
بقلم/ علي وطفي
حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب التابعة له تاريخيا تحت الرعاية السورية، تستخدمه دمشق وموسكو السوفيتية للضغط على أنقرة عند الحاجة بدعم من الاتحاد السوفيتي سابقا.
كان عبد الله أوجلان في دمشق يتردد على دمشق فترات طويلة بل ربما كان يقيم فيها و يشرف على المعسكرات التدريبية لمقاتليه ، حتى اضطر حافظ الأسد ، تحت ضغط دولي ، بعد تأزم العلاقات بما يخص حصة سورية المائية التي كان يلعبها الاتراك من وقت لآخر و دعم تركيا لحركة الاخوان في الثمانينيات تطورت الامور إلى احتمالية الحرب تدخلت مصر ، السعودية و اتفق على إخراجه من البلاد ، و يقال انه طلب ذلك بنفسه كي لا تشتعل المنطقة، بعد خروجه وإقامته بعض الوقت في روسيا عاش فترة وجيزة في بيت ريفي بضواحي موسكو تحت رعاية “جيرينوفسكي” رئيس الحرب الليبرالي الروسي وغادرها بقرار سياسي من للكرملين إلى أن تم اعتقاله في 15 شباط 1999م في “نيروبي” عاصمة “كينيا” من قبل وحدة من الاستخبارات التركية بالتعاون مع السلطات الكينية و عادوا به إلى تركيا ، حينها أعلن رئيس الوزراء التركي آنذاك “بولنت إيجاويت” في اليوم التالي بعبارة: “عبد الله أوجلان موجود في تركيا.”
قمة مفارقة مثيرة للاهتمام لاحقا و ليومنا هذا، أن القتال ضد حزب العمال الكردستاني في العراق لم يمنع أردوغان من إقامة علاقات وثيقة مع زعماء الأكراد العراقيين “مسعود بارزاني” ، نجل المصارع الأسطوري “مصطفى بارزاني”الذي ساعده الاتحاد السوفيتي بالمال.
ad
يبرز ذلك وفقا المصلحة التركية في إعطاء زيارة و استقبال رسمي على مستوى رؤساء دول من كبار قادة البلاد الاتراك بمن فيهم الرئيس أردوغان لقادة كردستان العراق في أنقرة ، و ترى تركيا أن استقرار الحكومة الإقليمية الكردية مهم لمصالحها و تريد أن تكون المنطقة مستقرة.
ما بين الأكراد العراقيين و حزب العمال الكردستاني علاقة متوترة إلى حد ما ، و كم من مرة أمر البارزانيون مقاتلي حزب العمال الكردستاني بمغادرة إقليم كردستان العراق مؤكدين: لا نريد القتال ضد حزب العمال الكردستاني خوفامنر التأثير و النتائج على سكان المدنيين في الحكم الذاتي الكردي و يستخدم أردوغان نفسه التناقضات بين بارزاني و حزب العمال الكردستاني في خدمة مصالحه الجيوسياسية في المنطقة ، قبل بضع سنوات وقعت تركيا اتفاقية مع حكام كردستان العراق بشأن توريد موارد الطاقة لمدة 50 عاما ، بدأ من بناء خط أنابيب النفط الرئيسي ، مما تسبب في رد فعل حاد من الحكومة العراقية، فإن تركيا لديها أيضا خطة لتمديد فرع من خط أنابيب الغاز من قطر إلى تركيا عبر أراضي العراق ، التي يسيطر عليها أكراد البارزاني الحفيد بعد الابن و يمكن استخدام القوات التركية المتمركزة حاليا في بعض مناطق العراق من اجل حمايته.
الآن وبعد التغيرات في الإقليم ارتباطا ببيان زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله ٱوجلان المنتظر في 15شباط الجاري! ، الذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة في جزيرة “إمرالي” في بحر “مرمرة” ، في شباط الحالي ، المتوقع أن يدعو حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء سلاحه وفقا التقارير ، عبر رسالة(صوت وصورة) على ما أعلن “مظلوم عبدي” قائد الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني و القائد العسكري لما يسمى (قوات سورية الديمقراطية)التي تسيطر على شمل و شرق الفرات السوريين تحت حماية و مساندة عسكرية امريكية كما أن “عبدي” أيضاً مطلوب للنظام التركي ببلاغ للشرطة الدولية (الإنتربول).
جاء تأكيد “عبدي” للموعد في مقابلة مع صحفيين إيطاليين هما ” كيارا كروسياتي و جيانساندرو ميلي”من صحيفة *إيل مانيفستو* ، أحدهما يتعلق برسالة الفيديو المنتظرة لأوجلان ثم سوف يليها بيان هام له شخصياً اي (مظلوم عبدي)
و نقل الصحفيون الإيطاليون عن عبدي قوله : « نعتقد أن كلام “أوجلان” سيكون أغلبه يخص شمال شرق سوريا ، لدى أوجلان الكثير فكل شيء مترابط هنا».
على جبهة اخرى أشار قائد الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني إلى أن الحوار مع الحكومة الجديدة في دمشق جزء من عملية تفاوض أوسع ، يُشار إلى أنه بالإضافة إلى المفاوضات بين هيئة تحرير الشام و قوات سوريا الديمقراطية ، و التي يلعب فيها حزب العمال الكردستاني و ميليشياته /وحدات حماية الشعب/ دورا رئيسيا ، فكذلك أنقرة و واشنطن لهما تأثير حاسم على هذه العملية و كذلك “موسكو”.
كما يؤكد حزب “ماركا التركي” تاريخ 15شباط موعد اطلالة ٱوجلان (حزب ماركا المقرب من حزب العمال الكردستاني) ، يعتزم عبد الله أوجلان توجيه دعوة لنزع السلاح في الذكرى 26 لإعتقاله و تسليمه إلى تركيا.
وكانت عرضت القنوات التلفزيونية التركية لقطات لزعيم حزب العمال الكردستاني و هو مغطى راسه كاملا بالاسود أثناء الزيارة الثانية للسجن في جزيرة “إمرالي” ، من قبل نواب حزب “ديم سيرا سرييا أوندر وربيرفين بولدان” ، قاموا بتسجيلات صوتية لبعض أقوال أوجلان ، و التي نقلوها لاحقا ليس فقط إلى قيادة حزبهم ، و لكن أيضا إلى هياكل حزب العمال الكردستاني التنظيمية في جبال قنديل ، و كذلك إلى قادة وحدات حماية الشعب و حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا.
الأكراد لاشك ينتظرون كلمة أوجلان..
الذي سبيل بفيديو، و يطلب أيضا إمكانية إشراك مسؤول حكومي رفيع المستوىان يظهر بجانبه ، لكن حتى الآن فإن السلطات التركية وفق المصادر الحكومية لا توافق على خيار تسجيل الفيديو ، انما تريد الكلمة (البيان) خطيا و أن يكون واضحا و نهائيا.
وبحسب المصادر، فإن الدعوة إلى نزع السلاح ستوجه إلى جميع هياكل حزب العمال الكردستاني ، بما في ذلك فروعه في تركيا و جبال قنديل وسوريا و أوروبا.
من المتوقع أن يولي أوجلان اهتماما خاصا للوضع في سوريا و يعبر صراحة عن موقف محدد بشأن الميليشيات العاملة في المناطق الشمالية الشرقية من البلاد ، والتي هي منطقة نشاط وحدات حماية الشعب/حزب الاتحاد الديمقراطي.
بعد ظهور معلومات حول الظهور الوشيك لأوجلان ، بدأت الشائعات تنتشر في وسائل الإعلام التركية حول إمكانية تخفيف ظروف سجنه ، بما في ذلك العفو أو نقله إلى الإقامة الجبرية، و لكن ، تم نفي ذلك من قبل الرئيس التركي أردوغان بشكل قاطع وان هذه مجرد شائعات خلال اجتماعه مع نواب حزب العدالة والتنمية ،لا الإقامة الجبرية! أكد أردوغان علاوة على ذلك إنه “أوجلان” لا لإطلاق سراحه و لن يكون هناك إقامة جبرية ، ولا عفو! لا يمكن أن يكون هناك عفو عن قاتل الأطفال!” ولكن تعودنا على هكذا مواقف خلبية فلا تعكس الحقيقة كما كان سابقا..
*كم انتظر أهل غزة جيشه (جيش محمد) منذ عام و نصف وصل كاراباخ و إفريقيا و لم يصل غزة …هل تذكرون .؟*
اذاً أردوغان يعلن حكمه مسبقاً ، و في 15 من الشهر السابق ، متحدثا في اجتماع للمجموعة البرلمانية للحزب الحاكم ، أكد أردوغان أن الوضع الدولي و الإقليمي يتطور بالطريقة الأكثر ملائمة و في مصلحة تركيا، و تابع الرئيس إردوغان : « أين سيكونون يقصد /حزب العمال الكردستاني/ أينما كانوا ، فإن تدمير هذه المنظمة الإرهابية ليس سوى مسألة وقت و لحظة استراتيجية ” ثم ظهر شيء جديد في كلامه حيث اشار و لأول مرة أنه يتم بذل جهود متعددة لنزع سلاح ميلبشيات حزب العمال الكردستاني ،اذاً أنقرة أقرت من حيث تنفي ان عملية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني و وحداته المقاتلة لها أبعاد إقليمية و دولية و أن” هذا مشروع يتجاوز شخصية وقرار أوجلان” منفرداً.
وفقا للخبراء، بعد الإطاحة بالنظام السوري ، و كذلك في سياق المفاوضات مع الحكومة السورية الجديدة قد تستجيب وحدات حماية الشعب/حزب الاتحاد الديمقراطي/ بشكل إيجابي لدعوة أوجلان،أما خلاف ذلك فالمسألة ما يدعي ستكون مسألة وقت فقط قبل أن تطلق تركيا عملية عسكرية التي تلوح بها منذ نصف عام تقريبا في شمال سوريا.
اذا النظام التركي ينتظر ضوء اخضر امريكي لمثل هكذا عملية ستكون حرب موصوفة لان “قسد” العسكرية عبارة عن جيش مدرب و كثير العدد العناد بمئات و لا يخفى على رأس النظام التركي أن النظام السابق فتح لهم مخازنه اي ترك له قضية بحجم وطن في بداية الاحداث السورية – أعتقد ليس عن عبث – إنما المعاملة بالمثل و اردوغان الدائم القلق من تعاظم قوة المنظمات الكردية ، فاليوم ثنائية ٱوجلان– مظلوم لا تُقارن بقوة مسلحي ٱوجلان الثمانينيات ، من يقف وراءهم اليوم في المنطقة يعرفهم التركي جيدا فهم ورقة امريكية غربية، خليجية(امارتية-سعودية) و روسية و غير مستبعد دخول طهران على الخط قريباً.
قد يذهب بإردوغان غروره إلى الحرب و لكن يعلم أن قرار حل مشاكل المنطقة و بالتحديد/ شمال شرق سورية/ ليس القرار بين يديه وحيداً و لو جلس مؤقتًا (خليفته) يشرب الشاي على قمة قاسيون.
كاتب سوري مقيم في موسكو