بقلم/ د/ حسن حسين الرصابي
قراءة من كتاب شذى المعارف لمؤلفه القاضي د/ حسن حسين الرصابي
مجاهيل المعتركات القائمة
كلما لمحت بوجهك في مشارق الأرض وفي مغاربها تصل إلى قناعة ان عقولاً جهنمية واساليب خطيرة في تقويض القائم من البنى ومن المفاهيم , والوصول إلى أهداف الحظوة بالإمكانات وبالوفرة والعمل على انشاء مسارب تفضي بخيرات الشعوب والامم والأراضي والموارد اليها ..
والغرب عمل من اجل هذه اللحظات وهذه المراحل من مراحل سابقات تمكن من التأثير على الثقافات وعلى القناعات وسارع إلى اعتماد "ركائز" تدين بالولاء له وتعمل جهدها للسير في ركابه وفي سياساته ..
فمنذ قرون مضت تغلغل الغرب بأفكاره وبتفوقه إلى اوساط المجتمعات العربية والاسلامية واستطاع أن يحدث خلخلات في المفاهيم القائمة, بل انه تمكن من نشر احساس عام لدى النخب الثقافية والإعلامية والسياسية بأن الغرب متفوق وسيظل كذلك وعلى تلك النخب أن تنسى خصوصية مجتمعاتها وتتجه الى تمثل نماذجه الغربية حتى ولو كانت مخالفة للذائقة العربية الاسلامية والشرقية عموماً .. مع إن الغرب وثقافته وتقاليده عصفت به الصهيونية وجعلت منه أضحوكة عالمية , فلم يعد للمواثيق الدولية وقوانينها أي وزن وتحولت الى مجرد العوبة من التراكيب والجمل والعبارات فاقدة للمعنى والمبنى واصبح على الغرب أن يستعيد ثقته المفقودة بين أرجل واقدام الصهيونية التي عصفت بكل شيء ولم تعد تقيم وزناً لأي ثقافة أو قيم غربية .. لقد كانت الأحداث العاصفة التي تقف خلفها اداة الصهيونية في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية هي الاختيار الحقيقي للخط الغربي من الثقافة والقوانين والمبادئ التي صدعوا بها المجتمع البشري طوال عقود طويلة من الزمن ليصحو المجتمع الدولي ليرى نفسه عاجزاً عجز فاضح في ارساء ثقافته أو تسويق تجارته التي هي تجارة بائرة بعد ان اتضح ان ارادتهم مرتهنة لما تمليه عليهم الصهيونية ومطالبها وتوحشها واكاذيبها .
ومن الواضح ان امة الضاد امام امتحان صعب .. امتحان وجودي ,بل ان الاحداث تشير الى ان مؤشرات انهيار الامة قد بدأ لا سيما بعد ان فقدت الثقة بقادتها ولم يعد لديها امل بما تشهده المنطقة أو ما يحفل به المشهد العام في كل المنطقة العربية, لكن الاختبار الأشد والأصعب هو للمجتمعات الغربية ’ والتي تقف بهذا العجز وهي تجند طاقتها ومواردها وتاريخها الحافل من أجل ارضاء صهاينة تل ابيب التي لا تتورع في ابتزازها علناً وفي الانتقاص من رموزها ..
ومن المتوقع ان نشهد انهياراً للمعطيات الغربية حتى وان حاولت الهروب الى قضايا جانبية والى اهتمامات اخرى ولكنها ستظل بخفة الوزن وبعدم الحضور ولا سيما بعد أن تتركها أمريكا لتحدياتها لتحدياتها التي تفرضها روسيا في اوكرانيا وفي اوروبا عامة ..
اما العرب فانهم ذاهبون الى مزيد من الانقسامات والتمحور حول مواقف لا تخدمها ولا تفيدها بقدر فائدة الكيان الصهيوني الذي يبحث من خلال التطبيع النفاذ إلى العمق العربي وتشكيل مواقف قادمة تكون في خدمته وفي خدمة اجندته الظاهرة والخفية ودعونا نضع التفاؤل في ملتقى ابصارنا إذ نعول على انتصار المقاومة الاسلامية في غزة وفي جنوب لبنان .. ونعول على محور المقاومة الذي قدر له ان يواجه التحديات الصهيونية وان يتصدى لحالات التصدع التي يسعى الكيان الصهيوني ان ينشرها في طول المنطقة وفي عرضها ..
فالكيان وجيشه الذي لا يقهر يتعرض لأكبر استنزاف حقيقي في غزة وفي لبنان ويعيش حالة فوضى داخلية الاولى في تاريخ هذا الكيان والاول مرة تل ابيب وعسقلان وحيفا وطبريا وام الرشراش وغيرها من مناطق الكيان الصهيوني تعيش ازمات غير متوقعة من الإستهدافات العسكرية صواريخ المقاومة ومسيراتها من لبنان ومن العراق ومن اليمن والاتي أعظم فالكيان يعيش ازمات الحرب بعد ان كان يخوض مواجهات مقطوعة وسريعة اصبح يتعثر ويدفع الثمن باهظاً في أمنه واستقراره واقتصاده وفي امان مجتمعاته التي تتعرض للاهتزازات المتوالية .
وهذا رهان يبدوانه سيكون مكلفاً للكيان الصهيوني الذي يكابر اليوم على الثبات فيما المؤشرات تؤكد غير ذلك ..
حتى أصبح معلوماً معطيات الكيان الصهيوني ما بعد الحرب .. أو اليوم التالي اذ من المقرر ان يتعرض لزلازل تعصف بتماسكه وبمفاهيمه التي تتعرض يومياً لهزات شديدة ومؤلمة ..
نخلص إلى ادراك ان ما بعد العاصفة ثمة عواصف اخرى سوف تجتاح المنطقة العربية ولا سيما بعد ان انكشف النظام العربي على حقيقته عجزه الفاضح وعلى اعتماده على الخارج وتبين ان هناك تنا قضات حادة بين الحكام وبين المحكومين وبين الأنظمة العربية وبين الشعوب العربية والاسلامية .
نتابع القراءة من كتاب شذى المعارف إن شاء الله تعالى.