سام برس
فى ذكرى ميلاد عبد الناصر ( 15 يناير 1918) ننشر نهاية رواية ( قصفة زيتون وعتقود كروم - لم تنشر) تأليف محمود الكومى المحامى.
تتهى الرواية أحداثها بما يلى :
" رَفعتِ صوتك عاليا: قولوا لمن افهمكم وقال لكم ان مخلص كان ديكتاتورًا أنت كاذب وأفاق.....وقولوا له :الرجل حمي ثورته بالشرعيه الثوريه التي نفتقدها اليوم ليحقق التحول الاجتماعي للأغلبيه الكاسحه من المصريين....وليس ليسرق الشعب ولا ليبني القصور لنفسه ولعائلته ولا ليورث الحكم لابناءه!!!
وقولوا لمن قال لكم وافهمكم انه قام عام 1969 بمذبحة القضاء..أنت كاذب وافاق....قولوا له :كان الرجل يطهر القضاء بعد وقائع يندي لها الجبين واحكام قضائيه عكسيه من قضاة من ابناء الثورة المضاده بغير سند من القانون ضد ابناء الطبقات التي استفادت من الثورة..وما أحوجنا لذلك التطهير ممن تسربوا بالتوريث وغير ذلك..
فكان الحسم والحزم...لا ليورث حكما ولا ليبني قصرًا ولا ليحول للخارج اموالا...وانما ليحمي شعبا فقيرا عاني طويلا...ومن اجله قاموا بالثوره...ومن اجله كانت كل الاجراءات الاستثنائية.
وقولوا لمن وقف عند النكسة يَصِمْ بها عصر مخلص بأكمله يتعمد أخراجها من سياق التآمر و الأحداث, يتعامى عن كل أنجاز, أن غلكم المستبين, أغمى عيونكم وسد آذانكم عن تعظيم الشرفاء من مفكري العالم للرجل كمناضل من أجل الانسانية.

"ليست المسألة هى النصر او الهزيمة العسكرية – المسالة هى أرادة الأمة – وتقديرها للرجل حين تجدنفسها فيه – ولقد وجدت أمتكم نفسها فى ( مخلص)- بمقدار ماوجدت أمتنا نفسها فى نابليون ( رغم هزيمته فى اواخر ايامه)- وهذا هو الذى يبقى, وغيره تكنسه الأيام .
كان المفكر والكاتب الفرنسى " أندريه مالرو"يبيد جراثيم هذه الحملة القذرة على مخلص, وينظف التاريخ بكنس قاذوراتها , وقطع خيوط عناكبها وقذفها في أقذر صندوق نفاية.
بينما تعالى صوت المفكرين السود فى افريقيا ينشد على وقع طبول نضال الحركات التحررية فى جنوب القارة :" أذا كان العرب شاركوا في أستعباد أفريقيا بتجارة الرقيق فى قرون مضت – فأن العرب قد كفروا عن الخطيئة فى القرن الماضى حين جاءوا وراء مخلص لتحرير أفريقيا.
كانت بهية وهى تشد وثاق طرحتها, تكاد تختنق حتى ممن قال أن من بنى مصر الحديثة هما ,محمد على ( 1805-1840) ومخلص فى خمسينات وستينات القرت الماضى , فحررتِ الوثاق ليتجرد لسانها تُذكر الأجيال :
أن مخلص كان من طين مصر .. بينما محمد على ابن الدخاخنى من مقدونيا , والأول كان يحيي فيما الثانى كان يُميت ولا تعادل بين من يعمل للحياة مع من يعمل للموت .. ليست كلماتى , لكن دعونا نستدعي شيخنا الأمام محمد عبده وهو ينطق بلسان شعب المحروسة ,بعد ستة عقود على تجربة محمد على :
مالذي صنع محمد علي ؟
لم يستطع أن يُحيي , ولكن أستطاع أن يُميت .
كان صاحب حيلة , أستعان بالجيش وبمن يستميله من الأحزاب على أعدام كل رأس من خصومه, ثم يعود بالجيش وبحزب آخر على من كان معه .
ماذا صنع بعد ذلك ؟
أشرأبت نفسه أن يكون ملكًا غير تابع للسلطان العثماني , فجعل من العدة لذلك ان يستعين بالأجانب من الأوربيين , فأوسع لهم فى المجاملة وزاد لهم فى الأمتياز , حتى صار كل صعلوك منهم يفعل مايشاء ولا يُسأل عما يفعل , وصغرت نفوس الأهالي بين أيدي الأجانب بقوة الحاكم وتمتع الأجنبي بحقوق الوطنى , وأنقلب الوطنى غريبًأ في داره.
يقولون أنه أنشأ المعامل والمصانع ؟
لكن هل حبب الى المصريين العمل والصنعة ,حتى يستبقوا تلك المعامل في انفسهم ؟ وهل أوجد أساتذة يحفظون علوم الصنعة وينشرونها في البلاد ؟لا بل بغض الى المصريين العمل والصنعة بتسخيرهم في العمل والأستبداد بثمرته , فكانوا يتربصون يومًا لايعاقبون فيه على هجر المعمل والمصنع لينصرفوا عنه ساخطين عليه .
يقولون أنه أنشأ جيشا كبيرًا فتح به الممالك – فهل علم المصريين حب التجند وحبب اليهم الخدمة في الجندية ؟لا بل علمهم الهروب منها .
لايستحي بعد الأحداث من أن يقول أن محمد علي جعل من جدران سلطانه بِنيَة من الدين- أى دين ! دين التحصيل , دين الكرباج , دين من لادين له.
نعم أخذ من المساجد الرزق وابدلها بالقليل من النقد .
ولا أظن ان احد يرتاب بعد عرض تاريخ محمد على, على بصيرته , أن هذا الرجل كان تاجرًا, زارعًا وجنديًا باسلا ومستبدًا ماهرًا , لكنه كان لمصر قاهرًا ولحياتها الحقيقية مُعدمًا.
كل ذلك كان آثار محمد على فى مصر كما دونها الأمام محمد عبده على لسان المجتمع .
وكان مخلص يبعث الحياة في العمل , ليكون العمال شركاء فى مصانعهم
وحبب للشعب الجندية وجعلها الزامية , لاغيًا البدلية , ولاح فى عهده الشعب هو القائد والمعلم والخالد أبدا , وصار الأجانب يُخدِمون على الشعب.
عاد صوتك يتعالى تحثين الثوار :هل سنترك صوت السفهاء يزداد علوًا وغلوًا, والحكماء يقلبون بصرهم بين الناس في كمّه ؟!
تُذَكِرين أن محفل الأخوان ما دُشِن إلا ليفزع الحالمين بالقومية العربية , وينثر الضبابية حول الوطنية .
وكان حوار بنت وطن المليون ونصف المليون شاهدًا حاضرًا في الأذهان , وهى تحاول أن تقضى على فوضى الحواس, ترتبها, تبحث عن الجاني.
تحكى عن ( ناصر) أخيها :
- ناصر عمره (27)سنة يصغرني ب ثلاث سنوات ويكبرني بقضية ... تواصل حياة
- لقد جاء العالم هكذا حاملا قضية معه – كما نحمل أسماء لا نختارها – وإذا بنا نَشبِهُها في النهاية , ربما لأن أبى الذي كان مأخوذًا بشخصية ( مخلص)أثناء حرب التحرير ,أراد أن يعطيه اسمًا مطابقًا لأحلامه القومية , وإذا به دون أن يدري يعطيه أسمين :أسم كواحد من كبار شهداء الجزائر - ولقبًا لأكبر زعيم عربي .
بين ضبابية الوطنية وإفلاس أحلامه القومية , غسل أخي يديه من أصوله العروبية أو على الأصح تَيَمم ليجد قضيته الجديدة في الأصولية .
قُلتِ
- من أوصل الشباب الي هذا الضياع , إلا محافل البنائين وفرعها الإخوانى , فما انتهينا من الاحتلال , الا وسُلَمَ الوطن لقطاع طرق التاريخ , فصارت عشرية الدم بالجزائر على يد الأصولية .
وأخيرًا أمسكتى بيدي ترفعيها عاليًا , ترجي أركان جسدي النحيف رجًا, و صُدَاح أنفاسك يُحَمِي الثورة فى عروقي
برضاب ثغرك :
ثوار ثوار ولاخر مدى ثوار
مطرح ما نمشي يفتح النوار...
ننهض فى كل صباح بحلم جديد
ثوار نعيدك يا انتصار ونزيد
وطول ما ايد شعب العرب بالايد
الثورة قايمة والكفاح دوار
من ارضنا هل الإيمان والدين
عيسى ومحمد ثورتين خالدين
والعلم ثورة ومن هنا قامت
والفن والحرية والتمدين
ثوار بإسمك يا تاريخ تنطلق
نحكم عليك يا مستحيل تنخلق.
ليبقى تصدي الثوار والتعالي على الآهات والإخلاص
طريق القضاء على دسائس كل المحافل التي لا تَبنِي
لكن هي للهدم والقتل عنوان . "
محمود كامل محمود الكومى
كاتب ومحامى- مصري

حول الموقع

سام برس