بقلم/ احمد الصراف
تصدرنا مؤشرات القياس العالمية في الفساد المالي والسياسي والإداري، وانعدام الشفافية، وغياب الحريات! وتصدرنا أيضاً المراتب السفلى في مؤشرات انحدار التربية والتعليم!

قلة قليلة، من الكفاءات، تولت وظيفتها بغير واسطة برلمانية أو حكومية. فاختيار موظفي الدرجات العليا، البالغ عددهم 500 تقريباً، لا يخضع غالباً لاختبارات الكفاءة، كما يفترض، بحسب قوانين الخدمة المدنية. ولو طبقت، لما اجتازها إلا القلة، وخير مثال الاختبارات التي أجرتها وزارة الخارجية في مارس الماضي، لاختيار 30 مرشحاً لشغل وظائف دبلوماسية في الخارج، ويقال إن عدد من تقدم لشغلها قارب الألف، لم ينجح منهم في الاختبار أحد، أو قلة قليلة جداً، مما «أجبر» الوزارة على إعادة الإعلان عن حاجتها، والطلب من الراغبين في شغل الوظيفة التقدم إليها!

مأساة وزارة الخارجية في إيجاد 30 مرشحاً، ولو نصف كفؤ، من بين ألف متقدم، تعتبر أول جرس إنذار للانهيار الذي أصاب الدولة. فعندما ينحدر التعليم، ينحدر معه مستوى خريج الطب والهندسة والكيمياء والصيدلة، وحتى الدين، لأن هؤلاء هم نتاج سوء المقررات، وسوء المدرسين، والتغاضي شبه الرسمي عن موجة حاملي الشهادات المضروبة والمزورة التي اكتسحت كل الوزارات، والجامعة وبقية المؤسسات التعليمية، والأخطر من ذلك تسليم التعليم بكامله للقوى الدينية، تعبث به كما تشاء!

مؤلم أن يحدث ذلك بعد مرور أكثر من مئة عام على التعليم النظامي في الدولة، وعلى افتتاح أول مدرسة من نوعها في الجزيرة العربية!

يقول سفير سابق، وكان مميزاً بعلمه وشخصيته، ولا يزال، إنه عانى الكثير من تدني مستوى تعليم الدبلوماسيين الجدد الذين كانوا يلتحقون بالعمل معه، إضافة إلى عدم رغبتهم أو استعدادهم للتعلم من خلال العمل. فأغلبيتهم حصلوا على الوظيفة، بالواسطة، لمزاياها المالية الكبيرة، ولإغراءات العمل في «الخارج». وكان يصدم من جهل بعضهم بأبسط الأمور السياسية، كالتفريق بين علم دولته وأعلام دول عربية أخرى، أو الاسم الكامل لرأس الدولة، وأسماء بعض الوزراء المهمين، ولا حتى اسم وزير الخارجية، ولا معرفة الفرق بين السلطنة والإمارة والجمهورية، وأي منها ينطبق على «دولته»!!.

كما اكتشف أن بعضهم لم يكن يعلم السنة، دع عنك اليوم، التي غزا فيها صدام وطنه، أو مسببات الغزو، أو أين تقع روسيا، وهل هي أوروبية أم آسيوية؟ وغير ذلك الكثير من المعلومات العامة شبه البديهية، لمن سيتولى منصباً دبلوماسياً رفيعاً. وأضاف أن السفير الذي يحترم نفسه لا يرغب فعلاً بالعمل مع هؤلاء، ولا أن يكونوا من ممثلي الدولة في الخارج!

علق وزير تربية سابق على خبر السقوط الرهيب في الخارجية بأنه يتلقى دائماً شكاوى من بعض من فشلوا (خصوصاً الذين لا واسطة لديهم غالباً) أو من آبائهم عن صعوبة اختبارات شغل المناصب الإشرافية، وأن الأسئلة تعجيزية، ووجود تلاعب في التصحيح، علماً بأن الاختبارات إلكترونية، والنتيجة تعرف بعد دقائق من انتهاء المرشح من الإجابة عن الأسئلة!

المؤلم أن بياناً صدر من البعض يطالب الخارجية بقبول أبنائهم، والتغاضي عن النتائج! وربما هدف هؤلاء هو أن يطلع العالم، من خلال أبنائهم، على مستوى التعليم لدينا!!

a.alsarraf@alqabas.com.kw

نقلاً عن القبس

حول الموقع

سام برس