بقلم/ معين النجري
"ولم يمت في حشاها العشق والطرب" هل تعتقد أنهما لم يموتا بعد في ظل تكاثر عشاقها السيئين؟
ربما كان السل والجرب أرحم بها من العشاق الجدد .. هؤلاء لم يتركوها تموت بسلام ولم يساعدوها على الحياة .. يتلذذون بتقاسم أوجاعها المميتة ويتبادلون أدوار الجلاد والضحية فيما بينهم لتصبح المسرحية أكثر تشويقا ومتعة وليشبعوا ساديتهم البشعة.
(أخت القبور) أيها المبصر في زمن العميان، فقدت أذنيها لذا لم تعد تسمع صرختك .. وقد تحتاج لوقت طويل لتستعيد قدرتها على الإصغاء الجيد وعلينا جميعا أن نعذرها فبعد أكثر من اثنين وستين طعنة منذ فزعتها الأولى لم تزل تستدين لقمة عيشها من جيرانها الأوغاد.

أحلامها ما تزال معلقة على جدران الشوارع كما تركتها ذات مساء موحل في العتمة .. المصابيح التي اهتزت قبل أعوام لم تشتعل، كلما حدث هو أن الراعي الأبله اصطحب قطيعا من الذئاب إلى المرعى.

مليحتك أيها الأب تفتقد إلى الأبناء المخلصين,, نعم لقد أنجبت الكثير لكنهم أخذوا من صحتها وجمالها وأحلامها ثم انقلبوا عليها وها هم اليوم يغرقونها في مستنقع الفتنة وآخرون يجوبون الشوارع بحثا عن لبن لا يعرفون أين سكبوه بالأمس القريب.
ليتك بيننا الآن لتفسر لها ما يحدث ولتخبرها كم يحتاج فينقيها ليعود من جديد؟
كم تبقى على بعثة مصطفى ليخرجها من صندوق وضاح.
مرت سنون كثيرة وأبو تمام يطرح سؤاله المحزن كل يوم، ونحن لا نملك إجابة غير إجابتك لنحدثه بها .. لم يمل من سؤاله ولم نفلح في التغيير.
كلما اجتهدنا في الأحلام خانتنا النوايا، نتقن الشعارات والهتافات فنتوه في السبل .. هللنا للشيوخ فابتلعنا مريدوهم الشطار ليعيدونا إلى نفس المربع المرعب.

يا أبونا الذي في تراب هنا ملايين البسطاء يبكون صنعاء آناء الليل وأطراف النهار .. قلوبهم عليها هواء بعد أن فقدوا الحيلة كما يفقد تجار الحروب الشرف.
ومع هذا ما يزال للأمل حبال تفتل في كل بيت يمني، إنهم يؤمنون بأن هذه البلدة تمرض لا تموت وأنا مضطر لمجاراتهم هذا اليقين.

حول الموقع

سام برس