بقلم/ يحي حسين العرشي
حقاً إنها لحظة من الزمن عاشها المساح ، أعطى للزمن ما أعطاه من الأدب والفن والسياسة.
اعتدت أن أغلق هاتفي عند التاسعة ليلا وأعود إليه عند الفجر ، داعيا الله أن يسمعنا خيرا فظروف وطننا في حالة استنفار مابين الحياة والموت.
أسماء معينة أفتحها من بين كل الأسماء وما أكثرها ، مجموعات ومجموعات لم نعد ندري من هي الأقرب للحقيقة إن بقيت لنا حقيقة.

من هناك من القاهرة من المحبوب علي خبر توقفت عنده ، رحيل الكاتب والصحفي المبدع محمد المساح ، وبسرعة عند الخبر اليقين ثالثنا العزيز بجاش ، المساح في رحاب الله ، قلت له عبارتين من قلبي وتوقفت حزنا وألما. هاهي اللحظة من الزمن تتوقف بل تغيب، تغيب عن بقرتها ،عن طاحونتها عن عشها في قريتها ،ومن حولها شجيرات ارتوت من قطرات الماضي ، في انتظار الغيث الذي يتوق إليه الحاضر. كم كانت موفقة الأخت انتصار السري حين جمعت وأصدرت كتابها عن المساح ليطلع عليه في حياته.

ليت الجهات المعنية فعلت القليل من ذلك، إنه من واجبها، ولكنها لم تفعل، فلحظة الغياب طال زمنها. لقد ازدحمت في لحظة هذا الخبر - عن رحيل فقيدنا- كثير من الذكريات عن سنوات طويلة مضت بنا في وطننا حيث الحرف يحاكَم والجملة تسجَن.

من الذكريات معه في بعض بلدان العالم من روسيا إلى الصين إلى كوريا وآخرها في قطر. كم كانت الأوقات بلحظاتها السعيدة حين ألتقي به هنا في منزلي من وقت لآخر في سنواتنا العجاف.
التواصل التلفوني لم ينقطع بينناحيث هو في خلوته في قريته يضحك ويعلق ويسخر ، ولما يتوقف عنه بجاش ليومين وكأنهما عامان يسأل ويستوضح عنه. لا يستقر به الحال إلا حين يسمعه.

لما استأنف لحظته في النداء لاشك أنه تنفس قليلا، ولكن تنفسه لم يدم، هاهو يتوقف ويرتاح من لهيب الأولى إلى نعيم الآخرة. إنها اللحظة الاخيرة في زمن قصير إلى لحظة لاحدود لها. فله الرحمة والمغفرة ، ولزوجته وأولاده وذويه ولنا جميعا الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا اليه راجعون.

٢٠ إبريل ٢٠٢٤م

* وزير دولة

حول الموقع

سام برس