بقلم/ يحيى يحيى السريحي
لقد فتن بعض العرب والمسلمين شبابا وشابات من خلال الشاشات والكتب المطبوعة سيما في فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي بالحرية المزعومة لأمريكا ، فتن الناس لحالة لما يعيشوها أصلا وانما لما سمعوه عنها ومشاهدة صنمها ( تمثال الحرية ) مع ان الاصنام في ثقافتنا نحن العرب والمسلمين تمثل الجهل الديني والفكري كما كان كفار قريش قبل الاسلام ومحمد بن زايد بعد الاسلام ، واذا كانت الحرية السياسية هي مفهوم رئيسي في الفكر السياسي الغربي والامريكي ، وأحد أهم مميزات وسمات المجتمعات الديمقراطية ، وهي حالة خالية من القهر أو الإكراه كما يزعمون ، فكيف يتفق هذا مع ما يحدث اليوم لشباب وشابات امريكا في الجامعات الامريكية المختلفة من بطش واستخدام القوة ، وفض الاعتصامات لطلاب الجامعات والاكاديميين بالقوة لمجرد انهم مارسوا حقهم والتعبير عن رفضهم لما يحدث لأبناء غزة من قتل ممنهج وابادة جماعية ، وتدمير لكل مناحي الحياة من قبل العدو الصهيوني .

لقد تيقن للمعتصمين الامريكيين الرافضين للحرب والعدوان الاسرائيلي على شعب غزة أن أمريكا دولة خالية وخاوية من أي قيم ومبادئ حقيقية ، المطالبة بالوقف الفوري لعجلة الحرب الظالمة والغاشمة على شعب فلسطين ، والمطالبة كذلك بمنع تصدير السلاح الامريكي لاسرائيل الذي تقتل به الاطفال والشيوخ والنساء دون رحمة ليست جريمة تستوجب كل ذلك الاجرام ضد المناهضين للحرب والظلم إلا إذا كانت الدولة التي ترتعد من صوت الحق دولة ديكتاتورية وظالمة ، أما التعبير السلمي لطلاب الجامعات الامريكية ومعهم الاساتذة والدكاترة الاكاديميين فليست جريمة تستوجب العقوبة والزج بالطلاب قهرا في السجون أو الفصل التعسفي من الجامعات ..

أدراك الطلاب الامريكيين حقيقة ذلك التوحش الصهيوني أخيرا وبعد مضي اكثر من ستة اشهر على بدء ذلك الاجرام واستشعار  الامريكيين ان تلك الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين هي في حقيقتها جرائم ترتكب ضد الانسانية جمعا يحسب للشعب الامريكي المؤيد للحركة الطلابية ومطالبها ، أما أمريكا كحكومات وممارسات سياسية وايدلوجيات على الصعيد الداخلي والخارجي فليست سوى أكذوبة عشناها ونعيشها كأكذوبة أن الاخوان مسلمين ، ومع كل تلك الاكاذيب التي من حولنا والمفروضة علينا أن نتعايش معها حتى نكتشف زيفها الواجب علينا أخذ الحيطة والحذر وعدم التصديق الا بشئ واحد أن أمريكا كنظام عدو للعرب والاسلام والمسلمين ، وللانسانية اجمعين ، فالحكم فيها شكليا حكم دولة مؤسسات وديمقراطيات ، وفعليا حكم مافيا وعصابات ، لوبي صهيوني يتحكم بمفاصل الدولة داخليا وخارجيا .

واذا كنا نحن شعوب وحكومات الدول العربية والاسلامية نعاني من بعض العلات وعقدة التقليد للامريكان والخواجات ، في الحكم أو في الحقوق والحريات والسياسات ، فلدينا الدين الاسلامي فيه كل أنواع الحريات، بداية من حرية الاعتقاد، وحتى حرية اختيار الحاكم ، مرورا بالحريات الشخصية كحرية التملك والإقامة والتنقل والتعلم ، والعمل ، واختيار الزوج والزوجات ، وغيرها من الحريات ، وهي في المجال السياسي تعني حق الأمة في اختيار من يحكمها وعدم استبداد الحكام بالمحكومين والمحكومات ، وفي المعتقد الديني وهو من أعظم الأمور عند الله نجد القرآن الكريم قد نص بصورة مباشرة على حرية الاعتقاد ، قال الله تعالى: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"، وقال عز وجل: "فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ". وقال سبحانه مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعا، أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ". وإذا كان هذا في أمر حرية العقيدة والإيمان بالله عز وجل، فهو فيما دونه من الحريات أكثر تأكيدا ووجوبا .

حول الموقع

سام برس