بقلم/ احمد الشاوش
يحتفل الشعب اليمني بالذكرى الـ 62 لثورة الـ 26 من سبتمر الخالدة يوم الخميس ، الموافق 26 سبتمبر 2024م ، بقلبه ، ووجدانه ، ومشاعره الفياضة بالحُب والفرح بالثورة التي اعادة للانسان قيمته وكرامته وحقوقه وأنتشلته من الفقر والجوع والمرض والجهل والتخلف والاستبداد والعبودية الى عصر العلم والحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة والتعايش والتنمية والبناء والازدهار ، بعد ان عبث العابثون بكل مناحي الحياة وتاجروا بإنسانيته وسوقوا لصناعة العبودية والوهم وحولوا الحياة الجميلة الى صفقات وجحيم ونعوش ومقابر ومآسي واطلال وملكيات خاصة حتى أصبح المواطن اليمني الشريف في آخر اهتمام الجباة وتجار الشعارات السياسية والدينية.
والانسان المنصف والرجل الواعي المجرد من الحقد والفجور والكراهية يُدرك ان ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المباركة عملت على بناء وصقل الانسان اليمني ، وتخرج من رحمها ملايين القادة والوزراء والقضاة والمحامين والاطباء والاكاديميين والمعلمين والمهندسين والكفاءات والمهنيين والمثقفين ورجال الصحافة والاعلام وغيرهم من ألوان الطيف اليمني .
كما قدمت ثورة 26 سبتمبر المباركة فرص العمل للملايين من ابناء الشعب اليمني وغطت وغذت به الجهاز الاداري للدولة والقطاع الخاص والعام للدفع بعجلة التنمية وصرفت المرتبات والمكافآت والاجور الاضافية والحوافز والبدلات التشجيعية ، وحققت آلاف المشاريع والمنجزات من بينها أكثر من 33 ألف مدرسة حكومية ، حيث اثبت اليمانيون والدولة اليمنية الواحدة وجودهم الذاتي والجمعي والحضاري بين سائر الامم ودول العالم.
ومن مآسي القدر الزائف والصراعات العبثية والمشاريع والاجندات المشبوهة انه في زمن الفوضى توقفت عجلة التنمية والاعمار والازدهار والامل والطموح في وعي الناس وصمودهم وإيمانهم العظيم بالتغيير الى الافضل لتجاوز زمن الربيع الخادع..
ربيع الشر والفوضى العارمة الذي دمر القيم والاخلاق والدولة والمؤسسات والانجازات وعطل قدرات الشعب والدستور والقوانين وشؤون الحياة ، حتى صار الحلم الاكبر لليمانيين هو تأمين لقمة العيش للاسر التي تعاني من الجوع القاتل والفقر المدقع وكابوس الديون والبطالة و التوسل للحصول على رواتبه وحقوقه الشرعية والقانونية المقطوعة منذ سنوات مع سبق الاصرار والترصد من قبل صانعي الفتن وتجار الحروب وثوار الازمات واعداء الوطن ، بعد ان تجاوز الشعب اليمني لقمة العيش بمراحل وأصبحت احلامه تُعانق السماء في ظل ثورة 26 سبتمبر المباركة والنظام الجمهوري والديمقراطية والحرية ودولة المؤسسات التي كانت السقف الآمن لكل اليمنيين ، رغم بعض السلبيات والتجاوزات.
لقد أسست ثورة 26 سبتمبر دولة الجمهورية اليمنية المستقلة الحديثة القائمة على الدستور والقانون والنظام ، واقامة علاقات دولية مميزة مع القاصي والداني ، تحلت بروح الاخوة والصداقة والتوازن والاحترام المتبادل والتعاون الايجابي ، كما شكلت انطلاقة وشرارة قوية من جبال ردفان مع ثوار اليمن في الجنوب لطرد المحتل البريطاني في 14 أكتوبر 1963م واجلاء آخر جندي بريطاني غازي في 30 نوفمبر 1967م.
وجسدت ثورة 26 سبتمبر 1962م ، الوحدة الوطنية بين ابناء الشعب اليمني الواحد الذين كانوا ولايزالون يشكلون لحمة واحدة منصهرين بعضهم البعض في بوتقة واحدة رغم خراب المخربين وتآمر المتآمرين .
أخيراً .. ستظل ثورة 26 سبتمبر بمثابة الروح من الجسد والرحم الطاهر الذي تدفقت منه كل القيادات والكفاءات والخبرات ، لانها الثورة الوحيدة التي نقلت الشعب اليمني من أعماق الجهل والتخلف والعبودية والفقر الى عصر العلم والمعرفة والحرية والديمقراطية والتنمية والانجازات والدستور والقانون واذابة الفوارق ونشر ثقافة التسامح والتعايش والازدهار والسلام والايمان بأن صندوق الانتخابات هو قاطرة الصعود والهبوط الى السلطة بعيداً عن الدبابة والمدرعة وتبعية امريكا وبريطانيا واوروبا وإيران وبعض دول الجوار التي حولت اليمن الى ساحة خلفية للحروب والدماء والاطلال .
يكفي ثورة 26 سبتمبر الخالدة انها أرست ثقافة مجانية التعليم واذابة الفوارق بين طبقات المجتمع ، وان المقارنة بين الماضي المتخلف الذي حول أغلب اليمنيين الى " حفاة "يرتدون الاثواب المرقعة والمشططة من شدة الفقر والجوع والجبايات ، والحاضر المُشرق لثورة 26 سبتمبر المزهر ، كالفرق بين السماء والارض..
*أخيراً .. أي ثورة أو انقلاب أو تغيير لاتقوم على العدالة والمساواة والتنمية وتحقيق المنجزات ومنح حقوق الناس لا يمكن ان يُكتب لها النجاح وان كُتب لها لسنوات لايمكن ان تستمر ، لانها تتصادم مع عدالة السماء والارض وعنفوان التيار الشعبي الجارف :
لن ترى الدنيا على أرضي وصياً.