبثية والصراعات الدموية التي ألهت الامة العربية عن عمليات البناء والتنمية والاقتصاد والتصنيع والاستثمار والابداع والازدهار وحولت البيت العربي الى اطلال ودماء ودمار .

كما ان رهان قادة السعودية على نجاح قمة جدة ومخرجاتها وحل خلافاتها وازماتها على مستوى الداخل والخارج وما تملكه من نضوج ورؤية وطنية وبرنامج عمل وقدرات وخبرات سياسية ودبلوماسية ضاربة وثروات وامكانيات كبيرة واستراتيجية اقتصادية وصناعية قد يؤهل ويُمكن السعودية من ادارة الشرق الاوسط الجديد ذو الصبغة العربية ، لاسيما بعد اتفاق السلام التاريخي بين "السعودية وإيران" ومحاولة التوصل الى حل للصراع في" اليمن "، والتقارب مع تركيا وعلاقاتها الاستراتيجية مع الصين وروسيا والولايات المتحدة واوروبا وغيرها من دول العالم التي تنظر الى السعودية كدولة محورية تملك من القوة مالا تملكه غيرها من الدول.

وما تصريح رجل الدبلوماسية السوري المخضرم الدكتور فيصل المقداد لقناة "الإخبارية" السعودية " بقوله أنا سعيد بانعقاد القمة العربية على هذه الأرض الطاهرة، أرض نبي الإسلام وأرض العروبة ، السعودية بذلت جهدا هائلا من أجل تحسين الأجواء العربية ومن أجل احتضان جميع الدول العربية" ، إلا عرفاناً بمواقفها ورؤية ثاقبة للدور السعودي في الحاضر والمستقبل .

سيرحب القادة العرب اليوم بعودة سوريا الى الجامعة العربية وحضور الرئيس الاسد ، وعودة الامة العربية الى البيت السوري ، وسيناقش القادة العرب ملفات وازمات وقضايا مصيرية وفي الطليعة القضية الفلسطينية ، وازمات السودان المشتعلة والتهدئة في اليمن وأوضاع ليبيا والوضع الحرج في لبنان ، ودعم سوريا وقضية المهاجرين وسد النهضة وازمات المياه في دجلة والفرات واستئناف العلاقات السعودية - الايرانية ، والتقارب العربي التركي وغيرها من قضايا الساعة المدرجة في جدول اعمال القمة العادية الـ 33 للجامعة العربية التي نعول عليها كثيراً.

لقد فقدت الجامعة العربية منذ عشرات السنين السمعة والثقة والصيت والهيبة والدور الريادي الجامع والهدف المنشود الذي تأسست من أجله بعد ان أصبحت أضعف من خيوط العنكبوت بفعل الضغوط والمصالح والصفقات الدولية والاقليمية والانحياز الواضح .

كما فقدت الشعوب العربية الثقة في الجامعة العربية بعد ان أصبحت ساحة للمعارك وميداناً للتطاول ومكاناً للتهديد والاستعراض والمعارك الكلامية بين الحكام وأصبح الحكام العرب يحضرون القمم العادية والطارئة من باب اسقاط الواجب وما ان يحضرون قمة عربية حتى تشتعل نيرانها ، لاسيما بعد ان أصبحت مواقفها وقراراتها وبياناتها الختامية حبر على ورق وتعكس تطلعات ومشاريع قوى الهيمنة.

أخيراً.. المشهد العربي اليوم يؤكد ان انعقاد القمة العربية الـ 32 في مدينة جدة السعودية ، ستكون بارقة امل وخطوة متقدمة في اعادة ترتيب وتوحيد البيت العربي واحياء دور الجامعة العربية واخراجها من حالة الاحتضار والنفاق السياسي ، لاسيما في ظل توافق واجماع عربي كبير ووجود ارادة وطموح سعودي بلاحدود وزخم أكبر لانجاح القمة العربية وصناعة شرق اوسط عربي جديد في مواجهة التحديات والعواصف الغريبة على المنطقة.. أملنا كبير.

حول الموقع

سام برس