بقلم/ احمد الشاوش
عندما يتحول الوطن الى ملكية خاصة بقصوره ومؤسساته وثرواته واراضيه وسهوله وجباله تحت تصرف مجموعة من مراكز القوى العابثة في الشمال والجنوب والشرق والغرب ، تحت عناوين الدين والوطنية والجمهورية والملكية والقومية والتقدمية والليبرالية فعلى الدنيا السلام.

وعندما يتحول المواطن الحر والمستور والميسور الى مجرد تابع وصراف آلي في نظر السلطة يدفع الضرائب والجمارك والمشاركات المجتمعية وتسديد فواتير الاحتفالات والندوات والاجتماعات والولائم والانتصارات والهزائم والفشل والتحشيد يتحول بقدرة قادر الى عبد لايملك قراره في اطار موازين القوة والرعب والاستبداد وغياب العدالة والمساواة والتجرد عن الضمير ، لذلك تنتهي احلامه وآماله وطموحاته ورغباته فيسقط مبدأ وثقافة المواطنة ويصبح المواطن الفقير والجائع والعاطل والمريض والمظلوم والمغلوب على امره غريباً في وطنه ودولته وداره ومجتمعه ومدينته ومؤسساته حتى في ظل وجوده الصوري.

عندما يبحث المواطن عن مسكن يستظل تحت سقفه ويبحث عن كرامته والحصول على أبسط حقوقه كالعدالة والمساواة والانصاف وتوفير الفرص والخدمات والكتاب المدرسي ومجانية التعليم والكهرباء والماء والغذاء بالاسعار المعقولة للبقاء على قيد الحياة هنا وهنا فقط سوف يؤمن بالوطن والوطنية والمواطنة والهوية والانتماء والاخلاص والدفاع عن بلدة ضد أي طارئ ، واذا ما فقد كل تلك الحقوق والخدمات الضرورية يتحول الانسان المظلوم والضعيف والمسحوق الى مخزن مليء بالحقد والكراهية والعُقد والانتقام وانتظار الفرصة لتصفية حساباته مع الفاسدين والمفسدين في الارض.

عندما تصبح مفاصل الدولة والوظيفة في أي نظام حكراً على اسرة أو منطقة أوقبيلة أوأي نخبة بعيداً عن عدالة السماء ومعايير الارض وأولويات الكفاءة والخبرة يصبح الموطن في مهب الريح والوطن لايساوي ريال في نظر الانسان الشريف والفقير والجائع والمحتاج والمحروم والعفيف .

عندما تصدر التعيينات والقرارات وتُمنح الرتب العسكرية والنياشين والحقائب الوزارية والسلك الدبلوماسي والجامعات للمسؤولين القطل والاطفال البزغة والاعفاط وسط التصفيق الحار ونفاق أرض أرض ، نقول على الدنيا السلام .. باي باي صنعاء .. باي باي عدن .. باي باي تعز .. الحديدة حضرموت شبوة ابين ..

وعندما تدار الدولة ومؤسساتها بعقلية التخلف والجهل والعنف والبطش وتزاوج المصالح والواسطة والرشوة أو برنة تلفون اورسالة SMS أو الاستعانة بصديق محلي واقليمي ودولي على غرار برنامج من سيربح المليون وهو أضعف الايمان ، يبدأ ترمومتر السخط الشعبي يرتفع والسقوط والضياع والفشل والانهيار والنهايات المأساوية قاب قوسين أو أدنى وبصورة غير متوقعة.. لان معظم النار من مستصغر الشرر.

الرئيس الذي لا ينام من أجل سعادة الاخرين ورئيس الحكومة الذي يدير شؤون الدولة بكفاءة وجدارة ومسؤولية ووزير الدفاع الذي يحمي السيادة من الاعداء ومجلس النواب الذي يشرع القوانين ويستجوب المسؤولين الفاسدين ويطالب بصرف رواتب موظفي الدولة وتقديم الخدمات والداخلية والقضاء التي تحتكم الى الشرع والقانون .. كل ذلك يعطي المواطن الثقة والالتفاف حول قيادته ووطنه ، مالم فالوطن والدولة ومؤسساتها صفر على الشمال في نظر المواطن الشريف والتائه والضائع والمحروم من حقوقه الدستورية والقانونية والانسانية.

وعندما يطارد ويعتقل المواطن الشريف على ذمة وشاية أو تهمة او خلاف سياسي او اجتماعي او ديني أو مشاجرة أو مشارعة أو حتى على اساس فكره أو مطلب حقوقي بعيداً عن عدالة السماء وقوانين الارض تصبح الارض الطيبة خبيثة والجغرافيا الكبيرة أدق من خرم الابرة والاحتقان بلاحدود والانفجار في أي لحظة.

فالوطن الذي صار فيه الخائن ، أميناً ، والكاذب ، صادقاً ، واللص شريفاً والمرتشي مسؤولاً ، والمزايد مقرباً والسيء فاضلاً وقاطع الطريق ملاكاً والجاسوس مسؤولاً فأن ذلك قد يجر المواطن والبلد والحكام الى نهاية مأساوية ، مالم يتنبه بعض المسؤولين الشرفاء الى تلك الاخطاء الفادحة والاسراع في " التغيير الجذري " ، الذي يأتي بالانسان الشريف والنزية والكفؤ ويطيح بأولئك الشياطين ويحاسب الفاسدين .

أخيراً .. هل يرجع الحكام والمحكومين الى جادة الصواب ولغة العقل والمنطق ويحتكم الجميع الى الدستور والقانون وتأنيب الضمير ومراجعته امام السيل الجرار من المظالم .. أعدلوا هو أقرب للتقوى ..

يكفي فقر وجوع وبطالة ومرض وتشكيك وسجون وتشرد ونزوح وملاحقات ومصائب وفتن ودماء ودمار وقبور ونعوش وقتلى وجرحى وتصفية حسابات بطول اليمن وعرضها..

نريد ان نأخذ نصيبنا من الدنيا كما قال الله تعالى في محكم كتابه"ولا تنس نصيبك من الدنيا" كل مواطن في نفسه غصه وناقص عليه شيء .. نريد نطعم حلاوى وجنة الدنيا قبل ان ننتقل للدار الاخرة مثل فقير اليهود .. لا دنيا ولا آخرة .. ألا تعقلون؟.

حول الموقع

سام برس